يارا ثابت تكتب: هل نحن حقًا بشر؟!!!
إن المتأمل لطبيعة خلق الإنسان، ليراه مختلفًا اختلافًا جذريًا عن سائر المخلوقات ولا سيما الحيوانات وذلك من حيث الشكل والطبع يختلف البشر عن الحيوانات اختلافًا خلقيًا وخُلقيًا وفسيولوجيًا ونسوق مثلًا بسيطًا لتوضيح الأمر.
عندما تتأمل الحيوانات المفترسة مثلًا كالأسود والنمور وهي تفترس فرائسها وتشعرك بألا رحمة لديها ولا شفقة في طبيعة خلقتها إنه ا حين تفترس إنما هي تفعل شيئًا غريزيًا حسب طبيعة الخلقة فهي لا تشعر بالذنب مثلًا تجاه فرائسها ولا يرق قلبها تجاهها وإلا لما اصطادتها منذ البدء فهذه الحيوانات تشعرك بالعدوانية الشديدة والبهيمية الشرسة التي لا رحمة فيها ولا عاطفة.
وعلى النقيض من ذلك ترى تلك الحيوانات المفترسة وهي ترضع صغارها أو تحنو عليها ترى فيها الأمومة في أسمى وأرقى معانيها.
يالله لهذه الحيوانات! واعجباه من هذه الكائنات! تحمل داخلها كمًا هائلًا من القسوة بجانب كم هائل من الرحمة، أما في عالم البشر فالأمر يختلف تمامًا؛ فمخزون الرحمة لدى البشر أكبر كثيرًا من مخزون القسوة وهذا ليس زعمًا فإن أجريت استبيانًا بسيطًا على نسبة من البشر لأدركت صدق كلامي.
العاطفة عند الإنسان جياشة، الرأفة والرحمة والرفق صفات بشرية محضة تتخللها من حين لآخر بعض الصفات البهيمية مثل حب السيطرة والأنانية أو حتى الافتراس ولكنها ليست على الدوام هي لحظات حينية فقط تمر على الإنسان؛ ولكنه ما يلبث أن يلفظها ويطردها عن تفكيره.
ولكن هناك نوع من البشر تغلب عليه الطبائع البهيمية والغرائز الحيوانية فتسيطر عليه سيطرةً تخرجه عن طبيعته البشرية حتى إنه ليتحول مع مرور الوقت إلى حيوان كامل الحيوانية.
أقول: إن هذا النوع قليل نادر، ولكنه موجود.. موجودًا هنا وموجودًا هناك، قد لا يشعر به كثيرون لكنه موجود ولكي أوضح لكم أنه موجود أولًا أذكر لكم بعض صفاته فمن تلك الصفات التي يتسم بها هذا النوع من البشر، العدوانية الشديدة فمن المفترض ومن الطبيعي أن يشعر الإنسان بالحب والأمان والتعايش مع جنسه البشري ولكن هذا النوع لخروجه وشذوذه عن طبيعته البشرية يشعر تجاه جنسه بالعدوانية الشديدة ألا ترى أنه لا يكاد يرى بشرًا إلا وهجم عليه هجومًا شرسًا بدايةً من النظرة العدوانية الحاقدة انتهاءً بالعراك والشتم وقد ينتهي الأمر بالصفع والضرب.
ففي عالم البلطجة وهذا هو مربط الفرس ومقصد حديثنا لا مكان للصفات البشرية الوديعة ولا لعواطفها فمفهوم البلطجة بعيد تمامًا عن كل الصفات الإنسانية، البلطجة والبلطجية لا قلب لهم ولا رحمة ولا شفقة، البلطجة أقرب إلى الحيوانية وغرائزها منها إلى الإنسانية ومشاعرها وليس أدل على ذلك إلا مشاهد العنف التي نراها في مجتمعاتنا فحين تنشب مشاجرة بين فريقين من تلك الكلاب المسعورة يشعرونك أنك تعيش في غابة لا قانون فيها إلا البطش والفتك.
إذًا نحن لدينا مشكلة.. بل لنقُل ظاهرة وهي البلطجة ولكن ألا يوجد حل؟
أنا أعرف من خلال دراستي أن لكل مشكلةً حلًا أو أكثر ولكل داءً دواء، نعم هناك حل لظاهرة البلطجة بل هناك حلول لتلك الآفة التي بدأت تستشري في مجتمعنا.
قد يكون من ضمن الحلول في كيفية التصدي لهؤلاء البلطجية بأن نأخذ على أيديهم وتزج بهم في غياهب السجون أنا شخصيًا لا أراه حلًا سليمًا أو مناسبًا لأننا بذلك نزيد من عدوانيتهم وشراستهم بل من كراهيتهم لكل ما هو بشري، هل نتخلص منهم بالنفي مثلًا إلى أماكن بعيدة، ولكن أخبرني إلى أين؟ ومن سيحتفي بمثل هؤلاء؟.
هؤلاء البلاطجة هم في الأصل بشر؛ ولكن هناك ظروف خاصة غيرت من طبيعتهم البشرية قد تكون هذه الظروف مرتبطة بالنشأة أو البيئة المحيطة أو مشاكل حياتية معينة غيرت من طبيعتهم فغلبت عليهم الحيوانية.
هناك حل قد أراه معقولًا وهو إنشاء دور رعاية متخصصة لهؤلاء البلطجية ترعاهم رعاية نفسية، رعاية اجتماعية تدرس حالتهم بشكل جماعي أو فردي للتعرف على الأسباب والظروف التي دفعتهم إلى البلطجة، قد لا ينجح هذا الحل مع الكل؛ ولكنه قد ينجح مع البعض فتقلل من أعدادهم ونصلح البعض وبذلك نكون قد بدأنا في الحد من المشكلة فهل توافقوني الرأي؟ وأنتم لكم دورًا كبير وإيجابي في ذلك فكروا في حلول أخرى علكم تصادفون حلًا يقضي على تلك المشكلة.