عادل حمودة يكتب: مانشيتات الأسبوع القادم
الإخوان يحتلون الجامعات والعمداء من الجماعة ينضمون للطلبة المعتصمين!
■ «أريك تريجر» يفجر مفاجأة سياسية وجنائية على لسان بدر محمد بدر زوج أم أيمن: السعودية تمول شركة علاقات عامة تخدم مصر بسبعين ألف دولار فى الشهر
تتصور القوى السياسية المتصارعة أن مصر سفينة.. مجنونة.. تتخبط فى بحر من الظلمات.. والتناقضات.. والحماقات.. يحاول كل بحار على سطحها أن يتدخل فى قيادتها.. ومسيرتها.. وتوجيه دفتها.
واحد يريد أن يسحبها إلى واشنطن.. وواحد يشدها إلى موسكو.. واحد يريد أن يزوجها من باراك أوباما.. وواحد يصر على أنها لا تزال فى عصمة حسن البنا.. واحد يريدها أن ترتدى المينى جوب.. وواحد يريدها تختبئ وراء النقاب.. واحد يحلم بأن تصبح قطعة من الجنة.. وواحد يدبر ما يهدد حياتها.. ويطيّر النوم من عينيها.
وسفينة بهذه الخلافات سفينة بلا عقل.. لا يتفق من يقودها على قاسم مشترك للحياة.. فالسفينة أهم من البحارة.. لأنها لو غرقت.. ستغرق بكل من فيها.. وما فيها.
يعشق أريك تريجر «الكشرى» ويفضله عن أشهى الأطعمة الراقية.. إن حياته فى القاهرة عامان جعلته يعيش حياة المصريين.. ويستوعب متاعبهم.. ويتذوق أطعمتهم.
تريجر درس العلوم السياسية فى هارفارد.. وتخصص فى جماعة «الإخوان».. وعرف قياداتها مباشرة.. واقترب من عقدها النفسية والسياسية.. ونظم كثيرًا من المؤتمرات عنها فى معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى الذى يعمل باحثا متميزا فيه.
عندما التقى بمحمد مرسى لفت نظره ثقل ظل الرجل.. وتعجب.. كيف يقبل شعب «ابن نكتة» برئيس يهوى النكد؟
وحسب ما سمعت منه على مائدة عشاء جمعتنا يوم السبت الماضى فإن مرسى سوف يدان فى قضية قتل المتظاهرين مهما كانت قوة وحجة دفاعه.
سمع تريجر من قيادات إخوانية: إن مرسى شارك فى اجتماع عقد فى منزله ليلة مجزرة الاتحادية حرض فيه على مواجهة المحتجين على إعلانه الدستورى بالقوة.. وفى اليوم التالى قُتل عشرة أشخاص ستظل دماؤهم فى رقبة الرئيس السابق.
ويمتلك تريجر تسجيلات للحوارات التى يجريها مع الكبار فى الجماعة حتى لا يخرجوا ويكذبونه.. فيما بعد.. كما حدث مع محمد البلتاجى.. كان البلتاجى تحدث معه بغرور عن خطته فى إعادة هيكلة الداخلية.. وعندما نشر تريجر تصريحاته نفاها.. لكن.. تريجر أخرج له الشريط ووضعه على موقعه.
وفى رحلته الأخيرة التقى تريجر مع بدر محمد بدر.. زوج عزة الجرف - أم أيمن - وسمع منه ما سيثير الخواطر عند نشره.. وهو ما احتفظ به حماية لحق تريجر فى السبق الصحفى.
ويعتقد تريجر أن مستقبل الجماعة مرهون بثلاثة سيناريوهات.. يصعب الخروج عنها.
أن يعيد التنظيم تكوين نفسه فى الخارج بواسطة القيادات الهاربة مثل نائب المرشد جمعة أمين الموجود فى لندن أو الأمين العام محمود حسين الذى شوهد فى قطر وتركيا.. خاصة أن الجماعة نقلت مركزها الإعلامى إلى العاصمة البريطانية أخيرًا.. ويديره منى القزاز وعبد الله الحداد.. ويشرف عليه إبراهيم منير.
وسبق أن استخدم إخوان تونس هذه الاستراتيجية حينما بقيت حركة النهضة فى لندن منذ تسعينيات القرن الماضى قبل أن تعود إلى بلادها على أثر ثورة 2011.. وكرر إخوان سوريا نفس الأسلوب.. فقد بقوا فى المنفى حتى عادوا يقاتلون النظام من جديد.
أو أن يستغل الجيل الجديد من إخوان مصر غياب قياداته فى السجون ليعيد التنظيم من جديد بوجوه مختلفة.
أو تدخل الجماعة الانتخابات البرلمانية القادمة بعد أن تلتفت على الحظر المفروض على الأحزاب الدينية.
لكن.. السيناريوهات الثلاثة تحتاج إلى صبر.. وتعقل.. وتماسك.. وهو ما لا تتمتع به الجماعة الآن.. فقد فقدت أعصابها.. ويمكن أن تفقد مستقبلها.
فى 13 أغسطس الماضى جمع سفير مصر فى واشنطن محمد توفيق كل باحثى مراكز الدرسات الاستراتيجية المتخصصين فى مصر على دعوة عشاء.. كان الطعام شهيا.. والكلمات ودودة.. وفجأة.. طلب السفير السابق رءوف سعد الكلمة.. وبحزم المسئول الذى يعرف القرار أكد أن اعتصامى رابعة العدوية والنهضة لن يفضا بالقوة.. وانصرف.. وعادوا إلى بيوتهم ليناموا.. ولكن.. فى الصباح التالى استيقظوا على خبر فض الاعتصامين بالقوة.. وأمام المفاجأة.. الصدمة.. لم يكن أمامهم سوى إسقاط السفارة المصرية من حسابات الثقة.
يدافع المتحدث الرسمى للخارجية السفير بدر عبدالعاطى عن الموقف الصعب الذى وجدت فيه وزارته نفسها بأن رءوف سعد كان يتحدث بصفة شخصية.. فقد كان يزور ابنته فى واشنطن ودعى للعشاء.. وكان ما كان.
ونسى عبدالعاطى أن رءوف سعد مستشار لوزيره نبيل فهمى.. كما نسى أن يحاسب السفير عن وجود من يتحدث بلسانه عن أمر خطير دون أن يتدخل للتصحيح أو الاحتجاج.. ونسى أن رءوف سعد سفير مخضرم.. متحفظ بطبيعته.. يصعب أن ينجر لمثل هذا الموقف دون ضوء أخضر.
يضاف إلى ذلك أن نبيل فهمى ومحمد البرادعى ومحمود حجازى كانوا فى البداية ضد فض الاعتصامات وهو مسجل فى اجتماعات مجلس الدفاع الوطنى التى عقدت فى تلك الأيام.
إن هناك غيابًا مصريًا صارخًا فى واشنطن.. يضاعف من سوء الفهم بين مصر والولايات المتحدة.. وبفشلنا فى الوصول إليهم.. جاءت الوفود الأمريكية إلينا.
يوم الأحد الماضى وصل القاهرة قادما من باريس جيسون شافيز رئيس اللجنة الفرعية للأمن القومى فى الكونجرس.. وقبله بأيام قليلة كان فى القاهرة وفد من لجنة الاعتمادات الخارجية فى الكونجرس يتكون من روبرت كارم ومارى شوتفاكس ودانيال جرينوود.. وسوف تظل زيارات هذه الوفود حتى أبريل القادم.. موعد إقرار ميزانية المعونات الخارجية.
والمؤكد أن العلاقات بين البلدين سيئة.. ويمكن أن تزداد سواء لو قطعت المعونة فى الربيع القادم.. وحسب تحليلات نثق فى معلومات أصحابها فإن البيت الأبيض الأكثر تشددا ضد مصر.. خاصة الثلاثة الأكثر أهمية الذين يقدمون مقترحاتهم إلى أوباما.. سوزان رايس مستشار الأمن القومى.. سمانتا باور.. ومدير المخابرات المركزية جون برينان.. ويختلف البنتاجون معهم.. ويرى جنرالاته أن خسارة مصر أمر يصعب تعويضه.
أما المفاجأة التى لفتت نظرى.. أن آن باترسون السفيرة السابقة فى القاهرة التى سترأس منطقة الشرق الأوسط فى خارجية بلادها قد أبدت اعتراضها على تجميد المعونة المصرية.. وبدت فى حفل استقبال حضرته أخيرًا فى واشنطن أنها تريد أن تتحدث كثيرًا عن مصر.. مما اعتبره البعض ثرثرة متأخرة.
حسب الأرقام المعلنة لشركات العلاقات العامة فى الولايات المتحدة فإنها حققت رقم أعمال يصل إلى ثلاثة مليارات ونصف المليار دولار بزيادة تصل إلى مليارى دولار خلال العشر سنوات الماضية.
وقبل عشر سنوات أيضا تعاملت الحكومة المصرية مع هذه الشركات للضغط على المؤسسات الأمريكية (وهى تقبل الضغط) لاستمرار المعونة العسكرية والترويج لأمور سياسية أخرى منها.
فى فترة ما بعد 30 يونيه شعر مجموعة من رجال الأعمال المصريين بضرورة استئجار بعض هذه الشركات لتوضيح حقيقة ما جرى فى مصر.. وسد الفراغ الذى يلعب فيه الإخوان هناك على راحتهم.. وجاء ممثلو ثلاث شركات.. جلوفر بارك.. وهوجان لافرز.. كورفيس.. ورغم أن دولة الإمارات أبدت استعدادها لتمويل عقد مع إحدى هذه الشركات فإنها لم تجد مسئولا مصريا واحدا يوقع معها خوفا من اتهامه بتجاوز قانون المناقصات.. وحلت المشكلة بصعوبة.. وبدأت شركة جلوفر بارك فى تقديم خدماتها.
ونجحت شركة أخرى هى هوجان لافرز فى توفير تمويل إضافى من السعودية وضعته فى خدمة شركة كورفيس.. لكن.. مرة أخرى تجددت مشكلة توقيع مسئول مصرى معها.
إن تعبير «الأيدى المرتعشة» ليس صحيحا.. الأيدى ليست مرتعشة.. وإنما مشلولة.
الخطة القادمة للإخوان بسيطة.. وسهلة.. احتلال كليات ومدن جامعية.. سيختارون لاعتصاماتهم أماكن قريبة من الحمامات والمساجد والأسوار.. وسيعتمدون على عمداء الكليات المنتمين للجماعة.. وهم أكثر من الهم على القلب.. وسيدعمون أعدادهم القليلة بأنصار من خارج الوسط الطلابى.
والهدف واضح.. الاحتكاك مع الأمن داخل الحرم الجامعى.. والسعى بقوة إلى سقوط ضحايا منهم.. ومع أجهزة الفيديو الجاهزة للتصوير ستخرج أفلام الدعاية السوداء لتتحدث عن انتهاكات الأمن للحرم الجامعى.. وعن التعامل بقسوة مع الطلاب العزّل.. ويمكن وضع الطالبات فى الصدارة لتكون المشاهد أكثر إثارة.
المؤامرة واضحة.. والطابور الخامس من الأساتذة واضح للأعمى.. والقرار فى يد الجهات المسئولة فى التعليم العالى.. عليها تجميد العناصر الإخوانية فى القيادات الجامعية.. عليها أن تعيد النظر فيهم.. وربما تجمدهم مؤقتا.. قبل أن تقع الفأس فى الرأس.
تصف التنظيمات الثورية المجسدة فى «المجلس الوطنى المصرى» و»الجمعية المصرية للتغيير».. و»تكتل القوى الثورية « شهداء محمد محمود بعيون الحرية.. وتؤمن بأن «أرواحهم ستبقى سياطا تلهب ظهور المستبدين وعقدا يزين جبين الثورة ويبث فيها روحا متجددة حتى تحقق أهدافها: عيش.. حرية.. عدالة اجتماعية وكرامة وطنية».
ستعبر هذه التنظيمات عن كل هذه المشاعر الراقية يوم 19 نوفمبر فى سرادق العزاء الذى سيقام فى ذكرى ما حدث.
فى الوقت نفسه يسعى الإخوان لاستغلال الذكرى فى حشد قوى تخرب وتدمر وتشهّر بالنظام القائم والقوات المسلحة لعرقلة المرحلة الانتقالية.. وحسب ما نشر فى اليوم السابع فإن هذه الخطة وضعت فى المخابرات التركية بمشاركة التنظيم الدولى للجماعة.. وقد كلفت عناصر الجماعة فى الداخل بالتنفيذ.. بالتنسيق مع عناصر من حركة 6 أبريل وحركة الاشتراكيين الثوريين.
وحسب ما نشر فإن الحشد بداية تصعيد تدريجى وصولا إلى ثورة جديدة.. وشق الصف الوطنى الذى توحد فى 30 يونيه.. ومن جديد ستجرى محاولة لاقتحام وزارة الداخلية لاستفزاز الأمن والاشتباك معه.
وسوف تخرج من الأرشيف القديم صور وفيديوهات وشهادات صورت من قبل لاستخدامها ضد المؤسسة العسكرية واتهامها بالاستخدام المفرط فى القوة.
وصدر عن جبهة تسمى « طريق الثورة «وجبهة أخرى تسمى «جبهة ثوار» بيانا باللغتين العربية والإنجليزية يدين استخدام المجلس العسكرى للقوة ويتهمه بقتل المتظاهرين عمدا.. والإدعاء بأنه والإعلام التابع له القوى المضادة لثورة 25 يناير لإعادة الحكم الاستبدادى للبلاد.
إن المأساة تتكرر.. الذئب الإخوانى يتستر وراء قوى شابة.. بعضها يمكن إدانته.. وأغلبها تستغل براءته.. فقد سبق أن حذرت بعضهم من أن مهاجمة المؤسسة العسكرية سينتهى إلى فرض سيطرة الإخوان على مصر.. وهو ما حدث.. ولو كنت وصفت ما فعلوا فى تلك الفترة بقلة الخبرة السياسية فإن إصرارهم على تكرار ما سبق يعنى ضلوعهم فى المؤامرة.
لقد سقط نصف النظام السابق (النصف الحاكم) فى 25 يناير.. وسقط النصف الآخر (النصف المعارض) فى 30 يونيه.. فلا يصح التفرقة بين الثورتين.. فهما كيان واحد.. اكتمل على مرحلتين.
ويبقى أن أذكر الثوار.. المخدوع منهم والواعى بما يفعل.. بأن كل التظاهرات التى لم يشارك فيها الإخوان هى التظاهرات التى ظهر فيها الطرف الثالث الذى أوقع بين الشعب والجيش.. اسقط ضحايا من الجانبين.
إن الغفلة لا تجوز لمن يتصدى للعمل السياسى.. ولو سقط مرة لا يجب أن يتكرر سقوطه.. وإلا وضعنا تحته خطا أحمر.. واتهمناه بما لا نقبله من شباب نقل مصر من حالة العبودية إلى الحالة الثورية.