تعرف على تاريخ الكنيسة المعلقة وسبب تسميتها بهذا الاسم
تقع الكنيسة المعلقة بمنطقة مصر القديمة، وهى من أشهر الكنائيس التابعة للأقباط الأرثوذكس، وهي أول كنيسة مشيّدة على الطراز البازيليكي، وتعرف باسم كنيسة القديسة مريم العذراء باللهجة المصرية، بينما عرفت في القرنين الرابع عشر والخامس عشر باسم (كنيسة السلالم) بسبب درجاتها التسعة والعشرين التي تؤدي إلى مدخلها، وباسم (كنيسة العمود).
لماذا سميت الكنيسة المعلقة بهذا الاسم؟
سميت الكنيسة المعلقة بهذا الاسم بسبب موقعها على قمة بوابة البرج الجنوبية لقلعة بابل القديمة (في القاهرة القديمة) مع صحنها المعلق فوق الممر، ولكونها بنيت على برجين في حصن بابليون الروماني، وتم وصل البرجين مع بعضهما بساق النخيل ثم بنيت الكنيسة فوقهما ويتخذ كل برج شكل حدوة حصان، ويعود بناء الحصن إلى القرن الثاني الميلادي في عهد الإمبراطور تراجان، كما وتقع الكنيسة المعلقة بالقرب من جامع عمرو بن العاص، وكنيسة القديس مينا، ومعبد بن عزرا اليهودي، بينما تقع واجهة الكنيسة من الجهة الغربية المطلة على شارع مار جرجس في محطة مترو الأنفاق، كذلك وتجاور كنيسة الشهيد مرقوريوس (أبو سيفين)، وعدة كنائس أخرى.
معلومات عن الكنيسة المعلقة
تنشر(الفجر) فيما يلي بعض المعلومات الأثرية عن الكنيسة:
- يعود بناء الكنيسة إلى عام 690 م. بينما أول ذكرٍ للكنيسة يعود إلى عام 831 م.
- أعاد البطريرك إبراهيم بناء الكنيسة وترميمها في عام 975 م، وشهدت عبر تاريخها العديد من عمليات الترميم. في حين تم الاحتفاظ بآثارها وها التي لم تعد صالحة للاستخدام، في المتحف القبطي، نظرًا لأهميتها التاريخية والأثرية.
- أصبحت المقر الرسمي للبطاركة الأقباط في الإسكندرية في القرن الحادي عشر الميلادي، كما ويتم فيها تقليد تنصيب البطاركة انتخابهم.
- عُقدت في الكنيسة المعلقة المجامع القبطية، لتحديد يوم عيد الفصح، كما وكانت دار قضاء لرجال الدين، للحكم على الكهنة أو الأساقفة المشتبه بهم في التعاليم الهرطقية.
- يبلغ طول الكنيسة نحو 23.5 متر، وعرضها نحو 18.5 متر، بينما وارتفاعها فيبلغ 9.5 متر. وتتألف من طابقين وتوجد فيها نافورة مياه.
- يقع مدخل الكنيسة في الباب الجنوبي في الجدار الشرقي للنارثيكس، وهو رواق خارجي مزين بزخارف هندسية ونباتية بارزة على الجص.
- تم بناء الكنيسة على الطراز البازيليكي التقليدي، وفيها ثلاثة ممرات، ورواق وملاذ ثلاثي، كما شُيدت فيها كنيسة صغيرة فوق البرج الشرقي للبوابة الجنوبية لقلعة بابل، بينما وتعتبر اليوم الجزء الأقدم من الكنيسة المتبقية، وفي القرن التاسع عشر، ألحق بالكنيسة ممر رابع.
- انتقل البابا خرستوذولس من الكنيسة بعد سيامته من الكنيسة المرقسية بالاسكندرية إلى القاهرة، كما واتخذ الكنيسة المعلقة مقرًا له.
- تعد أقدم القطع الأثرية المحفوظة في المتحف القبطي، عبارة عن عتبة تظهر دخول المسيح إلى القدس ويعود تاريخها إلى القرن الخامس أو السادس الميلادي.
سميت الكنيسة المعلقة بهذا الاسم لصفاتها
صنفت الكنيسة المعلقة من أجمل كنائس الشرق الأوسط والعالم، من الداخل والخارج على الشكل التالي:
- يوجد داخل الكنيسة أيضًا منبر رخامي يعود تاريخه إلى القرن الحادي عشر
- تضم الكنيسة المعلقة ثلاثة هياكل داخل قسمها الشرقي، الهيكل الرئيس فيها مخصص للسيدة مريم العذراء، والشمالي في الجهة اليسارية مخصص للقديس جاورجيوس، والجنوبي في الجهة اليمنى فهو مخصص للقديس يوحنا المعمدان.
- توجد شاشة الهيكل المركزية، مصنوعة من خشب الأبنوس المطعم بالعاج والمنحوت بتصاميم هندسية لصلبان، تعود إلى القرن الثاني عشر أو الثالث عشر، كما ويوجد في أعلاها صف من سبعة أيقونات كبيرة الحجم، تتوسطها أيقونة للسيد المسيح جالسًا على العرش، وإلى يمينه مريم العذراء ورئيس الملائكة جبرائيل والقديس بطرس، بينما على يساره يوحنا المعمدان ورئيس الملائكة ميخائيل والقديس بولس، كما أن جميع الأيقونات هي من رسم الفنان الأرمني أورهان كارابتيان.
- يتميز الجسم الرئيسي للكنيسة الحالية، بسقفها الخشبي البارز المقبب، حيث تم بناء سقف الكنيسة المعلقة على شكل سفينة نوح عليه السلام، وفيها أيضًا صحن مركزي، وممرين ضيقين مفصولين بثمانية أعمدة على كل جانب. كما ويوجد بين صحن الكنيسة والممر الشمالي، صف من ثلاثة أعمدة ممتدة بأقواس عريضة، من الرخام الأبيض، باستثناء أحد الممرات المبنية من البازلت الأسود.
- يعلو المذبح مظلة مدعّمة بأربعة أعمدة، وخلف المذبح يوجد منبر رخامي حيث يجلس رجال الدين عادة.
يتم الدخول للكنيسةَ عبر بوابات تعلّوها أقواس حجرية مُدببة تقودُ إلى واجهة تعودُ إلى القرنِ التاسع عشر، مع أبراج لقرع الأجراس عند تأدية الصلوات والخدمة فيها.
- يوجد داخل الممر الجنوبي للكنيسة باب صغير من خشب الصنوبر المطعم بطلاء عاجي شفاف. يؤدي إلى الكنيسة الصغيرة، وإلى اليسار يوجد حرم (تكلا هايمانوت)، أحد القديسين الإثيوبيين، الذي عاش خلال القرن الثالث عشر.
- تمثل الآثار الباهتة للرسومات الجدارية الجميلة على الجدار الشرقي، المسيح محاطًا بالرسل، وخلال عملية الترميم التي تمت في عام 1984 م، تم اكتشاف رسم لمشهد الميلاد، ويعود إلى القرن الرابع عشر.
- توجد كنيسة المعمودية إلى جنوب الحرم، وتضم حوضًا دائريًا عميقًا من الجرانيت الأحمر ومكانًا مزينًا بالفسيفساء.
قام البطريرك ميخائيل الرابع بتجديد الطابق العلوي، لاستخدامه كمساكن للآباء الكهنة.
- تم مؤخرًا تعليق أجزاء من صحف قومية في مصر، على أحد جدرانها تؤرشف لأحداث ومشاهد ومعجزات حدثت في تاريخ الكنيسة الحديث، لعل أبرزها ظهور السيدة مريم العذراء في كنيسة حي الزيتون، بعد الحرب عام 1967 م.
توجد داخل الكنيسة مجموعات تضم أكثر من مائة أيقونة تعود أقدمها إلى القرن الثامن.
تاريخ الكنيسة المعلقة
من خلال معرفة لماذا سميت الكنيسة المعلقة بهذا الاسم، ووصف الكنيسة المعلقة من حيث الشكل، نجد أن موقع الكنيسة، يقوم على أنقاض الموضع الذي نزلت فيه العائلة المقدسة، ممثلةً بالسيد المسيح طفلًا، وأمه العذراء مريم، والقديس يوسف النجار. بعد هروبها إلى مصر خوفًا من بطش هيرودس حاكم فلسطين، بعد أن أمر بقتل أطفال بيت لحم. بينما يروي البعض أنها كانت منسكًا منحوتًا بالصخر يعود لإحدى الراهبات. كما وتم تجديد الكنيسة لعدة مرات في العصر الإسلامي، حيث كانت إحداها في عهد الخليفة هارون الرشيد، بعد أن طلب منه الإذن بتجديدها البطريرك الأنبا مرقس. وجعلها كاتدرائية كبرى ومركزًا لكرسيه. كما واتخذ من كنيسة السيدة العذراء في حي الأروام مقرًا آخر له، برضى أسقف بابيلون، ويقصده عند اللزوم. في حين أن سبب تلك النقلة من الإسكندرية إلى القاهرة، فهي بسبب ازدياد عدد المسيحيين فيها، ولارتباطه بالحكومة. إذ أصبح البابا يمتلك صلاحية تعيين أسقف للإسكندرية، بصفته وكيل الكرازة المرقسية. كذلك وفي زمن العزيز بالله الفاطمي. الذي أذن بتجديد كافة كنائس مصر، وإصلاح ما تهدم منها للبطريرك إفرام السرياني. في حين جددت أيضًا في زمن الظاهر لإعزاز دين الله.
ترميم الكنيسة المعلقة في العقود الأخيرة
فيما يتعلق بموضوع بحثنا، لماذا سميت الكنيسة المعلقة بهذا الاسم تجدر الإشارة إلى بعض المعلومات حول عمليات تجديدها في العصر الحديث. حيث بدأت عملية ترميمها في عام 1998 م، والتي بلغت كلفتها نحو 102 مليون جنيه مصري. كما وأشرف على عمليات الترميم المهندس عبد الله محمد القائم بأعمال رئيس قطاع المشروعات. بينما شمل المشروع ترميم الكنيسة عمرانيًا وإنشائيًا. كما وتمت معالجة مشكلة زيادة منسوب المياه الجوفية أسفل الكنيسة. كذلك وترميم الرسوم والأيقونات، ورفدها بمنظومة الأمان وبتزويدها بكاميرات مراقبة. واستغرق تنفيذ المشروع مدة 16 سنة، لتنتهي في عام 2014 م.