هل من سائل فأعطيه
"وبالأسحار هم يستغفرون ".. فضل قيام الليل في ليلة الجمعة
قيام الليل.. قد فتح الله عز وجل بينه وبين عباده الكثير من الأبواب لعلمه ان العبد دائما يفتقر إلي الله ويهرول إليه فلا منجا ولا ملجأ من الله إلا إليه وعبادة قيام الليل هي من اكثر الأبواب فتحا علي العبد كما قال الله عز وجل في كتابه “ إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا ”.
ألَا من داعٍ يُستجابُ له
ووقت السحر له قدسية عظيمة حيث يتنزل رب العزة تنزلا يليق بكماله وجلاله إلي السماء الدنيا ليكون رحمة لعباده لقضاء حوائجهم ومغفرة ذنوبهم ولتحقيق امنياتهم فإذا كان ثُلُثُ الليلِ أو شَطْرُه يَنزِلُ اللهُ إلى سماءِ الدنيا حيث قال رسول الله صلي الله عليه وسلم لولا أنْ أشُقَّ على أُمَّتي؛ لأَمَرْتُهم بالسِّواكِ عندَ كُلِّ صَلاةٍ، ولأخَّرتُ العِشاءَ إلى ثُلُثِ اللَّيلِ الأوَّلِ، فإذا مَضى ثُلُثُ اللَّيلِ الأوَّلُ، هَبَطَ الربُّ جَلَّ ثناؤُه إلى سَماءِ الدُّنيا، فلم يَزلْ هنالك حتى يطلُعَ الفَجرُ، يقولُ قائِلٌ: ألَا سائِلٌ يُعطى، ألَا داعٍ يُستجابُ له، ألَا سَقيمٌ يَستَشْفي فيُشْفى، ألَا مُذنِبٌ يَستغفِرُ فيُغفَرُ له؟الراوي: أبو هريرة.
قيام الليل.. الفتوحات الربانية
فكم من الفتوحات الربانية والعطايا والرحمات تتنزل علي عباد الله القائمين بين يديه في أحب الاوقات إليه خاشعين متذللين مفتقرين إلي الله منيبين إليه فكم منا من له حاجة وكم منا من واقع في الذنوب وكم منا من يريد ان يؤتي سؤله وباب الله مفتوح دائما وابدا لا يرد ابدا فهو كريم منعم بر رحيم مجيب الداعي.
ويقول سيدنا رسول الله صلي الله عليه وسلم عن قيام الليل " عليكمْ بقيامِ الليلِ فإنَّه دأبُ الصالحينَ قبلكمْ، وقربةٌ إلى اللهِ تعالى، ومنهاةٌ عنِ الإثمِ، وتكفيرٌ للسيئاتِ، ومطردةٌ للداءِ عنِ الجسدِ
وبالحديث عن يوم الجمعة فإنه يوم عظيم له قدر ومكانة عند الله تعالي فهو يوم عيد للمسلمين ووقال رسول الله صلي الله عليه وسلم عن يوم الجمعة (من أفضَلِ أيامِكم يومُ الجمُعةِ، فيه خُلِقَ آدمُ، وفيه قُبِضَ، وفيه النَّفخةُ، وفيه الصَّعقةُ).
قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إنَّ في الجُمُعَةِ لَساعَةً، لا يُوافِقُها مُسْلِمٌ، يَسْأَلُ اللَّهَ فيها خَيْرًا، إلَّا أعْطاهُ إيَّاهُ، قالَ: وهي ساعَةٌ خَفِيفَةٌ. وفي رواية: ولَمْ يَقُلْ: وهي ساعَةٌ خَفِيفَةٌ).
قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (نَحْنُ الآخِرُونَ، ونَحْنُ السَّابِقُونَ يَومَ القِيامَةِ، بَيْدَ أنَّ كُلَّ أُمَّةٍ أُوتِيَتِ الكِتابَ مِن قَبْلِنا، وأُوتِيناهُ مِن بَعْدِهِمْ، ثُمَّ هذا اليَوْمُ الذي كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْنا، هَدانا اللَّهُ له، فالنَّاسُ لنا فيه تَبَعٌ، اليَهُودُ غَدًا، والنَّصارَى بَعْدَ غَدٍ. [وفي رواية]: نَحْنُ الآخِرُونَ، ونَحْنُ السَّابِقُونَ يَومَ القِيامَةِ، بمِثْلِهِ).
ولذلك فمن اراد الخير له في شقي اليوم واستغلاله امثل استغلال فعليه بقيام الليل في يوم الجمعة وكل يوم فالله يباهي ملائكته بالعبد التائب ويصلح البدن وسريرة عباد الله وهم قائمين بين يديه في جوف الليل فالهبات في محاريب الخلوات فعباد الله في امس الحاجة للاستجابة وتلقي الرحمات والفتوحات.
ويختار الله عز وجل لنبيه وهو اصفي الخلق وحبيب الحق عبادة الليل ليميزها عن باقي العبادات لعظم شأنها وقدرها عند الله بقوله سبحانه وتعالي بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (1) قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا (2) نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا (3) أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا (4) إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا (5) إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا (6) إِنَّ لَكَ فِي النَّهَارِ سَبْحًا طَوِيلًا (7) وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا (8) رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلًا (9) وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا (10)
وفي تفسير قول الله عز وجل إن ناشئة الليل هي أشد وطئا واقوم قيلا أشد ثباتا من النهار وأثبت في القلب، وذلك أن العمل بالليل أثبت منه بالنهار حيث إن النفس تبعد عن كل امور الحياة تجري من شتات الفكر وصغب الدنيا إلي هدوء الليل فيلقي في القلب الفتوحات ويثبت في قلب العبد الصدق بين يديه ربه حيث أنه ذاهب إليه دون نداء أو فرض بل طوعا وحبا وصدقا دون رياء فبادروا إلي الله فإنه حيي كريم يستحي من العبد ان يرفع يديه ويردهما صفرا