أكاديمي بجامعة عدن يتحدث لـ "الفجر" عن الظاهرة الحوثية في اليمن من حيث الأسباب والارتباطات والنتائج
عقب الدكتور صالح طاهر سعيد أستاذ الفلسفة السياسية المساعد بكلية الاداب بجامعة عدن حول الظاهرة الحوثية في اليمن من حيث الأسباب والارتباطات والنتائج.
وقال طاهر في تصريحات خاصة لـ "الفجر" بأن الظاهرة الحوثية في اليمن تمثل جزء من الافرازات الجيوسياسية للمنطقة العربية، ويصعب فهمها دون فهم امتداداتها الجغرافية والتاريخية، فهي مستنبتة في خاصرة الأمة، لكنها تدار من خارجها لخدمة المصالح المناهضة للأمة العربية.
وأضاف الأكاديمي بجامعة عدن بأنه الأمة العربية تقوم على عمودين هما: واحدية العروبة، وواحدية الدين “الإسلام”، والعلاقة بينهما علاقة الحامل “الأمة ” بالمحمول “الإسلام ”، وهي علاقة وجود، حيث لعب الإسلام دورًا استثنائيًا في توحيد الأمة ولعبت الأمة العربية دورًا محوريًا في تبني الإسلام ونشره ومن ثم فالعلاقة بينهما علاقة الحق بالقوة، وهي علاقة تكاملية. وبتكاملهما كانت الأمة العربية القوة الأعظم على وجه الأرض ثم توالت المخططات الأجنبية لضرب الأمة ابتداء بضرب العمود الأول “العروبة”، بعد ذلك يأتي الدور على ضرب العمود الثاني “الإسلام ”.
وأكد في حديثه لـ "الفجر" بإنه بعد الخروج العثماني من الأرض العربية كان يفترض أن يعاد بناء الأمة ويقوم اتحادها السياسي، إلا أن أحداث الحرب العالمية الأولى وتحالفاتها ونجاح الخديعة الاستعمارية الغربية حولت المنطقة العربية إلى دوائر نفوذ “مستعمرات” تقاسمتها الدول الاستعمارية فضربت واحدية الأمة ومهدت للتطور المنفصل للشعوب العربية عن بعضها البعض و فتحت الحرب العالمية الثانية وظهور التوازن الثنائي العالمي آفاق جديدة أمام العالم العربي.
وتابع: حيث انهار النظام الاستعماري وحل محله نظام دولي جديد، تمكنت فيه الشعوب العربية من نيل استقلالها وقيام دولها الوطنية الكاملة السيادة وشغل موقعها في بنيان النظام الدولي الجديد وقامت الجامعة العربية، مثل كل ذلك فرصة حقيقية أن يتجه مسار التطور السياسي للأمة صوب التعاون والتكامل بين شعوبها لتصل إلى بناء الاتحاد السياسي للأمة، إلا أن ذلك لم يحدث، فذهبت صوب الوقوع في شباك الاستقطاب الدولي، وانقسمت الدول العربية إلى مجموعتين: مجموعة تابعة للقطب الأمريكي وأخرى تتبع للقطب السوفيتي، وكانت علاقة المجموعتين محكومة بعلاقة التصادم التي كان عليها واقع حال قطبي المعادلة الدولية.
وأشار بأنه كشف انهيار التوازن الدولي في عام 1990 من القرن الماضي عن هشاشة التبعيات في النظام الإقليمي العربي وانهارت الدول العربية واحدة تلو الأخرى، حيث دخل العرب ومن بينها اليمن مرحلة جديدة عنوانها تفكيك الشعوب والدول العربية، وهذه هي المرحلة الثانية في مسار ضرب الأمة العربية، فبعد ضرب الكل العربي في الحربين العالميتين الأولى والثانية، الان يأتي الدور على ضرب أجزائه بالانتقال من ضرب وتفكيك الأمة إلى ضرب وتفكيك شعوبها.
وأوضح: للمرحلة الحالية في مسار ضرب وتفكيك الأمة العربية وشعوبها مفاهيمها وأدواتها، حيث ظهرت مفاهيم “الشرق الأوسط الجديد “ ومفهوم “الفوضى الخلاقة “ والمفاهيم ذات الطابع المذهبي والعرقي، ومفهوم الفوضى الخلاقة يحمل في مضمونه وظيفتين: وظيفة الهدم ”هدم للبناء القائم على طول وعرض العالم العربي” والتأسيس للبناء الجديد الذي ينبغي أن يحل محله ”الشرق أوسط الجديد ” المكون من الكانتونات المذهبية والعرقية المتناحرة التي يسهل السيطرة عليها التي تصل إلى مايقرب الستين كيان بدلا من 21 دولة عربية.
وقال أيضًا إن المذهبية والعرقية اعتمدت على أدوات لإشعال المنطقة وتفكيك شعوبها دولها تحت عنوان عام تم اختياره بعناية “ الفوضى الخلاقة ”تهدم الوجود وتلد البناء الجديد، كما تم ابتداع مصطلح الإرهاب وتم توصيفه بأنه عربي الانتماء اسلامي الفكر، وإعلان الحرب على الإرهاب التي هي في الواقع حربا على العالم العربي بكل شعوبه ودوله ووجهت هذه الحرب لضرب. العمودين: العروبي بواسطة العرقية والإسلامي بواسطة المذهبية، ولوضع هذا المشروع حيز التنفيذ تم نبش المفاهيم أو المسميات العرقية عربي، كردي، امازيقي، ومفهوم المهمشين والمسميات المذهبية سني، شيعي، صوفي، جهادي، أنصار الله وأنصار الشريعة، زيدي، اباضي، اثنعشرية الخ، ولتقليل التكلفة ارادوها حروب بالوكالة حيث جرى ويجري استخدام الدول المحيطة بالعالم العربي لتكون أدوات لتنفيذ هذا المخطط. حيث دفعت تركيا لدعم اتباع المذهب السني واجنحتهم العسكرية، وإيران لدعم اتباع المذهب الشيعي واذرعهم العسكرية، فيما تعمل كل من إسرائيل وإثيوبيا على تشجيع وتحريك العرقيات للنهوض ضد دولها الوطنية والخروج من مبدأ الوطنية وتغليب الانتماء للأعراق.
وفي حديثه أيضًا قال إن امتدادًا لكل ذلك نشأت الظواهر الغريبة على مجتمعاتنا العربية المتمثلة في حركات الأعراق والمذاهب في العديد من الدول العربية الحوثيون في اليمن، الحشد الشعبي في العراق، حزب الله في لبنان، الأكراد في سوريا والعراق، والامازيغ في الجزائر وبلدان المغرب العربي والحركات "الجهادية" وأحزاب التعصب السني وعلى تعددها المذهبي والعرقي والايديولوجي لايخرج حراكها عن الفكرة العامة التي فصلت وانشأت من اجلها وهي خلق الفوضى والحروب والأعمال الإرهابية وتحويل جغرافية الشعوب العربية ومجتمعاتها إلى ساحات للجرائم والدمار.
تتشارك ثلاث حلقات في تنفيذ هذا المخطط:
1- حلقة الفكرة والتخطيط.
2-حلقة الوكلاء (الوسط) وهي القوى الإقليمية المحيطة بالعالم العربي.
3- حلقات التنفيذ.
لنأخذ النموذج اليمني بالنسبة للحلقة التنفيذية، حيث تتشارك فيها ثلاثة مكونات يأتي الحوثيون على رأسهم، وهم:
1- الحوثيون (الشيعة).
2- التجمع اليمني للإصلاح ( الإخوان المسلمون ).
3- الاحرار السود، أو من يسمونهم المهمشين.
واختتم حديثه بأن الأساس المذهبي والعرقي يقع في صلب هذه التكوينات هذه التكوينات ذات الطبيعة المذهبية والعرقية مثلما كانت مثيلاتها في الماضي أدوات لضرب الأمة واتحاد شعوبها، فهي تؤدي نفس الدور لضرب الشعوب المكونة للأمة، فبعد ضرب الكلي العربي يتم ضرب أجزائه، ضرب هوية الأمة وضرب الهويات الوطنية لشعوبها.
وتم اختيار مفهوم الشرق الاوسط لضرب الهوية العربية للأمة في بداية القرن العشرين واليوم يتم اختيار مفهوم الشرق الأوسط الجديد في بداية القرن الواحد والعشرين لضرب الهويات الوطنية العربية للشعوب العربية ويتم الترويج لما يسمونه بالديانة الإبراهيمية تتأسس عليها المنطقة كلها بدلا من عمودي العروبة والإسلام وستستمر الحروب والصراعات والجرائم وإعاقة الوصول لأي سلام مابقي المشروع الجهنمي المخطط له مستمر ومفاتيح التحكم به وبأدواته التنفيذية خارج العرب ودولهم الوطنية وقواهم الحية، فهل سيصحى العرب بكل شعوبهم ودولهم ويستعيدوا زمام المبادرة وينهضوا لإفشال ما يحيط بهم من أخطار باتت تهدد وجودهم وكينونتهم.