خمس سنوات من الحرب الأهلية .. وعلاقات دولية وعربية
طاجيكستان.. تعرَّف على الدولة التي ضرب الزلزال حدودها مع الصين
تعتبر القارة الأسيوية أكبر قارات الأرض وأكثرها اكتظاظًا بالسكان، وتعد من القارات التي ينتشر فيها الكثير من الثقافات والإيديولوجيات المختلفة والمتعددة، وكذا الديانات والأصول، حيث أنَّها منشأ لكثير من الأفكار والأديان على طول الزمن، وكذا بها العديد من الدول ومنها دولة طاجيكستان.
ولقد تعرّضت طاجكستان لزلزال بقوة 7.2 درجة هزَّ أراضيها، حسب ما سجّله مركز شبكات الزلازل الصيني، الخميسش الموافق 23 فبراير 2023، ولكن ربما يتسائل البعض عن هذه الدولة الأسيوية، التي يتردد اسمها بين الفينة والأُخرى داخل وسائل الإعلام؟
طاجكستان.. ثقافات متعددة
شكَّلت الدولة الأسيوية، التي تقع على الحافة الجنوبية لآسيا الوسطى، موطنًا لعدد من الحضارات القديمة، شملت العصر الحجري الحديث والعصر البرونزي.
سيطرت عليها الممالك والحضارات المختلفة التي اتخذَت من الموطن الأسيوية بداية لها، كحضارة أوكسوس، والبوذية، ثم المسيحية النسطورية، ومن بعدها الزرادشتية. فقد حكمتها إمبراطولريات تعود نسبتها إلى سلالات متنوعة لم تخلْ من الأخمينية، السامانيون، وكذلك إمراطورية المغول، والدولة التيمورية، ثم الإمبراطورية الروسية.
ولهذا فإنَّ للطاجيك، زيًا قوميًا خاص بهم، ذو ألوان زاهية، يمتاز بالتنوع والاختلاف، يمكن ارتدائه في بعض المناسبات، لكنه غير مُلزم به.
المجتمعى الطاجيكي ودخول الإسلام
ومع دخول الإسلام طاجيكستان في قرن الأول الهجري، على يد قتيبة بن مسلم الباهلي، أحد قادة جيش الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك، أصبح يدين أغلب مجتمعها بالدين الإسلامي.
وكان طاجكستان أو بلاد ما وراء النهر أو بخارى الشرقية، حسب ما كانت تُسمَّى، إلى أن دخلها الفتح الإسلامي.
علاقتها مع الصين
تعد الدولتان الأسيويتان عضوان نشيطان في المنظمات الإقليمية والدولية وتتعاونان بشكل وثيق في إطار هذه المنظمات، وأهمها منظمة تعاون شانغهاي؛ نظرًا لوجود حدود مع إقليمها شينجيانگ، الذي يعد من أكبر مقاطعات الصين، التي تحرص على الاستقرار داخلة.
وتعد حالة استقرار العلاقات الصينية الطاجيكية مهمة جدًا بالنسبة لدولة الصين، التي حرصت على إقامة علاقات معها منذ استقلاها عن السوفييت منذ العام 1992، في إطار ودي ثنائي، نتج عنه تعاون اقتصادي بإجمالي 2 مليار دولار أمريكي،حيث يوجد عدد من الشركات الصينية الكبيرة في مختلف الصناعات داخل طاجكستان، سمح للأخيرة بنمو اقتصادي لا بأس به.
علاقتها مع روسيا
تحرص روسيا على إقامة علاقات ثنائية وتبادلية بينها وبين طاجيكستان، وحرصت منذ العام 2007 على دعم الاستقرار داخل هذه الجمهورية وتخفيف حدة التوترات الإقليمية المحيطة بها، فهي دولة تقع على الحدود مع أفغنستان بمساحة تفوق 1000 كم، فالأخيرة عانت من توترات سياسية وصراعات بلغت ذروتها في أواخر الثمانينات وأوائل التسعينات، بسبب الجماعات الجهادية، وذلك فإن قاعدة روسية عسكرية باتت هناك في العاصمة دوشنبه، بعدما سيطرت حركة طالبان الأفغانية على ثلثي الحدود الطاجيكية.
وكانت الدولة الأسيوية، على رأس جولة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، خلال الأزمة مع أوكرانيا، العام الماضي، حيث تحظى طاجكستان، أولوية على قمة أجندة الجولات الروسية، والتي كانت إحدى الدول التابعة للاتحاد السوفيتي كحال غيرها من الدول في آسيا الوسطى.
استمرت تبعيتها للاتحاد السوفيتي لثلاثين عامًا، منذ 1961 وحتى حصلت على استقلالها عام 1992؛ ولذلك فإِنَّ جميع تعمالاتها الرسمية والحكومية تعتمد اللغة الروسية، بجانب اللغة الطاجيكية.
علاقاتها مع الدول العربية
هناك علاقات تربط بين الطاجيك، وعدد من الدول العربية منها مصر، والسعودية، والإمارات العربية المتحدة، فدولة طاجيكستان تسعى دومًا نحو إقامة تعاون تعاون ثنائي، ذي طبيعة متبادلة، تشمل شتَّى المجالات الدبلوماسية والتجارية معها.
وفي مارس من العام الماضي وقعت مصر مع الجمهورية الطاجيكية، مذكرات تفاهم، خلال فعاليات منتدى "فعاليات منتدى الأعمال المصرى الطاجيكى" بين الاتحاد العام للغرف التجارية وغرفة تجارة وصناعة طاجيكستان لتبادل الخبرات المتعلقة بتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري وتنظيم المؤتمرات الترويجية في البلدين، بالإضافة إلى مذكرات تفاهم بين عدد من الشركات المصرية والطاجيكية في مجالات الأدوية، والسياحة، والانشاءات والمنسوجات.
الحرب الأهلية الطاجيكية
بدأت الحرب الأهلية في طاجيكستان في شهر مايو من العام 1992، بعدما انتفضت جماعات عرقية من مناطق تُدعى "غرم وبدخشان الجبلية"، والتي عانت من تهميش، وحرمان من التمثيل السياسي في دوائر الحكم، واشتدت انتفاضتها ضد الحكومة الوطنية التي كان يرأسها رحمن نبي يڤ، حينئذ.
كانت الانتفاضة بسبب عدم رضا سكان المناطق السالفة عمَّن يمثلهم فلتفوا حول إصلاحيين وديمقراطيين ليبراليين، وكذا جبهات ذات نزعة إسلامية، قاتلوا معًا وانتظموا تحت راية المعارضة الطاجيكية المتحدة، في حرب أهلية خلَّفت ورائها من 50 إلى 100 ألف شخص.
وبعد حرب دامت الخمس سنوات وقع كل من الرئيس الطاجيكي إمام علي رحمن، وزعيم المعارضة الطاجيكية المتحدة، سيد عبد الله نوري، والممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة "گرد مرم" اتفاقية عامة سُميت ببروتوكول موسكو، في 27 يوينو 1997، وذلك من أجل إرساء الوفاق الوطني داخل طاجيكستان، والذي أنهى التوترات.
نزاعات الطاجيك في آسيا الوسطى
حتى وقت قريب كان هناك تبادل للاتهامات بين طاجيكستان وقرغيزستان، باستخدام الأسلحة الثقيلة في تصعيد للصراع الحدودي، والذي يصفه الإعلام الدولي والعربي بالحدود الدامية، فإن وادي فرغانة، الذي يمتاز بكونه أراضٍ خصبة ذات أهمية كبيرة، فيقع كمنطقة نزاع بين الدولتين وكذلك دولة أوزبكستان والتي تعد دولًا زراعية.
لا تقبل إحدى الدول تقديم التنازلات حول هذا الوادي، الذي يشكل أزمة أخرى كونه يحيط مواطنون من إحدى جمهوريات آسيا الوسطى؛ إلَّا انَّ بروتوكولًا تم توقيعه كاتفاقية بين الطاجيك وقرغيزستان؛ من أجل خفض التوترات وإحلال السلام بينهما.