"المشورة الكنسية" شرط لإتمام سر الزيجة (تفاصيل)
قامت الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، برئاسة البابا تواضروس الثانى بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، بتوجيه المقبلين على الزواج لحضور دورات المشورة كشرط أساسى لتتميم سر الزيجة، لتفادي الوتيرة المتزايدة والمتسارعة من الخلافات الزوجية، والمشكلات الأسرية العويصة التي تواجه الكنيسة بشدة خلال الفترات الراهنة من تاريخها.
وفى هذا الشأن قال الاستاذ نعيم جرجس، المتخصص في المشورة الأسرية، فى تصريحات خاصه، يشيد بخُطوة الكنيسة الأرثوذكسية، في اعتمادها المسائل المشورية، كشرط حتمي لتتميم سر الزيجة، وعدم اعتمادها في هذا الشأن على سر الاعتراف، الذي كان سابقًا مخصصا دون غيره، في مسألة الخلافات الأسرية والزوجية، مُبديًا إعجابه الشديد بهذا التحرك الأرثوذكسي الإيجابي الفارق في طريق الكنيسة نحو مواكبة تطور الحياة.
ويقول "جرجس": "المشكلة تكمن في اعتقاد الكثيرين بأن المؤمن لا يتعرض للخلل النفسي، ولعل هذا ارتبط بطبيعة مجتمعنا الشرقي، مما جعل دورات المشورة تتخذ شقين، الأول إيجابي يدفع البعض للتثقيف في الأمور النفسية، والثاني سلبي دفع الأغلبية للتعامل معها كإجراء بيروقراطي للحصول على موافقة بالزواج داخل الكنيسة".
ويتابع بقوله: "الاستفادة لا تكمن في المشورة ذاتها، بل في استعداد الأشخاص لقبولها، ورغبتهم في تحسين نمط حياتهم، من خلال تطبيق ما تلقوه خلالها"، مؤكدًا أن الطرفين يتلقيان نفس المادة، إحداهما يهتم بكل تفاصيلها فيستفيد، والآخر يبرهن فقط نسبة حضور تتيح له الحصول على الشهادة، مقرًّا أنه في بعض الحالات يتمكن الطرفان من الحصول على الشهادة دون حضور الدورة، من باب المجاملة.
ويشير الخبير المتخصص في المشورة الأسرية، إلي ما يعني أن دورة المشورة قبل الارتباط مباشرة ليست عصا سحرية، بل الحل الجذري متمثل في التأهيل النفسي للشخص من طفولته، وحتى موعد زواجه.
وتأكيدًا لعدم نضج الوعي المجتمعي لتقبل المشورة، إن نسب الحضور الحالية مرتبطة بالحصول على الموافقة بالزواج، بحيث لو كانت هذه الدورات اختيارية لكانت نسب الحضور تكاد تكون منعدمة، كاشفًا أن المشكلة الأكبر تكون في التعامل مع الرجل، والتي تكون نسب حضوره ضعيفة جدًا جدًا بالمقارنة مع المرأة، وربط موقف الرجال هذا بطبيعة المجتمع الذكوري الذي تربو فيه على أن الرجل يعرف كل شيء، وليس فيه عيب.
وعن أهم المبادئ الكتابية التي تسعى المشورة لترسيخها، أشار "جرجس"، إلي مبدأ الترك، مستشهدًا بنص سفر التكوين ''يترك الرجل أباه وأمه ويلتصق بامرأته''، وهو القانون الكتابي الأول الذي يحكم علاقة الرجل بزوجته في المسيحية، لتفادي الطرفان أي تدخلات قد تؤثر على استقرار بيتهما، وحياتهما الخاصة.
وأوضح أن غياب الثقافة، والوعي الجنسي في العلاقة الحميمية أكبر مسببات المشاكل الزوجية، قائلا: "أكاد أجزم أن أكثر من ٩٠٪ من المشاكل سببها جنسي، ولعل أبرزها عدم القدرة على طلب الإشباع من الآخر، لئلا يُرسَم بصورة سيئة في نظر شريكه"، ويحذر متابعًا: "مواد "البورنو جرافي" شوهت العلاقة الجنسية المقدسة، ورسخت مفاهيم مغلوطة حول طبيعة هذه الحميمية، فهي تخدع الأزواج بقدرات وهمية لا واقع لها، مما يجعل كل منهما غير راضٍ عن الآخر".
وتابع لمسببات عِدّة للمشاكل بين الأزواج، ومنها الفروقات الجنسية من حيث طبيعة التحليل، فبينما تميل المرأة إلي التفصيل، والشمولية، يفضل الرجل الإجمال، والعمومية، فيرى الرجل المرأة مبالغة، وترى المرأة زوجها متجاهلًا، ومقصرًا في حقها، وفي الواقع الأمر كله يرجع للفروقات بين الجنسين، وليس في الأمر أي مبالغة أو تجاهل.