التفاصيل الكاملة للانشقاق الأثيوبي.. الكنيسة المصرية اعلنت رفضها للبطريرك غير شرعي
مؤرخ كنسي يسرد قصة الانشقاق الاثيوبي الأول في إثيوبيا، عودة احد اتباع البطريرك الغير شرعي والكنيسة تقبله.. والكنيسة تجرد 3 اخرين
ماكس ميشيل المنشق المصري في عهد البابا شنودة.
شهدت الكنيسة الإثيوبية الشقيقة للكنيسة المصرية، مؤخرًا حالة من الانشقاق الداخلي، تسببت في أزمة كنسية كبرى، حيث قام أحد الأساقفة يُدعى «أبونا ساويروس»، بالانشقاق عن الكنيسة، وأبونا، هو لقب مواز لمصطلح أنبا المُستخدم في الكنيسة القبطية، ومصطلح مار المُستخدم من قبل الكنيسة السريانية، وثلاثتهم مصطلحات متعادلة في المكانة لثلاث كنائس شقيقة لها نفس المعتقد الفكري والإيمان العقيدي.
وبالعودة إلى تفاصيل الأمر، فاستغل الأسقف ساويروس، وجود صراعي عرقي داخلي في أثيوبيا، في إقليم يُدعى "أورمو"، نتيجة اختلاف اللغة والثقافة وبعض الامور الاخرى، وأعلن انشقاقه، حيث جعل من ذلك الإقليم منطقة رعوية مُنفصلة، مُعلنًا ذاته بطريركًا للكنيسة في ذلك الإقليم، وقام بتجميع 26 راهبًا وراعيًا وقام بسيامتهم أساقفة ليساندوه في انشقاقه غير الشرعي، مُكونًا منهم مجمعًا موازيًا لمجمع الكنيسة الأثيوبية الأرثوذكسية التي يرأسها شرعيًا البطريرك «أبونا متياس».
وأمام ذاك الانشقاق لم تقف الكنيسة الأثيوبية الأم، مكتوفة الأيدي، بل أصدرت بيانًا للتبرأ من هذه الحركة الانشقاقية وسحب الصفة الرسمية الكهنوتية والرعوية منها وكافة أعضاءها، وعلى الصعيد الدولي والحكومي طالب البطريرك الإثيوبي الحكومة الإثيوبية بعدم الاعتراف بالبطريرك المنشق ولا الاساقفة المقامين بصورة غير شرعية، مُطالبًا شعب الكنيسة بالتمسك بوحدة الكنيسة والصلاة من أجلها.
كما دعى البطريرك الإثيوبي أبونا متياس، لعقد اجتماعًا عاجلًا لأعضاء مجمع مطارنة وأساقفة الكنيسة؛ للنقاش حول تداعيات الأزمة.
صوم وصلاة 3 أيام وعودة أحد المنشقين
وعلى غرار الكنيسة المصرية، وبصفتها شقيقة صغرى لها، فنادت الكنيسة الإثيوبية بصوم وصلاة بين صفوف الشعب ليحفظ الله وحدة الكنيسة، ويبدو أن الأمر كان له جدوى حقيقية فقبيل انعقاد الاجتماع الطارئ لمجمع مطارنة وأساقفة الكنيسة، أعلن أحد أساقفة البطريرك المنشق ساويروس، رغبته في العودة للكنيسة الأصلية، وتم تحديد موعد للقاء ابونا بطرس سكرتير المجمع المقدس الاثيوبي، والذي أعلن ترحيب البطريرك والكنيسة به وإعادته إلى الشركة الكنسية بنفس رتبته، وكان قد اتخذ اسمًا له حينما سامه البطريرك المنشق أسقفًا، ودعى نفسه بـ«أبونا أبيفانيوس».
موقف الكنيسة المصرية
الكنيسة القبطية هي الكنيسة الأم للكنائس الارثوذكسية الأخرى مثل السيريانية والهندية والحبشية والاثيوبية والارمينية وغيرها، فلذلك ترى أن كل كنيسة يرأسها بطريرك فيما عدى القبطية التي يرأسها بابا، والبابا هو الرتبة الأعلى من البطريرك، وفي مصر لم يرضى البابا تواضروس الثاني عن الامر، فأصدرت لجنة العلاقات المسكونيّة المنبثقة عن المجمع المقدّس للكنيسة القبطيّة الأرثوذكسيّة، برئاسة الأنبا توماس، مطران قوصية ومير بيانا لشجب الانشقاق الأثيوبي وإدانته.
وقال البيان: تعلن لجنة العلاقات المسكونيّة في المجمع المقدّس للكنيسة القبطيّة الأرثوذكسيّة، رفضها التام للإنقسام الّذي أُعلن، بفصل سيادة المطران أبونا ساويرس وتنصيبه بطريركًا لإقليم أورومو في إثيوبيا. انتهكت رسامته المكوّنة من 26 أسقفًا قوانين الكنيسة والمبادئ الراسخة للكنائس الأرثوذكسيّة عبر الأجيال.
ولا تعترف الكنيسة القبطيّة الأرثوذكسيّة بأي رسامة خارج نطاق البطريرك الشرعي لكنيسة التوحيد الإثيوبيّة الأرثوذكسيّة، فقط أبونا ماتياس الأول معترف به كبطريرك لكنيسة التوحيد الإثيوبيّة.
كما تعلن اللّجنة تضامنها الكامل مع كنيسة التوحيد الإثيوبيّة الأرثوذكسيّة، ونناشد المطارنة وأساقفة الكنيسة الأرثوذكسيّة الإثيوبيّة، ذات التاريخ الطويل والغني، دعم وحدة الكنيسة وسلامتها، متمسّكين بوحدة الكنيسة وسلامتها. رباط الحبّ والسلام.
ومن المعروف ان مصر التي ادخلت المسيحية لإثيوبيا، حيث إن شابا مصريا مسيحيا يدعى فرومنتيوس هو الذي ادخل المسيحية إلى هناك، وجعل البابا المصري اثناسيوس فرومنتيوس اول اسقف للكنيسة في إثيوبيا وعندما عاد انبا فرومنتيوس إلى إثيوبيا قام بتعميد الملك أزينا ملك أكسوم ليكون اول ملك اثيوبى مسيحى وبدأت المسيحية فى الانتشار وكان ذلك فى القرن الرابع الميلادى، ويلقب الإثيوبيين القديس فرومنتيوس باب السلام أو أبا سلامة ولذلك صار لقب المطران القبطى الذي ظلت الكنيسة القبطية ترسله إلى إثيوبيا حتى منتصف القرن العشرين أبا سلامة.
المجمع الاثيوبي
هذا وأشادت الكنيسة الاثيوبية، ببيان الكنيسة القبطية لدعم وحدة كنيسة إثيوبيا، وعدم الاعتراف بالبطريرك الغير شرعي، وجاء أهم قرارات المجمع المقدس لكنيسة إثيوبيا، تجريد المطارنة الثلاثة ساويروس - يوستاتيوس - وزينا مرقس من رتبهم، وكذلك جميع الرهبان الذين تم تعيينهم اساقفة وقطعهم من الشركة الكنسية، والعودة لأسماءهم العلمانية.. وإن رجعوا وتابوا يتم قبولهم للكنيسة مجددا.
لم يكن الانشقاق الأول في إثيوبيا
قال المؤرخ الكنسي ياسر يوسف غبريال، المتخصص في التاريخ الكنسي المعاصر، في تصريحات صحفية له إنه في مارس ٢٠٢٢ تنيح ابونا مرقوريوس بطريرك إثيوبيا الرابع في العدد والبطريرك المشارك لابونا متياس البطريرك الخامس والحالي.. وهذا العدد يحسب من أول بطريرك اثيوبي بعد انفصال كنيسة إثيوبيا عن مصر سنة ١٩٥٩ وقبلها سنوات من محاولات الانفصال حتي تم بسيامة ابونا باسيليوس أول بطريرك اثيوبي..
أما ابونا مرقوريوس فقد كان بطريركا للكنيسة الاثيوبية من عام ١٩٨٨ إلى عام ١٩٩١ وكان صامتا علي ما يفعله الحكم العسكري وقتها من مذابح بل ان اختياره كان في نظر الكنائس الشرقية واولها كنيسة مصر غير قانوني سواء هو أو البطريرك السابق له ابونا تكلاهيمانوت لأنهما اختيرا بعد ان قام نظام أديس أبابا العسكري بعزل البطريرك الشرعي انبا ثاؤفيلس علي يد الديكتاتور منجستو هيلامريام الذي قضي علي حكم الإمبراطور هيلاسلاسي سنة ١٩٧٤ وظل يحكم حتي سنة ١٩٩١ وبعد ان ثار الشعب علي النظام الدموي تم عزل البطريرك ابونا مرقوريوس لان انتخابه تم تحت ضغط الحكومة العسكرية وبالتزوير كما قيل
ورحل البطريرك إلى كينيا ثم أمريكا وأسس مجمعا موازي لم تعترف به الكنائس الأخري، وبعد سنوات طويلة أكثر من ربع قرن نجح الحوار بين ابونا مرقوريوس والكنيسة الام في إثيوبيا وعاد لكنيسته سنة ٢٠١٨ ليكون بطريركا شرفيا برتبته علي أن يدير الكنيسة ابونا متياس وفي مارس ٢٠٢٢ تنيح بعد أربع سنوات من عودته لإثيوبيا
انشقاق مسبق في مصر
سبق الانشقاق الاثيوبي الحال انشقاق اخر قام به شابا اكلريكيا يدعى ماكس ميشيل حنا، اعلن نفسا بطريركيا باسم الانبا مكسيموس يوحنا الأول، وقال عنه الانبا بيشوي مطران دمياط الرحل في تصريحات صحفية ادلى بها قبيل رحيله إن ماكس ميشيل نشأ في مدينة زفتى محافظة الغربية كأحد أبناء الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، والتحق بالكلية الإكليريكية اللاهوتية للأقباط الأرثوذكس بالقاهرة، وتخرج منها سنة 1973. وخدم في كنيسة مارمينا بشبرا، واصطدم بالأستاذ كمال حبيب الذي صار فيما بعد الأنبا بيمن أسقف ملوي الراحل، ثم التحق بالخدمة في إيبارشية الغربية تحت إشراف الأسقف المتنيح الأنبا يوأنس، وكانت له طموحات في التفوق والتميز على الآخرين. فلاقت العقيدة الخمسينية هوى عنده، لما تحوي من إدعاء المواهب الخارقة للطبيعة والأمور الخارقة مثل التكلم بألسنة غريبة، يعتبرها الخمسينيون من العلامات الضرورية للامتلاء بالروح القدس. وهي مواهب مفتعلة لا تمت إلى المواهب الرسولية بصلة، لأن الألسنة في العصر الرسولي كانت لغة حقيقية، كرز بواسطتها الرسل بالإنجيل إلى شعوب العالم، ولم تكن نوع من الرطائة غير المفهومة البعيدة عن لغات العالم الحقيقية.. فتكاثرت الشكاوى ضد اتجاهاته غير الأرثوذكسية، فاستدعاه المتنيح الأنبا يوأنس وطلب منه أن يقوم بالوعظ في حضوره، وبعد العظة ناقشه فيما جاء بها من تعاليم غريبة، وحاول أن يرجعه عن فكره الغير أرثوذكسي، ولم يقبل. فاضطر الأنبا يؤانس آسفًا أن يفصله من خدمة التكريس، ويستغني عن خدماته في الكنيسة القبطية الأرثوذكسية في مايو من عام 1976، فانضم إلى كنيسة غير معترف بها تسمى الكنيسة الروسية الارثوذكسية بالولايات المتحدة الامريكية ونصب نفسه بطريركيا على مجموعة من التابعين له في مصر.