هل يختلف أجر العمرة في رمضان عن غيره من الشهور؟
يُسارع المسلم في شهر رمضان إلى أداء الطاعات والعبادات، والحرص على الأعمال الصالحة كلّها، ومنها أداء العمرة، وذلك بالتوجُّه إلىبيت الله الحرام، وقَصْده، والطواف في الكعبة، والسَّعي بين الصفا والمروة، وإتمامها بالتحلُّل، قال الله -تعالى-: (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّه)،وفي بيان فَضْل العُمرة، رُوي عن أمّ المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- أنّها سألت رسول الله -عليه الصلاة والسلام-: (يا رسولَ اللَّهِ على لنِّساءِ جِهادٌ؟ قالَ: نعَم، عليهنَّ جِهادٌ، لا قتالَ فيهِ: الحجُّ والعُمرَةُ)،وتكون العُمرة في أي وقتٍ من العام،إلّا أنّ أداءها في شهر رمضان أفضل من أدائها في غيره من الشُّهور لِما أخرجه الإمام مسلم في صحيحه عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- قال: (فَإِذَا جَاءَ رَمَضَانُ فَاعْتَمِرِي، فإنَّ عُمْرَةً فيه تَعْدِلُ حَجَّةً)،وللعمرة فَضْلٌ عظيمٌ في تكفير الذنوب والسيّئات، كما أخبر بذلك الرسول -عليه السلام - بقَوْله: (العُمْرَةُ إلى العُمْرَةِ كَفَّارَةٌ لِما بيْنَهُمَا، والحَجُّ المَبْرُورُ ليسَ له جَزَاءٌ إلَّا الجَنَّةُ).
العُمرة مشروعةٌ بإجماع العلماء، إلّا أنّهم اختلفوا في حُكمها التكليفيّ، وذهبوا في ذلك إلى قولَين،بيانهما آتيًا:
القول الأوّل: قال الحنفيّة، والمالكيّة بأنّ العُمرة سُنّةٌ مُؤكّدةٌ؛ وقد استدلّوا على قولهم بحديث جابر بن عبدالله -رضي الله عنه-: (أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ سُئلَ عنِ العمرةِ أواجبةٌ هيَ؟ قال: لا، وأنْ تعتمِروا هوَ أفضلُ).
القول الثاني: قال الشافعيّة، والحنابلة بأنّ العمرة واجبةٌ واستدلّوا بقول الله -تعالى-: (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّـهِ)،وبناءً على القاعدة الأصوليّةبأنّ الأمر يُفيد الوجوب، فإنّ العمرة واجبةٌ، كما عُطِفت على الحجّ ممّا يعني تشاركهما في الحُكم، إضافة إلى أنّهم استدلّوا بحديث أبيرُزين: (عن أبي رزينٍ رجلٌ من بني عامرٍ أنَّهُ قالَ: يا رسولَ اللَّهِ إنَّ أبي شيخٌ كبيرٌ لاَ يستطيعُ الحجَّ ولاَ العمرةَ ولاَ الظَّعن. قالَ: احجج عن أبيكَواعتمر).
حُكم العمرة في شهر رمضان
تُستحبّ العُمرة في شهر رمضان استدلالًا بِما أخرجه الإمام مسلم في صحيحه عن عبدالله بن عباس -رضي الله عنهما-: (قالَ رَسولُ الله صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: لاِمْرَأَةٍ مِنَ الأنْصَارِ سَمَّاهَا ابنُ عَبَّاسٍ فَنَسِيتُ اسْمَهَا ما مَنَعَكِ أَنْ تَحُجِّي معنَا؟ قالَتْ: لَمْ يَكُنْ لَنَا إلَّا نَاضِحَانِ فَحَجَّ أَبُووَلَدِهَا وَابنُهَا علَى نَاضِحٍ وَتَرَكَ لَنَا نَاضِحًا نَنْضِحُ عليه، قالَ: فَإِذَا جَاءَ رَمَضَانُ فَاعْتَمِرِي، فإنَّ عُمْرَةً فيه تَعْدِلُ حَجَّةً).
فضل العمل في شهر رمضان
شهر رمضان شهرٌ مباركٌ تتنزّل فيه الرحمات، وتُغفر فيه الذنوب، ويُقبل فيه المسلم على الطاعات، ويبتعد عن الزلّات، وقد فُرِض فيه الصيام بدليل قول الله -عزّ وجلّ-: (فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ)،وقَوْل النبيّ -عليه الصلاة والسلام- في إجابته عمّا فرض الله من الصيام: (شَهْرَ رَمَضَانَ إلَّا أنْ تَطَّوَّعَ شيئًا)،وقد اختصّ الله -تعالى- شهر رمضان بخصائص ميّزته عن غيره من الشهور ففيه أُنزل القرآن من اللوح المحفوظ إلى بيت العِزّة في السماء الدُّنيا، قال الله -تعالى-: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ)،وفيه ليلة القَدْر التي يُفضَّل أجر العمل فيها على أجر عمل أَلْف شهرٍ، قال -تعالى-: (لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ).