أوكار للنصب.. «الفجر» تقتحم عالم أكاديميات ومراكز علاج التخاطب والتوحد «الوهمية»
رسوم فلكية لتسجيل شهادات المتدربين.. وأطباء: الأضرار كارثية على الأطفال
فى أكاديميات ومراكز غير مرخصة، أصبح الطب مهنة من لا مهنة له، ومن خلال صفحات التواصل الاجتماعى التى تنتشر بها إعلانات عن دورات تأهيل أخصائى التخاطب ومساعدة الأطفال ذوى الاحتياجات الخاصة والتوحد وفرط الحركة وعلاج الضعف السمعى والكلام وصعوبة التعلم والتنمية اللغوية، يتم اصطياد الزبائن ليدرسوا أصول النصب تحت مسميات وهمية بأماكن تحت بئر السلم.
٦٦٠٠ جنيه فقط، ومن خلال مجموعة من المحاضرات المعلبة يحصل الزبون على شهادة على أنه أخصائى تخاطب.
تواصلت «الفجر» مع أحد المراكز الذى عثرت عليه من خلال وسائل التواصل الاجتماعى، فوجئت بعدم وجود أى شروط للالتحاق، كما لا يشترط أى مؤهل دراسى، وعلى حد قول محدثى «المجال مفتوح وتوجد فرص عمل للجميع»، وعندما تساءلت عن هل الشهادة معتمدة، قال إن الاعتماد يتم من جامعات ووزارات حكومية نظير مبلغ إضافى على الرسوم الدراسية.
هند صبحى، التحقت بدورة التخاطب بأكاديمية كيان للاستشارات والتدريب، حتى تتمكن من العمل بإحدى المدارس الخاصة التى تشترط حصول المتقدم على دورة التخاطب، للعمل مع تلاميذ تعانى من التوحد وصعوبات فى النطق، وبعد أن دفعت رسوم الدورة وقدرها ١٢٠٠ جنيه، على أمل إنهاء تدربيها على أيدى خبراء من معهد السمع والكلام كما قال لها مسئول الأكاديمية، فوجئت بأن القائمين على التدريب حاصلين على نفس الدورة التى تقوم بدراستها وفى نفس الأكاديمية!
وحتى المادة العلمية تعتمد على كتب متوفرة على الإنترنت وفيديوهات اليوتيوب.
تقول «هند» إن الذى دفعها للاستمرار هو وعدها بالحصول على شهادة معتمدة من كلية الطب جامعة عين شمس، وبعد فترة من بدء الدراسة اكتشفت أن جامعة عين شمس لا علاقة لها بالأكاديمية، رغم سداد كل طالب رسوما إضافية بقيمة ٣٠٠ جنيه لاعتماد الشهادة بخاتم النسر من جامعة عين شمس.
فى حين أكد لها مسئولون بكلية الطب، أن التخصص فى التخاطب يكون من خلال دبلومة وماجستير من الكلية أو معهد السمع والكلام، أو قسم التربية الخاصة بكليات التربية، وأن جميع الأكاديميات والمراكز «وكر للنصب».
فى أكاديمية فى آى بى للتدريب والدراسات، والتى تعمل على بيع شهادة خبرة فى التخاطب لمن يرغب بـ ١٠٠٠ جنيه و١٥٠٠ جنيه.
وتكشف سماح محمود، مسئولة إدارية بالأكاديمية، أنها توفر شهادة الخبرة أو التخصص فى التخاطب للعمل بها فى المدارس أو الجمعيات الخيرية والشرعية أو الحضانات، وذلك دون اشتراط حضور الدورة، مقابل ٧٠٠ جنيه، بينما يدفع من يحضر الدورة لمدة شهر ونصف الشهر (١٢ محاضرة) ٥٠٠ جنيه.
وتخصصت جمعيات خيرية كأحد منافذ هذا البيزنس، من خلال تنظيم دورات تدريبية فى التخاطب، مستغلين الحصول على ترخيص من التضامن الاجتماعى لإنشاء مركز تدريب للتخاطب، وبالاعتماد على مدربين غير مؤهلين، بعضهم حاصلين على مؤهلات متوسطة، تحصد تلك الجمعيات مبالغ طائلة.
وتلزم الرعاية الطبية والاجتماعية والنفسية للأبناء المعاقين، أخصائى تدريب لغوى بمؤهل عال، وحاصل على دبلوم فى التخاطب.
سوزان حمدان، التحقت فى إحدى الدورات التى ينظمها مركز الجمعية الخيرية بإمبابة، ورغم أن مؤهلها دبلوم تجارة إلا أن ذلك لم يمنع التحاقها فى دورة التخاطب حتى تتمكن من العمل فى إحدى الحضانات الخاصة.
تقول سوزان حمدان: إن الدورة عن كيفية النطق وتعديل سلوك الأطفال المصابين بالتوحد وفرط الحركة، وأن المركز يمنح الدورة دون اشتراط المؤهل، مقابل ٧٠٠ جنيه، و١٠٠٠ جنيه مقابل ختم الشهادة من وزارة التضامن.
يقول الدكتور محمود إسماعيل، استشارى أمراض التخاطب بمعهد السمع والكلام، إن جميع الأكاديميات والمراكز التى تنظم دورات لمدة شهر، غير معتمدة، ويعمل بها أشخاص غير مؤهلين وليسوا أطباء، وليس لديهم خبرة فى التعامل مع الأطفال.
وتابع: تخصص التخاطب يشترط للحصول عليه أن يكون الخريج من ٣ أماكن تمنح دورات معتمدة، هى كلية الطب بجامعة عين شمس، وطب الإسكندرية، ومعهد السمع والكلام بإمبابة، هذه الأماكن تمنح «دبلومة» مدتها سنتين وتدربيات عملية ونظرية، وبالتالى فإن أى جهة أخرى تمنح شهادة التخاطب هى غير معتمدة، ويعتبر ذلك انتحال صفة طبيب أو مزاولة مهنة الطب دون ترخيص، ويعاقب عليه القانون.
وقال: إن ذلك يمثل خطورة على الأطفال وقد يتسبب فى تأخر علاجهم، مشيرًا إلى أنه حال مرور ٧ سنوات من عمر الطفل دون أن يتعلم التخاطب الصحيح فإنه معرض لعدم الكلام طوال حياته. ويصعب على غير المتخصص اكتشاف ما إذا كان الطفل يعانى من ضعف سمعى أما لا، كما لا يستطيع التفريق بين التوحد وفرط الحركة وتأخر التعليم والذكاء، لافتا إلى أن المعهد يستقبل يوميًا ضحايا حالتهم تأخرت لسنوات نتيجة أن أسرتهم اعتمدت على أشخاص غير مؤهلين.
وتخلط أكاديميات «الوهم» والمراكز الخاصة بين التخصصات المختلفة، فالعلاج يبدأ بتقييم لغوى للطفل، واختبارات ذكاء، وقياس طبى للسمع، ثم تشخيص أسباب التأخر فى النطق، ثم يعرض الطفل على أخصائيين نفسيين، ومعالجين لغة ونطق.