تحذيرات فلسطينية من قانون سحب جنسية الأسرى.. ومحللون سياسيون: المجتمع الدولى يكيل بمكيالين

تقارير وحوارات

فلسطين
فلسطين

ما زالت سلطات الاحتلال الاسرائيلي، تواصل مسلسل فرض الحصار وتضييق الخناق على الشعب الفلسطيني، فبعد أيام من الاقتحامات وجرائم القبض العشوائي التي تنفذها قوات الاحتلال في القدس والضفة الغربية، أقر الكنيست الاسرائيلي  بصورة نهائية قانونا يسمح بسحب الجنسية من أي أسير فلسطيني ثبت حصوله على مخصصات مالية من السلطة الفلسطينية.

وتم إقرار القانون بالقراءتين الثانية والثالثة بأغلبية 94 مقابل معارضة 10 من أعضاء الكنيست الإسرائيلي الـ 120، ويقضي القانون بسحب جنسية أو شطب إقامة أي أسير في السجون الإسرائيلية يثبت حصوله على مخصصات مالية من السلطة الفلسطينية كمساعدات اجتماعي، وفي حال ثبت تلقي الأسير مساعدات يجري إبعاده إلى الضفة الغربية أو قطاع غزة حال الإفراج عنه، ويحمل المواطنون العرب في إسرائيل الجنسية الإسرائيلية أما الفلسطينيون في القدس الشرقية فتعتبرهم إسرائيل مقيمين.

تحذيرات فلسطينية من قانون سحب جنسية الأسرى

ومن جانبه حذر محمد اشتية، رئيس الوزراء الفلسطيني، من التبعات الخطيرة المترتبة على إقرار الكنيست الإسرائيلية، قانون سحب الجنسية من الأسرى في أراضي عام الـ 48، وفي مدينة القدس المحتلة.

وقال رئيس الوزراء الفلسطيني، إن هذا القرار ممارسة عنصرية، وانتهاك صارخ للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني؛ داعيا الأمم المتحدة، والولايات المتحدة، والاتحاد الأوروبي؛ إلى التنديد بالقرار، وممارسة الضغط على إسرائيل لحملها على إلغائه.

واعتبر «اشتية» القرار أنه نتيجة طبيعية لسياسة المعايير المزدوجة، التي تبعث برسائل خاطئة لإسرائيل تشجعها على ارتكاب المزيد من تلك الانتهاكات ما دام أنها قادرة على الإفلات من العقاب وفق تلك المعايير التي تطمئن قادة إسرائيل بأنهم لا يحاسبون عما يفعلون.

وحذر من مخاطر تكريس تلك السياسة، وتعميمها لتكون بمثابة ترحيل بطيء لأبناء الشعب الفلسطيني الذين يقاومون الاحتلال ويرفضون سياسات الاضطهاد والعنصرية والتطهير العرقي التي تمارسها سلطات الاحتلال بصورة ممنهجة.

وأكد رئيس الوزراء الفلسطيني، أن كل تلك الممارسات لن تزيد الشعب الفلسطيني إلا صمودا وتحديا، وأنها لن تثنيه عن مواصلة نضاله المشروع؛ لبلوغ حقه في تقرير مصيره، وإقامة دولته المستقلة، وعاصمتها القدس.

يجب وضع استراتيجية موحدة لمواجهة الاحتلال

ومن جانبه قال الدكتور أيمن الرقب، المحلل السياسي الفلسطيني، إن الاحتلال ارتكب جريمة جديدة بحق الشعب الفلسطيني، تُضاف إلى سلسلة الجرائم التي نفذها على مدى سنوات الاحتلال البغيض، متابعًا:«فبعد أن اغتصب أرضنا وطرد أهلنا من أراضيهم وديارهم في نكبة العام 1948، يعود اليوم ليصادق بالقراءتين الثانية والثالثة على مشروع «قانون» إجرامي وغير أخلاقي وعدواني وهمجي يهدف إلى ترحيل أسرى شعبنا من أبناء القدس والأرض المحتلة عام 1948».

وأوضح المحلل السياسي الفلسطيني، أن هذا القانون الذي يقضي بسحب «الجنسية» أو الإقامة الدائمة ممن ناضلوا في وجه الاحتلال، هو جزء من إطار مشروع «الترانسفير» الذي تبنته حركة «كاخ» التي تم حلّها شكلًا وبقيت أفكارها المتطرفة، والتي كان وزير الأمن القومي الفاشي «إيتمار بن غفير» أحد قياداتها الشابة، وهو ما يُثبت أنه وجماعته ما زالوا متمسكين بفكرها الإرهابي العنصري حتى يومنا هذا.

ولفت «الرقب»، إلى أنه ليس أمام السلطة الفلسطينية، إلا أن تتحرك على عدة صعد أولها التوجه للمؤسسات الدولية المعنية بالقانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان، لمطالبتها بالتنديد بهذا القانون الصهيوني، وإدانة سلوك الاحتلال العدواني بحق  شعبنا، واتخاذ التدابير اللازمة لجهة منع حكومة الفاشيين في تل أبيب من مواصلة إجرامها، وتعديها على القانون الدولي بحرمان الأسر الفلسطينية بالعيش في مدنهم وبلداتهم في أرضنا المحتلة.

وأشار المحلل السياسي الفلسطيني، إلى أنه يجب أن يفيق صناع القرار الفلسطيني في  كافة فصائل، وقوى شعبنا، ويقوموا بتحقيق المصالحة وتوحيد الصفوف، والاستعداد للمواجهة الحتمية مع حكومة مجرمي الحرب في دولة الاحتلال، من خلال وضع استراتيجية مقاومة موحدة تنطلق برؤية واحدة في كل خطوط المواجهة مع الاحتلال، والمقاومة بكل أشكالها حق شرعه القانون الدولي الذي يحمي الاحتلال الصهيوني.

المجتمع الدولى يكيل بمكيالين

وفي نفس السياق انتقد الدكتور جهاد الحرازين، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس، إقرار كنيست الاحتلال قانون سحب الإقامة من الأسرى الفلسطينيين وذويهم، ومن الذين يتلقون أموالا من السلطة الفلسطينية، منوهًا إلى أن ذلك يمثل أعلى درجات العنصرية التى تمثل جريمة كبرى وفقا للقانون الدولى، الذي فرض عقوبات اقتصادية وسياسية على دول مارست هذه السياسة، ولكن عندما يتعلق الامر بدولة الاحتلال فكان المجتمع الدولى يصاب بحالة من فقدان الذاكرة، أو ضبابية الرؤية؛ نتيجة لسياسة الكيل بمكيالين.

وأضاف أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس، أن هذا القانون الذى أقرته مجموعة اليمين المتطرف بداخل ما يسمى بالكنيست الإسرائيلى، يأتى فى سياق تفريغ المدن الفلسطينية كمدينة القدس، والداخل لإفراغها من أهلها وسكانها، واحلال مجموعات المستوطنين المتطرفين مكانهم، فى سياق الصراع الديموغرافى الذى تخشاه دولة الاحتلال.

وتابع:« ومع استمرار هذه الحكومة الفاشية في مخططاتها التهويدية، سيلى هذا القانون قانونًا  أخر متعلق بإعدام الأسرى الفلسطينيين؛ أى أنها تسير وفق مخططها الإستيطانى، وإجراءاتها على الأرض، وما تمثله من انتهاكات واعتداءات واقتحامات للتضييق على المواطنيين الفلسطينيين، وإجبارهم على مغادرة منازلهم وبيوتهم؛ فهى تخطط لنكبة جديدة كما حدث أبان نكبة عام 1948، عندما ارتكبت المجازر، وهجرت وشردت وشتت أبناء الشعب الفلسطينى».

وطالب «الحرازين» بضرورة أن يكون هناك تحرك دولى عاجل وفاعل، لوقف ولجم تلك الحكومة الفاشية التى يقودها نتنياهو وبن غفير وسموتريش، مشيرًا إلى أن الأمور ذاهبة نحو التصعيد والانفجار، نتيجة لتلك السياسات، ولن تتوقف هذه المرة عند بعض المدن؛ بل ستطال المنطقة بأسرها، وعلى الإدارة الأمريكية والدول الأوروبية، العمل بشكل حقيقى وجدي بعيدًا عن بيانات الإدانة والشجب والاستنكار.

تحركات القيادة الفلسطينية أمام الهيئات الدولية

وأكد «الحرازين» أن هناك تحركات تقودها القيادة الفلسطينية برئاسة الرئيس محمود عباس ـ أبو مازن ـ ووزارة الخارجية الفلسطينية، أمام الهيئات الدولية، وعلى رأسها مجلس الأمن الذى سيعقد جلسة يوم الاثنين المقبل، لمناقشة هذه التطورات، متمنيًا أن تكون هناك قرارات واضحة تدين دولة الاحتلال وتطبق على الأرض.

وشدد على أنه يجب أن تعاقب هذه الحكومة، وتحاسب على الجرائم، وعلى الهيئات والمنظمات الدولية العمل على التعامل مع هذه الدولة بأنها دولة فصل عنصري، كما جاءت تقارير المنظمات الحقوقية الدولية، والبدء بالتحرك الفعلى من قبل محكمة الجنايات الدولية، لمحاسبة قادة الاحتلال على تلك الجراىم بدءًا من الاستيطان، وعمليات القتل والاعدام، بدم بارد، وسياسات العنصرية، إلى جانب ما يتعرض له الاسرى الفلسطينيين.