بعد فشل الجولة الأولى.. المسار الانتخابي يترنح في تونس وشراء الأصوات وراء ضرب الدولة
شهد الشارع التونسي، اليوم الأحد، حالة من التباين ما بين مؤيد ومعارض، حيث يدلي التونسيون بأصواتهم في الجولة الثانية من الانتخابات التشريعية، وسط ترنح مسار الانتخابات وخطابات التحذير من الرئيس التونسي قيس سعيد، التي من شأنها أن تؤدي إلى فشل الجولة الثانية.
الجولة الثانية
فسجلت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، نسبة إقبال 4.7% على مراكز الاقتراع، وذكر فاروق بوعسكر، رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، أن عدد المشاركين بالتصويت حتى الآن بلغ 369561 ناخبا، وذلك خلال المؤتمر المقام بمقر قصر المؤتمرات في تونس العاصمة، حسب سكاي نيوز عربية.
ودعى بوعسكر التونسيين للتوجه إلى مراكز الاقتراع، معتبرًا أن هذه النسبة أفضل من نسب الإقبال في الجولة الأولى، مشيرًا إلى أن العملية الانتخابية تسير بطريقة طبيعية دون تسجيل أي مخالفات.
وكانت قد فتحت مراكز الاقتراع منذ الساعة الثامنة صباحًا وتستمر حتى الساعة السادسة مساءًا بالتوقيت المحلي التونسي، وسط ترقب شديد لنسب المشاركة، ويُصوت اليوم نحو 7،8 ملايين ناخب تونسي في جولة الإعادة، بعد أن جرت الجولة الأولى في 17 ديسمبر المنصرم، وسجلت نسبة مشاركة بلغت 11.22 %.
ويتنافس في جولة الإعادة 262 مرشحا بينهم 34 امرأة على 131 مقعدا، ويمارس الناخبون حقهم في التصويت في 4222 مركز اقتراع، في إجمالي عدد مكاتب حدّد بـ10 آلاف و12 مكتبًا.
خطابات التحذير
وعلى صعيد آخر، حذر قيس سعيد، من أي محاولات لإفشال الجولة الثانية من الانتخابات البرلماني من خلال توزيع أموال على التونسيين لحثهم على مقاطعة التصويت من دون أن يكشف عن تلك الجهات التي تسعى إلى ذلك.
وجاءت هذه التصريحات في إطار تجهيز المعارضة نفسها من أجل التظاهر يوم 14 يناير المنصرم، حيث يصادف هذا التاريخ ذكرى رحيل الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي.
ودعت المعارضة قيس سعيد إلى الاستقالة في أعقاب مشاركة ضعيفة للغاية في الجولة الأولى من الانتخابات، والتي رفضها الرئيس التونسي مبرهنًا على الجولة الثانية للرد على تلك الدعوات.
وفي وقت سابق، قال الرئيس التونسي إن هناك من يقومون بتوزيع أموال طائلة على المواطنين بهدف تعطيل سير العملية الانتخابية في الجولة الثانية، إضافة إلى تعطيل السير العادي لبعض المرافق العمومية، وتلقيهم أموال ضخمة من الخارج بهدف إشعال الأوضاع وضرب استقرار الدولة التونسية.
وتابع قائلًا:" إن أمن الدولة والسلم الاجتماعي لا يمكن أن يترك من يسعى يائسًا إلى ضربها خارج دائرة المساءلة والجزاء".
ورفضت المعارضة هذه الاتهامات التي لم يوضح قيس سعيد المعنيين بها.
المعارضة والعودة إلى الحوار
وفي المقابل، أوضح عصام الشابي الأمين العام للحزب الجمهوري المعارض، أن رئيس الجمهورية يعاني من العزلة وهو يبحث عن شماعات ليعلق عليها اخفاقه المستمر، وهذه الخطب التي سمعها التونسيون للمرة الألف لن ولم يصدقها الشعب، مضيفًا أن الرئيس بارع في اتهام الآخرين دون تقديم أدلة تثبت الإدانة، لا للمعارضين ولا المجهولين.
وأكد الشابي، أن الطريق الانتخابي فاشل، والدليل أن 90% من التونسيين أداروا ظهورهم له، ورئيس الجمهورية بصدد فقدان شرعيته الانتخابية، مشددًا على أن مسار الانتخاب يترنح ورئيس الجمهورية يستبق الفشل بتبريره من الآن في ظل المطالبات التي تريد إيقاف هذه الانتخابات، التي حتما سيكون الفشل عنوانها، وهو ما يدفعنا للمطالبة بإيقافه والعودة إلى الحوار لإنقاذ البلاد.
واستطرد حديثه قائلًا، إنه على رغم من الانهيار الاقتصادي فإن رئيس الجمهورية يصر على مواصلة فرض سياسة الهرب إلى الأمام والأمر الواقع، وهو يعرف أن هذا النهج وصل إلى نهايته.
محاولات لمقاطعة الانتخابات
ومن ناحية أخرى، رحبت بعض الأحزاب الموالية للرئيس سعيد والمسار الذي يقوده بحديثه، معتبرين أن هناك بالفعل محاولات لاستمالة التونسيين من أجل مقاطعة الدور الثاني للانتخابات البرلمانية.
وأضاف محسن النابتي الناطق باسم حزب التيار الشعبي، أن هناك مستويين في حديث رئيس الجمهورية، الأول هو من يحاول اختراق البرلمان القادم من خلال المراهنة على مرشحين بعينهم وشراء الأصوات، أما المستوى الثاني والاخير يتمثل في عملية توزيع الأموال وإغراء الناس من أجل مقاطعة الدور الثاني للانتخابات البرلمانية
وأشار الناطق باسم حزب التيار الشعبي إلى أن عملية شراء النواب تتم قبل الانتخابات من قِبل أجهزة غير معلومة، وذلك بهدف السيطرة على البرلمان القادم.
ورأى الباحث السياسي أن "الانتخابات الحالية تقريبًا قدت على المقاس بالنسبة إلى المؤيدين للرئيس قيس سعيد، وللذين يعبرون عن نقمة مبالغ فيها في الواقع على بقية أطراف المشهد السياسي الذي تشكل منذ 2011، وهناك عزوف الآن ومقاطعة أسبابها تستحق دراسة معمقة.
نفور التونسيين
وفي السياق نفسه، قال المحلل السياسي صالح العبيدي، أن تصريحات قيس سعيد التي تحذر من مخططات الفوضى أو غيرها من شأنها أن تكون سببًا في نفور التونسيين من الدور الثاني للانتخابات البرلمانية التي تأتي في عدة أزمات تنهكهم وتجعلهم لا يثقون في الوعود المقدمة إليهم.
وأضاف أن الرئيس التونسي ادخل تعديلات واسعة على الجهاز القضائي والحكومة وهي حكومته، فليس من المعقول أنه لا يستطيع التصدي لمن يتهمهم بالتشويش وضرب الانتخابات.