حامد بدر يكتب: "السيدة الوحيدة.. خاطرة لا تنتهي"
أحارُ كثيرًا في أن أصف السيدة الوحيدة التي تستحق، السيدة التي لا تتبدل، التي تكون ما أكون، إلا أنني لا أزال شاردًا، أرسم لها في كل لحظة صورة تارة بريشة الرصين، وأخرى برتوش ألوان الجنون، فلا أستقر على مبدأ ولا أجدُ لنفسي مخرجًا من هذه الدوامة التي وضعتُ نفسي فيها. على صفحات إحدى المواقع الخدمية التي توفِّرُّ تطبيقًا للباحثين عن الغرائب والعجائب، والتي يحترفُ كاتبوها الردود على الخواطر والمشكلات، يجيبون جلست أخوض التجربة عساي أجدث مُبتغاي، كنت أدق على مفاتيح الحاسوب، بكل كلمة أقصدها، فانا الباحث عن المرأة التي لا ينتابها تغيُّر، مهما طال الزمن أو مرَّت سنونه، أبحثُ عن تلك الدائمة المستديمة، التي تبقى ديمومتها ما إن بقيت أو رحلت.
خيال ينزف خيالًا
كتبت في خانة الاستعلام بحثٌتُ عن السيدة الوحيدة، وكتبتث وصفًا من الخيال: "أرسمها ملاكًا، لكن تمرُّدٌ يكسر الحياء، أرسمها شرسة إلَّا أنَّ سليقة تنسف ذلك الشرير الذي تخيلت، لتبدو البراءة، فهذا الكائن العجيب الرقيق الجميل الحَمُول الضعيف، الذي اجتمعت فيه متناقضات متناغمات لا يفتأ يشغلُني، في كل يوم وليلة، إنني لا أبحث عن عشق، ولا عن حُلمٍ وردي، لا أبحث حتى عن فينوس، التي اجتمعت فيها الرغبةً والحُب، فكما قثلت أبحث عن المستديمة"
إنَّها المرأة يا عزيزي
جاءني الرد سريعًا من إحدى المسؤولين، عبر بريدي الإلكتروني، وكأنه كان يكتب بشغف الذي يودُّ اللحاق بي قبل أن أغادر:
"مرحبًا عزيزي"
المرأة يا صديقي في كل وقت هي المرأة، إن حننت عليها كانت منبعًا من العطاء، ولو عاملتها كابنتك تهبك تقدير الأب، هي تكون ما تكونُ عليه أنت، سوى بعض الاستثناءات، قد تجعلك ملِكًا مُتوَّجًا، وربما في لحظة أخرجتك من قصرها البلوري المزركش، نحو ساحات تقاتل فيها الخواطر قبل المخاطر، تُعليك ما تُعلِيك، ما دام أنت على عهد لا تقطعه، بتقديس تبديه لا تخفيه، تواصل إثباته وهوحقٌّ لها، وليس لك.
يا عزيزي، ربما وجدثُ طلبك، ولكن اعلم في قانون العلاقة، الحب بالحب، والعشق بالعشق والودادُ بالوداد.. والبادي أكرم. فمقدار الفائدة يأتي مرتبطا بالاطراد مع مقدار العطاء، وإن اختلف لكن شريطة أن تظل بكامل مشاعرك حالًّا لا يرحل، مقيمًا لا يغادر، حتى الديموة التي تطلبها يجب أن تؤديها أنت أولًا لها، فالمبادلة هي أصلُ العلاقة بالسيدة الوحيدة التي تبحث عنها.
لكي تعطي لك قلبها، عليك أن تسلِّم كل مفاتيح قلبك، ولكي تهديك سلامة النوايا، عليك أن تكون ذو عقلٍ حَذِر، هي كائنٌ هيِّن لكنه على هونه لا يلين بتلك السهولة، جميل الطلَّة لكنه عظيم البهاء وربما استكبر رُغم التواضع، سُكرٌ لكنه لا يذوب فيك ولو صرتَ بحرًا، فكُن لُجّة لا تغرق هي فيها.
بحثُك عن السيدة الوحيدة التي لا تتغير يقف على طبيعة تفكيرك أنت إن أردتها لا تتغير فلا تتغير، إن أردتها لاتتبدل فكن على مبدأ الثبات، إنها المستحيلة يا عزيزي.
ولكن نسيت.. الوحيدة التي ستقوم بالاستغناء عن هذه القاعدة أمِّي وأمُّك.. إنها المنبع الذي لا ينتهي أبدًا، إنها اللُّجَّة التي لن تغرقُ فيها بل سماءٌ فيه تسمو.