مآسي تحت الأنقاض.. إلى متى تستمر العواصف الزلزالية؟
فجر زلزال سوريا الذي وقع أمس، الاثنين، حالة من الحزن والألم الشديد الذي تعذب به كثير من أبناء الأمة العربية، لا سيما السوريين الذين اكتوت قلوبهم من ويلات الحرب، ومعاناة مع الإرهاب، وتهجير ونزوح دام سنوات.
مشاهد مأساوية
وفي السياق ذاته، أغرقت مقاطع الفيديو وسائل التواصل الاجتماعي، والتي من شأنها أن توثق حجم الألم الذي يعاني منه مئات الآلاف من الأبرياء، حيث وجدوا أنفسهم في غمضة تحت الأنقاض دون حول لهم ولا وقوة، حسب سكاي نيوز عربية.
ووثقت الكاميرات مئات المشاهد المؤلمة، حيث يمكن سماع صوت ممزوج بالبكاء والأنين لطفل سوري يصرخ وكأن روحه تخرج من جسده قائلًا: "بدي أطلع"، وذلك بعد مر 30 ساعة من انتظار وصول المساعدات.
ونجح عمال الإنقاذ في إخراجه من تخت منزله المدمر في مدينة سقلين غربي إدلب؛ ليكتب له عمرًا جديدًا على قيد الحياة، ومن أكثر المشاهد التي تقطعت لهة القلوب، عندما استطاع عمال الإنقاذ انتشال طفلة سورية تدعى إيلاف من تحت الأنقاض رافعين أصواتهم "حمدالله على سلامتك يا إيلاف" ثم سألها أحدهم هل معك أحد بالدخل؟.
وجاء هنا الرد الذي أبكي الملايين "نعم عمو،. اخواني وأمي بالداخل، لكن ميتين، كلمات من الصعب المستحيل أن تنطق بها طفلة.
ومن المشاهد الآخرى التي وثقتها الكاميرا، كانت لطفل سوري يدعي محمد، وكأنه يتجاوز الخامسه من عمره، تحت الأنقاض في هاتاي بتركيا، حيث ظهر الطفل والتراب يملئ وجه، حيث أنه انهار عطشا وهو لا يزال عالقا تحت الأنقاض بين يدي الرحمن، ليقوم أحد المنفذين بسقايته الماء بكميات صغيرة من خلال غطاء العلبة المعدنية
وبدأ الطفل يبتسم بعد مداعبة الموجودين لها، وأخذ يبتسم دون أن يدر قساوة الموقف الصعب الذي وُضع فيه.
هزات أرضية في فلسطين والجزائر
ولم تنتهى تلك المآسي حتي تُلحق بها الهزات الأرضية في فلسطين، والتي شعر بها المواطنون في رام الله والبيرة ونابلس، حيث أن مركز الهزة الأرضية على بعد 13 كم شمال مدينة نابلس، في صدع "الفارعة-الكرمل"، وبقوة 4.8 درجات على مقياس ريختر، وبعمق 10 كم، حسب وكالة الأنباء الفلسطينية.
ومن ناحية أخرى، أعلنت الحماية المدنية بالمسيلة الجزائرية، أنها البلاد تعرضت إلى هزة أرضية بلغت شدتها 2،9، مؤكدة أنه لم يتسبب في أي خسائر
وعلى الصعيد نفسه، فقد ارتفعت حصيلة قتلى زلزال تركيا وسوريا اليوم، الأربعاء، إلى أكثر من 9،858، وارتفعت الإصابات إلى 40،910، فيما يحاول رجال الإنقاذ العثور على ناجين عالقين تحت الأنقاض.
فالق شرق الأناضول
وفيما يتعلق بالمنطقة التي تعرضت للزلزال؛ فهي معروفة بـ "فالق شرق الأناضول"، وهي نشطة زلزاليا منذ القدم، وفسر استاذ الزلازل بالمعهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية حجم قدرة الزلزال تركيا التدميرية.
وقال إن هذا الزلزال هو الأقوي منذ عام 1975، حيث أنه يصنف على أنه قوي جدًا، ولم تشهد المنطقة زلزال بهذه القوة وعلى هذا العمق الذي يبلغ نحو 15 أو 18 كيلو مترًا، حسب سكاي نيوز عربية.
وتابع أن التاريخ الجيولوجي، يذكر أن الصفيحة العربية" المكون للجزيرة العربية و"الصفيحة الإفريقية" المكونة لقارة إفريقيا كانتا جزءا واحدا منذ 25 مليون سنة، وعندما حدث صدع على طول البحر الأحمر بدأ يتسع جنوبا، ممتدا إلى خليج السويس ثم إلى خليج العقبة، ثم إلى البحر الميت، وتسببت الحركة التي كانت من 11 مليون سنة من العقبة إلى البحر الميت في أن الصفيحتين صارتا تتحركان بسرعة مختلفة تجاه الشمال.
وأضاف أن التصادم الذي حدث بين الصفيحتين مع "صفيحة أوراسيا" أو الصفيحة الأوروبية نتج عنه انزلاق صفيحة تحت آخرى وهو ما يطلق عليه بالتصادم القاري، الذي كوّن سلاسل الجبال العالية في منطقة جبال زاغروس ومنطقة هضبة شرق تركيا وأيضًا غرب تركيا.
وأشار إلى أن الحركة التقاربية بين الألواح تسببت في كسرًا على طول فالق تركيا؛ مما نتج على إثره تحرك الجزء التركي إلى ناحية الغرب على الفور حتى يستوعب الحركة التضاغطية بين الصفيحتين العربية والأوراسية.
إلى متى تستمر العواصف الزلزالية؟
ومن مثيرات الدمار الكبيرة في الزلزال ما يسمى بـ "العواصف الزلزالية "و تسبقه أحيانا هزات أقل شدة وتسمى بالزلازل الأولية، وبعدها تأتي الهزات الارتدادية، ثم يسود هدوء تدريجي، إلى أن تخرج الطاقة المختزنة في باطن الأرض.
يتعلق استمرار العاصفة الزلزالية بخرائط الشدة الزلزالية التي تعطى انطباعًا عن كمية الطاقة المخزنة، ثم يتم حسابها من خلال عدد الزلازل التي وقعت في منطقة ما، وذلك حسب ما قاله استاذ الزلازل بالمعهد القومي للبحوث الفلكية.
ويشدد هنا على أنه من الممكن تقدير نسبة النشاط الزلزالي، ولكن تقدير فترة النشاط أو عدد التوابع يدخل في إطار التنبؤ نتيجة التكسير أو التهشيم حسب طبيعة التفاعل ما بين الصفائح التكتونية أو القارات مع بعضها البعض.