دار الإفتاء تكشف الموعد الحقيقي لليلة النصف من شعبان.. اعرف آخر التفاصيل
يترقب المسلمون بعد أيام حلول ليلة النصف من شعبان1444، والتي تحمل فضل عظيم ويحرص الكثيرون على قيامها والدعاء فيها لما ورد فيها من فضل في الأحاديث النبوية، وليلة النصف من شعبان هي الليلة التي وقع فيها تحويل القبلة من بيت المقدس إلى المسجد الحرام.
موعد ليلة النصف من شعبان2023
كشفت دار الإفتاء موعد ليلة النصف من شعبان لعام 1444 هجريًا، وتبدأ ليلة النصف من شهر شعبان من مغرب الإثنين 6-3-2023م وتنتهى فجر الثلاثاء 7-3-2023م.
وأكدت دار الإفتاء، حثت السنة النبوية المطهرة على إحياء ليلة النصف من شعبان؛ فعن على بن أبى طالب كرم الله وجهه: أن النبى صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِذَا كَانَتْ لَيْلَةُ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ فَقُومُوا لَيْلَهَا وَصُومُوا يَوْمَهَا؛ فَإِنَّ اللهَ يَنْزِلُ فِيهَا لِغُرُوبِ الشَّمْسِ إلى سَمَاءِ الدُّنْيَا فَيَقُولُ: أَلَا مِنْ مُسْتَغْفِرٍ فَأَغْفِرَ لَهُ؟ أَلَا مُسْتَرْزِقٌ فَأَرْزُقَهُ؟ أَلا مُبْتَلًى فَأُعَافِيَهُ؟ أَلا كَذَا أَلا كَذَا؟ حَتَّى يَطْلُعَ الْفَجْرُ».
وعلى هذا تواردت أقوال علماء الأمة؛ فقد ذكر شيخ الإسلام تقى الدين السبكى فى "تفسيره": [أن إحياء ليلة النصف من شعبان يكفر ذنوب السنة، وليلة الجمعة تكفر ذنوب الأسبوع، وليلة القدر تكفر ذنوب العمر كله] اهـ. نقله عنه الزبيدى فى "إتحاف السادة المتقين" (3/ 427، ط. الميمنية).
وقال العلامة ابن نجيم الحنفى فى "البحر الرائق" (2/ 56-57، ط. دار الكتاب الإسلامي): [ومن المندوبات: إحياء ليالى العشر من رمضان، وليلتى العيدين، وليالى عشر ذى الحجة، وليلة النصف من شعبان، كما وردت به الأحاديث، وذكرها فى "الترغيب والترهيب" مفصلة، والمراد بإحياء الليل: قيامه، وظاهره الاستيعاب، ويجوز أن يراد غالبه] اهـ.
وقال الحافظ ابن رجب الحنبلى فى "لطائف المعارف" (ص: 137-138، ط. دار ابن حزم): [وليلة النصف من شعبان كان التابعون من أهل الشام؛ كخالد بن معدان، ومكحول، ولقمان بن عامر، وغيرهم، يعظمونها ويجتهدون فيها فى العبادة، وعنهم أخذ الناس فضلها وتعظيمها.
ثم قال: واختلف علماء أهل الشام فى صفة إحيائها على قولين؛ أحدهما: أنه يستحب إحياؤها جماعة فى المساجد؛ كان خالد بن معدان ولقمان بن عامر وغيرهما يلبسون فيها أحسن ثيابهم، ويتبخرون، ويكتحلون، ويقومون فى المسجد ليلتهم تلك، ووافقهم إسحاق بن راهويه على ذلك، وقال فى قيامها فى المساجد جماعة: (ليس ببدعة)، نقله عنه حرب الكرمانى فى "مسائله"، والثاني: أنه يكره الاجتماع فيها فى المساجد للصلاة والقصص والدعاء، ولا يكره أن يصلى الرجل فيها لخاصة نفسه، وهذا قول الأوزاعى إمام أهل الشام وفقيههم وعالمهم، وهذا هو الأقرب أن شاء الله تعالى] اهـ.
والحاصل من كلام العلماء أن هذه الليلة وإن كان يُندب إحياؤها إلا أنه لا توجد صفة محددة لإحيائها؛ لأن النصوص الخاصة بإحيائها قد جاءت مطلقة غير مقيدة بدعاء دون دعاء، ولا بحال دون حال، ولا بوقت دون وقت، فلا يجوز تقييدها وقصرها على بعض الأدعية دون بعض، أو بعض الأحوال دون بعض، أو بعض الأوقات دون بعض، إلا بدليل خاص؛ والقاعدة المقررة فى علم الأصول: "أن المطلق يجرى على إطلاقه حتى يأتى ما يقيده"؛ قال الإمام الزركشى فى "البحر المحيط" (5/ 8، ط. دار الكتبي): [الخطاب إذا ورد مطلقًا لا مُقَيِّد له حُمِل على إطلاقه] اهـ، ولكن يتم إحياؤها بأنواع العبادات التى يجد فيها الإنسان راحته القلبية وطمأنينته النفسية.
قصة ليلة النصف من شعبان2023
أضاف أنه في شعبان تم تحويل القبلة، وهو حدث عظيم في تاريخ الأمة الإسلامية، حيث كان تحويل القبلة في البدء من الكعبة إلى المسجد الأقصى لحكمة تربوية وهي العمل على تقوية إيمان المؤمنين وتنقية النفوس من شوائب الجاهلية، واستشهد المفتي السابق، بقوله تعالى: (وَمَا جَعَلْنَا القِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ)، فقد كان العرب قبل الإسلام يعظمون البيت الحرام ويمجدونه.
وتابع: «وكون هدف الإسلام هو تعبيد الناس لله وتنقية القلوب وتجريدها من التعلق بغير الله وحثها على اتباع المنهج الإسلامي المرتبط بالله مباشرة؛ لذا فقد اختار لهم التوجه قبل المسجد الأقصى، ليخلص نفوسهم ويطهر قلوبهم مما علق بها من الجاهلية، ليظهر من يتبع الرسول اتباعًا صادقًا عن اقتناع وتسليم، ممن ينقلب على عقبيه ويتعلق قلبه بدعاوى الجاهلية ورواسبها».
اتجاه القبلة
وفي سياق الإجابة على سؤال: ماذا حدث في ليلة النصف من شعبان؟ أوضح أنه بعد أن استتب الأمر لدولة الإسلام في المدينة، صدر الأمر الإلهي الكريم بالاتجاه إلى المسجد الحرام، ليس تقليلًا من شأن المسجد الأقصى ولا تنزيلا من شأنه، ولكنه ربط لقلوب المسلمين بحقيقة أخرى هي حقيقة الإسلام، حيث رفع سيدنا إبراهيم وسيدنا إسماعيل عليهما السلام قواعد هذا البيت العتيق ليكون خالصًا لله، وليكون قبلة للإسلام والمسلمين.
تحويل القبلة
وذكر أن الحكمة من ذلك ليؤكد الله أن دين الأنبياء جميعًا هو الإسلام، مستندًا إلى قوله تعالى: (مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ المُسْلِمِينَ) وليس تحويل القبلة من المسجد الأقصى إلى المسجد الحرام إلا تأكيدًا للرابطة الوثيقة بين المسجدين، فإذا كانت رحلة الإسراء من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى قد قطع فيها مسافة زمانية قصر الزمن أو طال، فقد كان تحويل القبلة من المسجد الأقصى إلى المسجد الحرام رحلة تعبدية.
الغرض من توجيه القبلة
وأوضح أن الغرض منها التوجه إلى الله تعالى دون قطع مسافات، إذ لا مسافة بين الخالق والمخلوق، قال تعالى: (وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ)؛ فعندما يتجه الإنسان من المسجد الأقصى إلى المسجد الحرام فهو بذلك يعود إلى أصل القبلة (إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ)، لافتًا إلى أنها دائرة بدأت بآدم مرورا بإبراهيم حتى عيسى عليهم السلام، ولكنها لم تتم أو تكتمل إلا بالرسول الخاتم ﷺ فقد أخره الله ليقدمه، فهو وإن تأخر في الزمان فقد تحقق على يديه الكمال.
وأشار إلى أن الله عز وجل كرم نبيه ﷺ في هذه الليلة بأن طيب خاطره بتحويل القبلة والاستجابة لهوى رسول الله ﷺ قال تعالى: (قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ المَسْجِدِ الحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ)، وما الأمر في هذا كله إلا أنه انتقال من الحسن إلى الأحسن وهذا شأن رسول الله ﷺ في الأمور كلها.
وأكد: «علينا أن نصوم اليوم السابق ليوم الخامس عشر من شعبان وهو ليلة النصف، ونقرأ القرآن ونقوم الليل ونترك المشاحنة والخصام، لأن الله يغفر للجميع في هذه الليلة إلا المشاحن وقاطع الرحم».