الفتوى والتشريع: لا يجوز للحكومة تحصيل خمسون قرشًا شهريًّا معونة شتاء على بطاقات التموين للمواطنين
انتهت الجمعية العمومية لقسمى الفتوى التشريع بمجلس الدولة فى أحدث فتاويها برئاسة المستشار أسامة محرم النائب الأول لرئيس مجلس الدولة إلى عدم جواز قيام الحكومة بتحصيل خمسون قرشًا شهريًّا كمعونة شتاء على بطاقات التموين للمواطنين، ولا محل لصرف مكافاَت منه للعاملين بالتموين تأسيسا على أن المخاطبين بنظام البطاقات التموينية، من الأسر الأولى بالرعاية ومحدودي الدخل ودعمهم لا يجيز اكراههم بالتبرع.
قالت الجمعية العمومية للفتوى والتشريع إن الدستور ناط برئيس مجلس الوزراء، أو من يعينه القانون، إصدار اللوائح التنفيذية للقوانين شريطة ألا تتضمن تعديلا لحكم في القانون، أو تعطيلا لمقتضاه، أو إعفاء من تنفيذه، ولا أن تتناول بالتنظيم ما لم ينظمه القانون، فاللوائح التنفيذية تفصل ما ورد إجمالا من نصوص، وتفسر ما غمض منها وذلك كله بالضوابط المشار إليها، كما أنه متى عهد القانون إلى جهة معينة بإصدار اللائحة التنفيذية استقلَّ من عينه القانون دون غيره بإصدارها، فلا يجوز له التفويض في ذلك ولو كان هو المنوط به كأصل عام إصدار اللائحة التنفيذية، وإلا عُد تسلبًا من الاختصاص المُوكل إليه.
واستبان للجمعية العمومية أن ممارسة العمل الأهلي تقوم في جوهرها على تحقيق أغراض التنمية المستدامة دون استهداف الربح أو المنفعة؛ بما ينعكس على تنمية الفرد والمجتمع وتحقيق متطلباته وتعظيم قدراته على المشاركة في الحياة العامة، وشأن المؤسسات الأهلية في ذلك شأن الجمعيات فيما لم يرد بشأنه نص خاص، وأن المشرع أجاز للجمعيات في سبيل تحقيق تلك الأغراض ودعم مواردها المالية، أن تجمع التبرعات من داخل الجمهورية بشرط صدور ترخيص مسبق لجمع المال، وعهد إلى رئيس مجلس الوزراء إصدار اللائحة التنفيذية وفوضه في تحديد القواعد والإجراءات والشروط اللازمة لكل وسيلة جمع على حدة، والتي أجازت للجمعيات جمع التبرعات عن طريق البنوك وشركات تحصيل الأموال والرسائل القصيرة وقنوات التوزيع الإلكترونية المختلفة بالبنوك والحفلات الخيرية والأسواق الخيرية والمعارض والمباريات، إلا أنها تنصلت من الاختصاص الموكول إليها وخالفت القانون ومنحت الوزير المختص بالجمعيات والعمل الأهلي الحق في إضافة وسائل أخرى غير مدرجة باللائحة.
كما استعرضت الجمعية العمومية أن التبرع يتطلب بحكم اللزوم الإرادة الحرة المختارة، ومن المسلم به في مجال الفرائض المالية أن ثبوت عنصر الإكراه في أداء مبالغ معينة ينفي بحكم اللزوم المنطقي نية التبرع بها، إذ لا يجتمع النقيضان في وقت واحد.والثابت أن مديرية التموين والتجارة الداخلية بالبحيرة تقوم بتحصيل مبلغ خمسين قرشًا شهريًّا كتبرع (معونة شتاء) لصالح المؤسسة العامة للتكافل الاجتماعي (إحدى مؤسسات المجتمع الأهلي)، وذلك على كل بطاقة تموينية عن طريق توزيع طوابع على المكاتب والبدالين التموينيين لتحصيلها من أصحاب البطاقات عند صرف السلع التموينية المقررة لهم، وكان إقرار التبرع بواسطة الطوابع وفقًا لقرار وزير التضامن رقم (223) لسنة 2021 يُعد مخالفًا للتفويض التشريعي الممنوح للائحة التنفيذية في المادة (25) من قانون تنظيم ممارسة العمل الأهلي وتسلبًا منها للاختصاص الموكول إليها بتحديد وسائل جمع المال، فإنه يتعين استبعادها كإحدى وسائل جمع التبرعات.
وأضافت كما أن جمعها بواسطة المرفق العام إبان منحه للدعم المقرر على السلع التموينية لمواجهة غلاء الأسعار، لا يستقيم معه أن يكون التبرع وليد إرادة حرة من المخاطبين بنظام البطاقات التموينية، وهم من الأسر الأولى بالرعاية ومحدودي الدخل، وهو الأمر الذي يفرض على متلقي الخدمة ضرورة لا فكاك منها بسداد تلك المبالغ، ومن ثم يكون التحصيل يتم جبرًا من ذوى الشأن، وهو ما يعتلي به عنصر الإكراه إرادة المتبرعين، ويكون مسلك الجهة الإدارية في جمعها غير قائم على سند من القانون.
واختتمت وأما التساؤل الثاني بشأن مدى صحة صرف مكافأة للعاملين بمديرية التموين والتجارة الداخلية بالبحيرة بنسبة (15%) من المبلغ الذي يتم تحصيله كمعونة شتاء، وإذ انتهت الجمعية العمومية إلى عدم مشروعية قيام مديرية التموين والتجارة الداخلية بالبحيرة بتحصيل مبلغ (50) قرشًا على كل بطاقة تموينية، فمن ثم لا يكون هناك محل لبحث مدى قانونية هذا التساؤل، ولا جدوى من إبداء الرأي فيه.