الإفتاء.. قول "احنا زارنا النبي" مجازي وليس حقيقة
أجابت "دار الإفتاء المصرية" عبر موقعها الرسمي ردا علي سؤال يطلب فية السائل الحكم الشرعي لمقولة "احنا زارنا النبي" لأن بعض الناس أوضحه له "أن يتقي الله في ألفاظك فهذه العبارات تخالف العقيدة،فهل تساوي زيارة أحد بزيارة النبي "عليه الصلاة والسلام".
جاء الرد بفتوى تحمل رقم "7435" كالآتي:- اعتاد الناس في مصر المحروسة وغيرها قول: (احنا زارنا النبي) لمن أتى لهم زائرا، ومراد القائل بذلك: إدخال السرور على الزائر بإظهار رجاء حلول بركة النبي صلى الله عليه وآله وسلم في المجلس عند مجيء هذا الزائر، وهذا من أحب الأعمال إلى الله سبحانه وتعالى؛ لما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِنَّ أَحَبَّ الْأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ بَعْدَ الْفَرَائِضِ إِدْخَالُ السُّرُورِ عَلَى الْمُسْلِمِ» أخرجه الطبراني في معاجمه: "الكبير" و"الأوسط" و"الصغير".
فهذا القول من العادات الحسنة، التي فيها جبر خاطر الزائر وإدخال السرور على قلبه؛ لأن ذلك الشخص لم يجد من العبارات ما يعبر به عن مدى سعادته بزيارة ذلك الضيف، سوى أن يشبهه وكأنه قد هلَّ عليه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وهو أمر مستحسن شرعًا؛ فإنَّ التعود على مثل هذا القول يثير لواعج القلوب، ويبعث الهمم الكوامن والعزائم السواكن إلى أشرف الخلائق، ويزيد من اتصال الأمة بنبيها صلى الله عليه وآله وسلم؛ فإن المسلمين تهفو نفوسهم إلى زيارة سيد المرسلين وخاتم النبيين ورحمة الله للعالمين صلى الله عليه وآله وسلم، وإلى ذكر اسمه الشريف، والتعلق به؛ فيُدخل القائل بذلك السرور على قلب أخيه المسلم، وقد قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ لَقِيَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ بِمَا يُحِبُّ لِيُسِرَّهُ سَرَّهُ اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» أخرجه الدولابي في "الكنى والأسماء"، والطبراني في "المعجم الأوسط" من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه.
وهذه الكلمة ممّا جرى بها العرف، وإن الشارع قد راعى أعراف الناس وعوائدهم، فجعلها معتبرة، بل استحسنها ما لم تخالف نصًّا؛ فقال تعالى: ﴿خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ﴾ [الأعراف: 199]، وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَا رَأَى الْمُسْلِمُونَ حَسَنًا، فَهُوَ عِنْدَ اللهِ حَسَنٌ، وَمَا رَأَوْا سَيِّئًا فَهُوَ عِنْدَ اللهِ سَيِّئٌ» أخرجه الإمام أحمد في "المسند"، والطبراني في "المعجم الأوسط" وصححه الحاكم في "المستدرك".
ولا ريب في أنّ مَن يقول هذه الكلمة لا يقصد بها المعنى الحقيقي، وهو أنّ الزائر هو ذات الجناب النبوي الشريف صلى الله عليه وآله وسلم وإنما يقصد معنى آخر لا يتبادر إلى الذهن غيره، وهو التعبير عن الترحيب بالضيف، والحفاوة به، وحسن إكرامه، بالتبرك باسم النبي صلى الله عليه وآله وسلم عند حلول هذا الضيف؛ ممّا يزيد الضيف فرحا واستبشارًا".