باحث كنسي: الأنبا انطونيوس ترك لنا نحو عشرين رسالة
تحتفل الكنيسة القبطية الأرثوذكسية اليوم، بذكرى عيد الأنبا أنطونيوس، المصري الذي علم العالم الرهبنة.
وقال الباحث ماجد كامل عضو اللجنة الباباوية للتاريخ الكنسي، في تدوينة له منذ قليل عبر حسابه الرسمي، إنه تمثل الرسائل التي تركها لنا القديس الأنبا أنطونيوس كنزا كبيرا معطى لنا للحياة الروحية؛ ولقد ترك لنا الأنبا انطونيوس نحو عشرين رسالة عدا العديد من الحكم والأقوال المتناثرة تعتبر كلها نبع من الحكمة الصافية؛ فمثلا في إحدى رسائله إلى تلاميذه الرهبان يوصيهم فيها بمحبة الله باستمرار فقال لهم" آمنوا بالرب وأحبوه؛ وأعلموا يا أولادي الأحباء أن كل الوصايا ليست ثقيلة ولا متعبة بل نور حقيقي وسرور أبدي.
إن الإنسان إذا كان يحب الله بكل القلب؛ وبكل الفكر؛ وبكل النية؛ وبكل القوة؛ فإنه يقتني خوف الله. والخوف يولد البكاء؛ والبكاء يولد القوة؛ وبكمال هذه في النفس تثمر في كل الأشياء. فالآن يا أحبائي.. أقتنوا لكم هذه القوة لكي تخاف منكم الشياطين؛ وتخف عنكم الأتعاب التي تمارسونها؛ وتحلو لكم الإلهيات؛ لأن حلاوة حب الله أحلي من الشهد ".
وفي رسالة أخرى وجهها للرهبان طالبهم فيها بمحبة بعضهم بعضا؛ وقال لهم فيها "يا أولادي الأحباء؛ لا تكلوا ولا تملوا من المحبة بعضكم لبعض؛ بل أجعلوا هذا الجسد الذي انتم لابسوه مجمرة ترفعون فيها جميع أفكاركم ومشوراتكم الرديئة وتضعونها أمام الرب ليرفع قلوبكم إليه. فانا أطلب إليكم ان تجتهدوا وتداوموا علي أعمالكم الحسنة؛ ليسر بكم كافة القديسين وروحي أنا المسكين؛ لأننا جميعا مخلوقون من مبدأ واحد وجوهر واحد عقلي غير مرئي".
ولقد دعا الأنبا انطونيوس تلاميذه الرهبان إلى التحلي بفضيلة التمييز؛ ويقصد بها فحص واختبار كل فكر يعرض عليهم حتي يعرفوا هل هو من الله؟ أم من الشيطان؟ أو من شهواتهم وغرائزهم؟ فيقول لهم " أطلب عنكم يا أولادي بكل قوة وحرارة لكيما يعطيكم الله أن تنظروا وتفرزوا جميع الأشياء حتي تميزا بين الخير والشر. أطلبوا من الله ليلا ونهارا؛ أن يعطيكم هذا النظر والإفراز لكي يكون لكم الخير الدائم من عند الله؛ ويزداد بهائكم في كل شيء حتي يعطيكم الله أشياء أخري كثيرة ما عرفتموها قط".
وفي آخر رسالة كتبها للرهبان قبل وفاته بفترة قصيرة؛ يدعوهم فيها إلي احترام الكل الصغير قبل الكبير؛ وعدم الاستهانة بأي مخلوق مهما كان صغيرا أو ضعيفا؛ فقال "يا أحبائي؛ احترسوا من أن تستهينوا بأحد من الناس؛ لأن أصل هذه الاستهانة هو الكبرياء التي أوجبت علي العالم غضب الله؛ فيجب علينا أن نبكي علي ذواتنا بحرقة قلب؛ لأني رأيت رهبانا كثيرين وعذاري قد سقطوا في هذا الظن؛ إذ قالوا عن أنفسهم:إننا شيء عظيم ولا يوجد أحد يشبهنا؛ وحقا أقول لكم يا أحبائي إنه ليس فيهم سوى الكبرياء والاستهانة بالناس؛ والبغضة والغيرة الرديئة والخصام؛ فيجب علينا نحن أن نبكي علي هؤلاء الثابتين في هذه الشرور المذكورة؛ فتعاليم الله هي: الطهارة؛ السلام الدائم المملوء من الرحمة؛ وبقية الأثمار الحسنة الحقيقية؛ فأحرصوا أنتم با أحبائي علي اقتناء هذا التعاليم التي للروح؛ فأنه بهذه الأعمال يكون شفاء النفس من الأوجاع " وفي نفس الرسالة يوجه اليهم الدعوة للمحبة والتسامح بعضهم نحو بعض فيقول "ليغفر كل واحد لرفيقه كي ما يغفر لكم الرب؛ وكل من تعرض للظلم منكم؛ فليقبل ذلك بفرح ويسلم الأمر إلي الرب؛ لأنه هو الحاكم العادل المجازي؛ انزعوامن قلوبكم كل الأفكار الرديئة التي تفكرون بها بعضكم علي بعض لكي تنحل العداوة التي أصلها البغضة والحسد؛ لأن هذين الوجعين رديئان جدا ومرذولان عند الله والناس؛ ولا يجب أن يوجدا عند أحد من المؤمنين. فيا أحبائي إن كانت هذه الأشياء قد وجدت بينكم فيما مضي؛ فمن الآن أحترسوا أن لا توجد عندكم ولا تدعوها تتسلط عليكم ".
وفي رسالة أخرى يطلب منهم أن يهتموا بأمر خلاصهم الأبدي فيقول "والآن أطلب إليكم بأسم ربنا يسوع المسيح أن لا تهملوا خلاصكم ولا تدعوا هذه الحياة الوقتية تحرمكم من الحياة الأبدية؛ ولا هذا الجسد اللحمي الفاسد أن يبعدكم عن مملكة النور غير المنطوق به. فلنرفع قلوبنا ونطلب المجد الفوقني؛ ونماثل أعمال جميع القديسين. ونتتبع آثارهم. لنرث معهم المجد الأبدي. وأعلموا يا أحبائي أن القوات المقدسة العلوية والنورانية؛ مخلوقين من البدء لشيء واحد هو تمجيد الله. الملائكة ورؤساء الملائكة والكراسي والآرباب والشاروبيم.... الخ؛ هؤلاء جمعهم إبداع الله؛ فلنرفع أعيننا إلي السماء لنطلب مجد الله وعمل القديسين ونسير على آثار خطواتهم.
ويقدم لهم بعض النصائح الأخوية بعدم الخصام فيقول لهم "من يخطئ إلى قريبه؛ فإنما يخطيء إلي نفسه؛ ومن يصنع بقريبه شرا فإنما يصنعه بنفسه؛ ومن يصنع خيرا بقريبه يصنع خيرا لنفسه. فلا ينبغي أن نكون محبين لذواتنا حتي لا نصير خاضعين لقوتها المتقلبة؛ لأن من يعرف نفسه يعرف جميع الناس.