ربيع جودة يكتب: أنبوبة أمير
قامت من نومها.. ولعلها لم تنم.. تفكر ما الذي تقوله لإدارة المدرسة.. بعد أن حددت لها اخر موعد لدفع مصروفات طفلتها.. بينما والد الطفلة.. الذي انتهت منه جينات الرجولة.. بعد أن طلقها.. يغط في نومه مستمتعًا بحياته الجديدة.. تاركًا خلفه حقوق ابنته وطليقته.. ولا أدري ماذا حكي له ابليس.. حتي استطاع النوم وقلبه مطمئن هكذا.. ولا يدري أن ابنته التي حرمت من التعلق بذراعه في الدنيا يداعبها ويلاعبها.. ستتأتي معلقة برقبته يوم القيامة..
قامت الأم تخفي أنينها.. وقد أصبحت أمًا وأبًا.. تعد حقيبة ابنتها.. وتصفف شعرها وتضع حلية في خصلتها.. وهي تغني لها.. واصفة جمالها ورقتها.. وداخلها جحيم الحيرة.. ماذا تفعل في المدرسة.. وهل تستجيب المديرة لرجاءها بمد فترة السماح للمرة الثالثة.. وماذا لو رفضت.. قالت البنت.. وقد رأت في عين أمها دمعة غارقة.. تخفيها دندنة الصباح التي تعكرها الحيرة.. ماما انا عارفه انك زعلانه.. عشان الجواب اللي جه من المدرسة.. انا مش عاوزة اروح المدرسه تاني..
أمسكت الام كتفيها.. ونظرت في عينيها.. قائلة وبكل قوة.. تربط علي قلب ابنتها.. أوعي اسمعك تقولي كده تاني.. انا افديكي بروحي.. والحاجات دي انتي مالكيش دعوة بيها.. وسرعان ما غيرت الموضوع.. هتلبسي إنه ي كوتشي.. طبعًا هتقوليلي الابيض.. قالت الطفلة ضاحكة.. طبعًا..
قالت وهيا تضعه في قدمها. ما سر حبك للكوتشي ده بالذات.. ده قرب يتقطع.. قالت عشان ده كان جايبه بابا. سكتت الام وانطلقت بها إلى الشارع.. لكن قبيل المدرسة.. انقطع الحذاء من الأمام.. قالت الأم.. شوفتي عشان تبقي تسمعي الكلام.. وتلبسي حاجه تانيه.. حزنت الفتاة جدا.. لكن أمها تداركت الموقف.. وقالت بضحكه طب ما تزعليش. انا هجيب ( أمير ) وهلزقه.. وابقي اخيطه بعدين.. أحضرت الأمير من المكتبة ولم تجد ما تفتح به الأنبوب. فحاولت بفمها.. فخرجت دفعه من الأمير.. علي شفتيها.. فالتصق فمها تمامًا.. حاولت بكل طريقه فتح شفتيها فلم تستطع.. وقد تأخر الوقت.. فدخلت المدرسة مسرعة. ولسوء الحظ كانت المديرة بالخارج.. فسلمت عليها واصطحبتها إلى المكتب.. تسلم عليها وتسألها.. ماذا تفعل حيال المصروفات واجبة الدفع.. لكنها لا تجيب.. ولا تنطق ولا تحرك ساكنًا.. تعاود المديرة الأسئلة.. وهي لا تنطق ابدًا. حتي قالت المديرة.. وقد أدركتها الشفقة.. ما تعمليش ف نفسك كده.. أنا متفهمة موقفك.. وعارفه حجم المعاناة اللي انتي فيها.. عشان كده انا هقدم طلب اعفاء من المصاريف السنادي.. وهمضي عليه بالتزكية.. بس عشان خاطري بلاش السكوت ده.. انتي لازم تكوني قوية عشان بنتك.. خطر عليكي الصمت ده يا حبيبتي.. مسحت علي يديها.. مطمئنة إياها بتأثر شديد.. بينما الأخرى اقسم الأمير عليها بالصمت المحكم.. وكأنه يقول.. دعي الأمر لي.. فأنا الأمير أيتها الجميلة.. نظرت إلى الأنبوب في يدها تشكره.. لكنها ترجوه أن يطلق سراح شفتيها.