ربيع جودة يكتب: جنة فوق أرض عصيبة
أعرف رجلًا.. يجلس كل يوم على قبر زوجته.. لا تمنعه وحشة القبور ورائحة الموتي عن الأنس بمخلوقة باتت ترابًا..
وأعرف آخر يعكف علي خدمة زوجته المريضة منذ أكثر من عشرين عامًا.. يقوم بدور الزوج والزوجة.. في صمت واحتساب.. لم يتسائل يوما عن حذاءه.. ولم يعاتبها يومًا أين قميصه.. يضع الستائر حين ينشر ملابسه.. ويرفعها لتري الشمس.. فيراه الجيران ولا يخجل
ورغم كل هذا العطاء.. يجد فيها السكن.. والأمان.. والجنة فوق أرض عصيبة
حاولت الكتابة عنه.. وبينما أعد كلماتي.. رأيت في اللغة العربية ما هو أغرب من صنعه
ووجدت كرامة للمرأة لا توصف..
فمثلا.. حين تلحق نون النسوة بالكلمة تسكنها تماما فلا جزم ولا نصب ولا حركة
والأعجب انك لا تستطيع أن تكسر اسم امرأة في اللغة العربية أبدًا. فتقول.. رأيت في زينبَ كل جميل.. لم أترك لعلياءَ سوي قلبي.. سمعت من زهرةَ همسها..
فبالرغم من وجود حرف جر يكسر الجبل.. لكنه لا يكسر اسمها أبدا.
ثم يأتي جهلاء القوم لينالوا من نقاء أنوثتها.. ويأتي أجهل منهم ليزعموا أن العروبة أخذت من كرامتها.. وأزهقت حقوقها.
ووالله ما وضعت موازين الرجولة.. إلا وكانت المرأة معيارها.. فما أكرمهن الا كريم.. ولم يزل في دماء الرجال نخوة ما دامت نسائهن تحيا كالقوارير.