طريقة احتفال المصريين القدماء بعيد الأم
كشفت دراسة للدكتورة سهام عبد الباقى محمد باحثة أنثروبولوجية بكلية الدراسات الإفريقية العليا بجامعة القاهرة عن احتفالات عيد الأم فى مصر القديمة، وهذا ما نوضحه لكم في هذا التقرير.
لقب المصري القديم للأم
وتوضح أن المصرى القديم لقب الأم بلقب "نبت بر" أي ربة البيت وقد احتفل المصريون القدماء بعيد الأم آخر شهور فيضان النيل وهو شهر "هاتـور" في التقويم المصري القديم وهو وقت خصوبة الأرض في مصر، ولقد شبه المصريون القدماء الأم بنهر النيل الذي يهب الحياة والخصب والخير والنماء، ووثقت إحدى البرديات التى يرجع تاريخها إلى خمسة آلاف عام ق.م إحتفالات عيد الأم حيث والذي يبدأ مع شروق الشمس.
طقوس الاحتفال بعيد الأم
ومن طقوسه عند المصريين القدماء تزيين غرفة الأم بالزهور وتقديم التماثيل المقدسة لها كتمثال "إيزيس" تحمل ابنها حورس وتقدم إليها هدايا من العطور والزيوت العطرية والملابس، كما كانت الأم تحرص على نظافة طفلها وحمايته من الأمراض والحسد فكانت تستعمل التمائم والتعاويذ التي كان يلبسها الطفل حول رقبته وتذهب به إلى الكهنة من أجل رقيته، ويلقى خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمى بجنوب سيناء بوزارة السياحة والآثار الضوء على هذه الدراسة.
وأشار إلى بطاقة تهنئة بعيد الأم سجلتها أحد البرديات كٌتب بها "اليوم عيـدك يا أماه، لقد دخلت أشعة الشمس من النافذة لتقبل جبينك، تبارك يوم عيدك، واستيقظت طيور الحديقة مبكرة لتغرد لك في عيدك، وتفتحت زهور اللوتس المقدسة على سطح البحيرة لتحيتك، اليوم عيدك يا أماه فلا تنسي أن تدعو لي في صلاتك للرب.
ويضيف أن تلك البردية تعكس أن الأم بالحضارة المصرية هى سر رضاء الآلهة وإنه ا مستجابة الدعوات، وكانت الحضارة المصرية من أبرز الحضارات فى تعظيم مكانة الأم وتقديسها منذ بداية الأسرات، وأسبقها فى الإحتفال بعيد الأم والذى انتقل بعد ذلك لمعظم الحضارات من باب محاكاة الحضارة المصرية القديمة وقد تجسدت احتفالات عيد الأم في تحديد يوم سنوي للإحتفال بإيزيس رمز الأمومة والزوجة الصالحة في الديانة المصرية القديمة وتخليدها على شواهد المعابد والأساطير والبرديات المقدسة، كما تضمنت المعتقدات الدينية المصرية العديد من الآلهة من الأمهات كالحتحورات السبعة الحاميات للمولود والأم، وصورتها العديد من التماثيل تقوم بإرضاع طفلها كالآلهة "تاورت" ربة الحمل والولادة والخصوبة، فضلًا عما تضمنته وصايا الحكماء من قيم احترام للأم وتبجيلها.
ويشير الدكتور ريحان من خلال الدراسة إلى أنه لم يرتبط تقديس المصريين القدماء للأم بكونها ملكة تحكم مصر أو إمرأة من عامة الشعب، فالأم هى الأم مهما كانت مكانتها الاجتماعية وقد وثّقت لنا الحضارة المصرية القديمة جانب من علاقة بعض الملوك وارتباطهم بأمهاتهم منهم الملك رمسيس الثاني الذى منح أمه الملكة "تويا" تكريمًا ملكيًا كبيرًا، وهى زوجة الملك سيتي الأول والتي عاشت حتى تنصيب أبنها الملك رمسيس على عرش والده، وقام ابنها الملك رمسيس الثاني بدفن جثمانها بين ملوك مصر العظام في منطقة وادي الملوك بجبانة طيبة في غرب مدينة الأقصر من قبيل التكريم والتشريف لها، بينما أقام مقبرة زوجته الملكة نفرتارى بين الملكات والأميرات في منطقة وادي الملكات لتحظى بمقبرة أدنى منزلة من مقبرة أمه مما يعكس لنا شدة حبة لأمه وحرصه على إكرامها، ومن النماذج الأخرى الملك أمنحوتب الرابع الشهير بإخناتون والذى جمعته بأمه الملكة تى علاقة خاصة ورعم أنها لم تكن ذات أصولًا ملكية فقد كانت ابنة يويا كاهن الإله مين رب الخصوبة وأمها تويا رئيسة حريم الإله مين بأخميم وقد كانت الملكة تى من أعظم ملكات مصر الفرعونية، كما لعبت دورًا كبيرًا فى مساندة ابنها الملك فى أمور المملكة إقتصاديًا وسياسيًا، وكانت نائبة عنه فى الاحتفالات، لدرجة أنه كان يكتب اسمها فى المرسلات الدولية، كما لم تعارض ابنها الملك من عبادة آتون رغم استمرارها على عبادة آمون مما أجل غضبة كهنة آمون على إخناتون، إكرامًا للملكة تى التى استمرت على عقيدة عبادة آمون وأجزلت الهبات والعطايا للكهنة لتمنعهم من إيذائه مما يعكس لنا قوة العلاقة بين الملكة وابنها الملك.