يارا ثابت تكتب: كلنا مدمنون
هل أنت مدمن؟ إذا سألت نفسك هذا السؤال قطعًا ستكون الإجابة بالنفي.. ولكن!
الإدمان ربما إن سمعت هذه الكلمة سينصرف تفكيرنا إلى إدمان المخدرات أو الكحوليات؛ ولكن هذا تفكير قديم في عصرنا الحديث اتسع مفهوم تلك الكلمة لتشمل نواحي عديدة من حياتنا واتسع مدلولها لتدل على أشياء كثيرة في مجتمعاتنا.
فالإدمان معناه الأصلي أن يعتاد الإنسان أمرًا يفعله على فترات متقاربة بصورة متكررة ولا يمكنه التوقف عنه شغفًا به لتحقيق راحةً نفسية أو جسدية أو لنقل روحية أو عقلية، فمدمن المخدرات يُقبل على تناولها -وهذا أمر مرفوض قطعًا- ليحقق لنفسه متعة زائفة وراحةً وهمية تنتهي بإنتهاء مفعول المخدر ومدمن الخمر كذلك ولنعد إلى سؤالنا هل أنت مدمن ؟ أنا أقول نعم أنت مدمن، ولكن ماذا تدمن ومن أي أنواع المدمنين أنت ولكي أكون أكثر تأكيدًا على صدق كلامي فإنني أوجه إليك عدة أسئلة وأرجو منك أن تجيب عنها داخل نفسك:
هل يمكنك الاستغناء عن الإنترنت؟! هل من الممكن ألا تدخل على مواقع الويب لعدة ساعات؟! وهل تملك الجرأة الكافية لحذف مواقع التواصل الاجتماعي: كالفيسبوك أو تويتر أو انستجرام وغيرهم من على هاتفك أو على الكمبيوتر الخاص بك ؟! السؤال الأخير هل يمكنك الحياة بلا جوال (موبايل) إن أجبت بـ لا أستطيع فأنت مدمن وإن كانت إجابتك بـ نعم فقد غالطت نفسك وأنكرت حقيقةً لا يستطيع أحد إنكارها؛ لأنك قطعًا لن تستطيع الاستغناء عن أي من هذه الأشياء سالفة الذكر.
نحن بالفعل مدمنو إنترنت، مدمنو فيسبوك.. إلخ أنا أعرف أشخاصًا كثيرين لا يستطيعون البقاء عدة دقائق دون إنترنت، فهل أصبح البشر عبيدًا للإنترنت أنت مدمن حقًا فإن لم تستطع الاستغناء عن الجلوس على المقهى فأنت مدمن، وإن لم تستطع الاستغناء عن التدخين فأنت مدمن، وإن لم تستطع أن تتوقف عن الثرثرة فأنت مدمن للكلام كذلك إن لم تستطع أن تمنع نفسك من التدخل في أمور الآخرين فأنت مدمن من نوع آخر.
خلاصة القول كلنا مدمنون ولكننا مختلفين في طبيعة ادماننا وجوهره فمدمن المخدرات، ومدمن للخمر، ومدمن للإنترنت، ومدمن للثرثرة، ومدمن.... ولكن هل كل إدمان يُعد أمرًا ضارًا أو سلبيًا؟ قطعًا لا فهناك نوعًا من الإدمان إيجابيًا بلا شك بل هو إدمان مشروع فإدمان العبادات كالصلاة، والتعبد، وتلاوة القرآن، والحرص على مساعدة الآخرين فهذا إدمان لا يمكن مجابهةً أو الوقوف ضده أو نقده أو توجيه اللوم لفاعله لأنه ادمان مشروع ومفيد وإيجابي.
فإلى كل مهتم لهذا الأمر أوصيه بالآتي:
عُد إلى رشدك وفكر ماليًا في إدمانك فكر جيدًا كيف تكون مدمنًا إيجابيًا، كيف تكون مدمنًا مؤمنًا، وأخيرًا هل أنت مدمن وماذا تدمن، وهل سيجازيك الله على إدمانك خيرًا أم شرًا ؟أنت فقط من يستطيع الإجابة على هذه الأسئلة أجب عنها لتصلح شيئًا داخلك ربما غفلت عنه.