باحثة تتوصل لعبقرية المصري القديم في علم الفلك ببحث ينال درجة الماجستير
كشفت الباحثة بسمة محمد الأسمر، من خلال دراسة قدمتها لنيل درجة الماجستير في الفنون، والتي جاءت بعنوان «المشاهد الفلكية الجدارية في الدولة الحديثة والعصر المتأخر»، أن المصري القديم كشف تأثير حركة الأجرام على حياته وجعلها متضمنة في عقيدته وجسدها في شكل كيانات مقدسة «نترو» كتصوير نجم الشعرى اليمانية التي تمثلها «إيزة» في وضعية حاملة القرابين.
وقالت الباحثة إن الفن الرسمي في مصر القديمة كان فنًا مقدسًا لا يقبل التغيير وقل أن حدث بعض التغييرات الخاصة بالسمات الفنية كما حدث في عصر العمارنة من تجاهل للعديد من الصور الخاصة بالكيانات المقدسة رغم استمرار الإهتمام برصد الفلك.
وأشارت إلى أنها تناولت من خلال الدراسة التعرف على سبب تنوع الرموز المرتبطة بكل عنصر وتناقضه في المعنى بالإضافة للسرد الغير منطقي للأساطير فهذه الرموز هي تعبير عن ظواهر كونية تحمل تأثيرات إيجابية في توقيتات معينة وتأثيرات سلبية في توقيتات أخرى.
وتابعت بسمة الأسمر قائلة، لذا نجد كيانات مقدسة مثل أوزير وست وسخمت، تحمل دلالات متناقضة، فأوزير الذي يرمز للفيضان والخضرة، يرمز للموت أيضًا في المقابل، أما ست فهو عدو أوزير وهو رمز الظلام والفوضى وفي المقابل هو الحامي لرع ضد أبو فيس، أما سخمت فهي الغضب الذي يصيب الأرض بالجفاف والأوبئة في فترة أيام النسئ، ولكن بما لها من قوة فهي الحماية لرع ضد أعدائه، وهي أيضًا التي تهدأ لتتجسد في شكل القطة باستت الوديعة.
وأضافت أن الدراسة وصلت بها إلى أن بعض المشاهد الأسطورية والجنائزية يمكن تفسير رموزها من جهة عقائدية أو فلكية فنجد عدد من المشاهد الجنائزية والأسطورية تحمل في ذات الوقت دلالات فلكية مثل مشهد التحنيط وحساب المتوفي والإنتصار على عدو الشمس أبو فيس وحمل إيزة بحور وخروج العجل من بين شجر الجميز.
وكما توصلت أيضًا من خلال دراستها أن المصري القديم استخدم رموزًا هندسية لوصف العناصر الغير مرئية في الكون مثل تصوره عن حد العالم الآخر كخط منحنٍ، أو توظيف شكل المثلث في وصف مكان عبور الشمس بين العالمين الأرضي والسماوي، وتتضح العلاقة المترابطة بين العقيدة والفن وعلم الفلك، بالإضافة للمرونة التي أبدعها المصري القديم في صياغة الرمز وتوظيفه في موضوعات مختلفة، ولكن تشترك جميعها في كونها ذات أساس فلكي، تتعلق بالدين والأساطير والتنظيم الإداري من خلال تقسيم مصر إلى أقاليم مثل الرمز الذي أخذ شكل لبؤة يرتفع ذيلها ويتقوس إلى الأمام، فنجد هذا الرمز قد وظف في ثلاث موضوعات مختلفة، فهو العلامة التصويرية للربة ماتت، وهو شكل سرير التحنيط، وهو الشعار العشرون من مصر السفلى.
وكان من مظاهر هيمنة رع في العقيدة تعدد الرموز المرتبطة به، والتي تعد وصف دقيق لحركة الشمس، فتجسدت الشمس خلال فترة النهار في ثلاثة صور هي خبري ورع وآتوم ثم أوزير كمرحلة رابعة في الليل، بالأضافة لعلاقة الشمس خلال دورتها السنوية بالأبراج مثل مجموعة الأسد، وكذلك إتجاه حركتها الممثل في علاقتها بنوت خلال العام لوصف طريقها خلال شهور معينة. وبذلك يظهر مدى تأثير الشمس في البيئة المصرية والذي أدى بالتالي لاكتساب رع الهيمنة في العقيدة المصرية بجانب تأثير فيضان نهر النيل الذي يبشر به ظهور سوبدت عند الأفق الشرقي قبيل الفجر.
وقد انعقدت لجنة برئاسة الأستاذ الدكتور محمد نبيل مصطفى حسن الأستاذ بقسم تاريخ الفن بكلية الفنون الجميلة جامعة حلوان، والأستاذ محمد السيد العلاوي أستاذ متفرغ بقسم النحت بكلية الفنون الجميلة جامعة حلوان مناقشًا، والأستاذ الدكتور عزت زكي حامد قادوس استاذ الآثار بكلية الآداب جامعة الإسكندرية مناقشًا، وذلك بمقر كلية الفنون الجملية بالزمالك حيث ناقشت اللجنة الباحثة، وقررت أن تمنحها درجة الماجستير عن بحثها في الفنون.