بعد نجاح التعديل الـ13 للإعلان الدستوري.. مبادرة «باتيلي» تعيد الخلاف بشأن الانتخابات الليبية
في ظل تسارع الأحداث السياسية في ليبيا يبقى مصير إجراء الانتخابات الليبية مجهول حتى هذه اللحظة، فهل ينجح مجلس الدولة الليبي، ومجلس النواب في الوصول إلى اتفاقات ملزمة بشأن إجراء الانتخابات؟.
وتسعى الجهود الدولية والإقليمية إلى الوصل لحل الأزمة التي تعيشها الدولة الليبية، في ظل تصارع الحكومات على السلطة، وانتشار المليشيات المسلحة المتمركزة حاليا في مصراته وطرابلس، فمنذ شهر مارس لعام 2022، وظهرت حكومة فتحي باشاغا، التي تشكلت عن طريق مجلس النواب الليبي، خلفًا لحكومة الوحدة الوطنية الموقتة برئاسة عبدالحميد الدبيبة، والتي سحبت منها الثقة عن طريق التصويت في مجلس النواب الليبي، بأغلبية الأصوات، بواقع 89 من أصل 113 نائبا حضروا الجلسة، ومن وقتها هناك جهود دولية مع مجلس الدولة الليبي ومجلس النواب للوصول إلى اتفاق يمكن بمقتضاه إجراء الانتخابات.
المجلس الأعلى للدولة الليبى يوافق على التعديل الـ13 للإعلان الدستوري
وكان المجلس الأعلى للدولة في ليبيا، أعلن عن الموافقة في جلسة طارئة على التعديل الدستوري الثالث عشر الذي أقره البرلمان مؤخرا، وتم الاتفاق على الشروع في تشكيل لجنة لوضع القوانين الانتخابية لاعتمادها في الجلسة القادمة، وأن المجلس صوت خلال الجلسة بموافقة "غالبية الأعضاء الحاضرين بعد اكتمال النصاب".
وقال محلّلون ليبيون، إن التعديل الدستوري الذي أقرّه البرلمان قبل أسابيع، وصوّت مجلس الدولة بالموافقة عليه، يرفضه المبعوث الأممي عبدالله باتيلي، كونه لا ينص على شروط الترّشح للرئاسة، وهي نقطة الخلاف الرئيسية بين قادة ليبيا، ولا يحدّد على جداول زمنية واضحة للانتخابات، مشيرون إلى أن هذا الرفض هو خطوة جاءت لقطع الطريق على المبادرة الأممية الجديدة لإجراء انتخابات في البلاد.
ليبيا تنقسم بين مؤيد ومعارض لمبادرة عبد الله باتيلي
وتابعوا: «تتصاعد في ليبيا حالة من «التأييد والمعارضة» للمبادرة التي أطلقها عبد الله باتيلي، المبعوث الأممي لدى البلاد، في إحاطته أمام مجلس الأمن الدولي، منتصف الأسبوع الماضي، بشأن إجراء الانتخابات الرئاسية والنيابية قبل نهاية العام الحالي، وهو ما يطرح السؤال حول مدى إمكانية نجاحها من عدمه، ويتبنى المعارضون للطرح الأممي فكرة عدم التمكن من عقد الاستحقاق العامَ الحالي، ويرون أن «المدة المحددة لإنجازه غير كافية»، لافتين إلى وجود تباينات دولية بشأن المبادرة، التي حيّدت مجلسي النواب و«الدولة»، وتبحث من جديد عن تشكيل لجنة للانتخابات.
مجلس الدولة الليبي يرفضة مبادرة باتيلي
ومن جانبه قال عبد المنعم العرفي، عضو مجلس النواب، قال في تصريحات صحفيه إنه يرفض المبادرة الأممية، متوعدًا «بحمل السلاح في وجه البعثة الأممية، إن تجاوزت مجلسه وتعديله الدستوري».
وتساءل المستشار إبراهيم بوشناف، رئيس مجلس الأمن القومي الليبي، عن «مدى قابلية المبادرة للتطبيق عمليًا»، قائلًا: «إن المجلس كلّف فيصل بوالرايقة، مدير الإدارة السياسية به، بالتواصل مع البعثة الأممية لطرح وجهة نظر المجلس، وأن هناك ثلاث دول دائمة العضوية في مجلس الأمن، هي روسيا والصين وفرنسا، لم تقبل بهذه المبادرة، كما أن مصر المنخرطة بقوة في الشأن الليبي رفضتها، كما فعل كثير من الليبيين».
وأشار رئيس مجلس الأمن القومي الليبي، إلى أن المطالبات الملحة بإصلاح النظام الانتخابي في ليبيا لم تتحقق، لافتًا إلى أن معايير اختيار المجموعة المقترحة لإنجاز الانتخابات ستكون محل خلافات بين الأفرقاء.
مبادرة المبعوث الأممي تتبنى تشكيل لجنة توافقية لإجراء الانتخابات
ولخص مختصون بالشأن الليبي المبادرة التي طرحها «باتيلي» بتشكيل لجنة توجيهية رفيعة المستوى تجمع كل أصحاب المصلحة، والمؤسسات، والشخصيات، وزعماء القبائل، والنساء، والشباب، وتكون مهمتها الوصول للانتخابات الرئاسية والبرلمانية، مشيرون إلى أنه في جلسة نقاشية أدارها «معهد الولايات المتحدة للسلام»، بحضور «باتيلي»، والسفير ريتشارد نورلاند المبعوث الأميركي لدى ليبيا، تم التطرق فيها إلى الانتخابات بالبلاد، واعتبروا أنها «لا تزال بعيدة» في ظل الأوضاع السياسية في ليبيا.
وكانت روسيا، التي وعدت بدراسة مبادرة باتيلي، قد تبنت أمام مجلس الأمن خطابًا رافضًا للمبادرة الأممية، حذرت من «أي تسرّع» في تنظيم الانتخابات المنتظرة، ورأى الممثل الروسي أن أي تحرك على مسار الانتخابات «لن يثمر أو يجدي نفعًا دون مشاركة الليبيين كافة فيه»، كما أن «الصيغ الجديدة قد لا تكون ناجحة، بسبب عدم معالجة الأخطاء السابقة».
ويعود جانب من هذه التحفظات إلى أن المبادرة الأممية لم تتطرق إلى آلية تكوين اللجنة الانتخابية المزمع تشكيلها، وعدد أعضائها، وإطار عملها الزمني، وما إذا كانت ستكلف بصياغة «قاعدة دستورية» للانتخابات، أو أنها ستتكفل فقط بالنقاط الخلافية بين المجلسين، وتقر ما سبق أن اتفقا عليه، هذا فضلًا عن البت في مسألة الحكومة التي ستشرف على الانتخابات.
ويفترض أن اللجنة الانتخابية ستكون عوضًا عن «ملتقى الحوار السياسي» الليبي، الذي سبق أن انتخب السلطة التنفيذية في طرابلس (المجلس الرئاسي وحكومة الوحدة الوطنية) في فبراير (شباط) 2020، وهو الأمر الذي سيفتح باب الجدل بين الأفرقاء بالبلاد حول آليات تشكيل اللجنة الجديدة.غم محاولات تنظيم الإخوان وأعضائه بمجلس الدولة الاستشاري عرقلة التعديل، ومقاطعة جلسات المجلس الاستشاري إلا أن المجلس استطاع تمريره بعد 5 جلسات فاشلة.
ورغم أن مجلس النواب الليبي هو الجهة التشريعية المنتخبة في ليبيا، فإن مجلس الدولة الاستشاري له مهام استشارية وفقا للاتفاق السياسي الليبي المنظم للعملية السياسية في المرحلة الانتقالية.
ورغم أن تصويت المجلس الاستشاري ليس ملزما لمجلس النواب وفقا للاتفاق السياسي، إذ يقتصر دوره على المهام الاستشارية، خاصة إذا اعتمد مجلس النواب قرارا ما، إلا أن ما حدث اليوم يغلق ملف التعديل الدستوري ويصبح ساريا نهائيا.