ميرفانا ماهر تكتب: مفاجآت فى صندوق الأسرة
القانون أقر من ١٨ عامًا صندوقًا لدعم الأرامل والمطلقات والوالدين
النفقة تمثل ٨٠٪ من القضايا فى المحاكم والصندوق الجديد يواجه تهرب الأزواج
فى زمن التريندات وأصواتها العالية، لا أحد يقرأ أو يبحث عن الحقيقة أو يفتش فى التفاصيل، الكل فى حالة لهاث للحاق بالتريند والمشاركة فيه، وهو ما شاهدناه خلال الأيام القليلة الماضية، بعد ساعات قليلة من حديث الرئيس عن صندوق لدعم الأسرة المصرية.
وتوالت التعليقات الساخرة من فكرة الصندوق، لكن الأدهى هو الانحراف بالفكرة المهمة إلى التهويل وتخويف الناس منها بالادعاء أن رسوم الصندوق الجديد ستصل إلى ٤٠ ألف جنيه، مما خلق حالة عامة من الرفض والسخط على غير الحقيقة.
هذا فى الوقت الذى تنص فيه المادة ٩٧ من مشروع قانون الأحوال الشخصية الجديد على التزام الأسرة بالاشتراك فى نظام التأمين المنصوص عليه، على أن تأتى موارد الصندوق من خلال مبلغ ١٠٠ جنيه عن كل واقعة زواج يدفعها الزوج، و٥ جنيهات عن كل مستخرج من وثيقة الزواج، بجانب ١٠٠ جنيه عن كل واقعة طلاق يدفعها المطلق، و١٠ جنيهات عن كل مستخرج من وثيقة الطلاق، و٢٠ جنيها عند الحصول على أول مستخرج من شهادة قيد الميلاد، و٥ جنيهات على كل مستخرج تالى له، وأخيرا ٥ جنيهات على كل مستخرج من شهادة قيد وفاة أو القيد العائلى، و٥ جنيهات على استخراج بطاقة الرقم القومى.
وتهدف الفكرة التى طرحها الرئيس السيسى خلال كلمته فى افتتاح مشروعات مجمع الصناعات الكيماوية بأبو رواش خلال الأيام الماضية، إلى حماية أبناء الأسر المصرية من أن يكونوا ضحية لآبائهم عند الاختلاف فى الزواج، وهو أمر وارد بنسبة كبيرة.
وبنظرة سريعة على أحدث أرقام للجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء عن حالات الزواج والطلاق لعام ٢٠٢١، ترتفع فى مصر نسب الطلاق خاصة فى الفئات الشابة التى تتراوح أعمارها ما بين ٢٥ إلى ٣٥ عاما.
ووفقا للجهاز ارتفعت معدلات الطلاق بنسبة ١٥٪ فى عام ٢٠٢١ مقارنة بعام ٢٠٢٠، حيث سجلت مصر خلال عام ٢٠٢١ عدد ٢٥٤٧٧٧ حالة طلاق، مقارنة مع ٢٢٢٠٣٩ فى عام ٢٠٢٠.
وتقوم الفكرة التى طرحها الرئيس على إنشاء صندوق ضمن مشروع قانون الأحوال الشخصية الجديد، على أن يكون هذا الصندوق هو المتكفل بالأبناء فى حالة اختلاف طرفى الزواج أى فى الأوقات الحرجة، على أن تساهم فيه الدولة بجانب المواطنين.
لكن هل فكرة هذا الصندوق جديدة، فى حقيقة الأمر لا بل هى تطوير لصندوق تأمين الأسرة الذى تم إنشاؤه عام ٢٠٠٤، وحسب تصريحات للمستشار عبدالله الباجا – رئيس محكمة استئناف القاهرة ورئيس محكمة الأسرة السابق، فإنه من المقرر أن يتم دمج وتضمين الصندوقين ببنود ومواد جديد، ويهدف الصندوق الجديد إلى حل المشاكل المترتبة على الطلاق بتقديم الدعم المالى للأسر، ولا يتعلق الأمر بالطلاق فقط، بل بالزوجة المعيلة لأسرتها فى حال وفاة زوجها أيضا.
وأنشئ صندوق تأمين الأسرة الموجود حاليا بموجب القانون رقم ١١ لسنة ٢٠٠٤، ويتبع بنك ناصر الاجتماعى، مستهدفا مساعدة الأسر التى هجرها عائلها بلا منفق، ويضمن تنفيذ أحكام النفقات لصالح المستفيدين من الزوجة أو المطلقة أو الأولاد أو الوالدين.
ويحصل أى مستفيد من الصندوق على ٥٠٠ جنيه شهريًا كحد أقصى، دون انتظار تحصيله من المحكوم ضده، وهو رقم لا يتناسب مع الظروف الاقتصادية الحالية بأى حال من الأحوال، وهو الأمر الذى أشارت إليه الدكتورة نيفين القباج – وزيرة التضامن الاجتماعى خلال وجودها بلجنة التضامن بمجلس النواب بداية الشهر الماضى.
حيث قالت إن هناك ارتفاعا كبيرا جدا فى نسب الطلاق، وصل إلى ٢٥٪ من كل ١٠٠ حالة، فى المرحلة العمرية من ٢٠ إلى ٣٠، مضيفة أن الوزارة تدرس إعادة صندوق النفقة، وزيادة الدعم المقدم من ٥٠٠ إلى ١٠٠٠ جنيه، والخدمات المتقدمة للمطلقات من خلال بنك ناصر الذى يعتبر الذراع الاقتصادية للوزارة.
وبالعودة لتصريحات أخرى للمستشار «الباجا»، يتضح أهمية القضية، فالنفقة هى المشكلة الكبرى فى النزاعات الأسرية، وتمثل ٨٠٪ من القضايا المتداولة والنزاعات فى محاكم الأسرة، والتى تتضمن أجر الحضانة والعلاج والمسكن والتعليم والملابس.
حيث يلجأ كثير من الأزواج إلى التهرب من دفع النفقات واستغلال الثغرات القانونية مع صعوبة إثبات الدخل الفعلى لهم، ووفقا لأحدث الأرقام الرسمية الصادرة من جهاز التعبئة والاحصاء، هناك ٣.٣ مليون أسرة تعولها المرأة من إجمالي ٢٤.٧ مليون أسرة فى مصر.
وهو ما يعنى أن هناك ١٣.٤٪ من الأسر تعولها الأم، أى هناك ١٣ امرأة من بين كل ١٠٠ تعلن أسرهن، وحسب دراسة أعدها المرصد المصرى التابع للمركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية، فإن حوالى ٧٠.٣٪ من هؤلاء السيدات يعولن أسرهن بعد وفاة الزوج، و١٦.٦٪ متزوجات، و٧.١٪ مطلقات.
ووضعت مسودة مشروع قانون الأحوال الشخصية شروطا للاستفادة من الصندوق الجديد، على رأسها المطلقة مستحقة النفقة التى يعانى طليقها من التعسر أو محكوم عليه، وأيضا المطلقة وصغارها التى لا عائل لهم، وليس لها مصدر دخل ثابت ومعلوم، ما لم تتزوج بآخر، وأخيرًا أن يكون الدعم يسد الحاجة ويزيد عن النفقة أو الحد الأدنى المقرر للأجور، أيهما أكبر.
على صعيد آخر هناك شق ثان فى حديث الرئيس هو وجود وثيقة تأمين تستهدف الدعم المادى فى مواجهة النفقات، عند الطلاق لتخفيف الآثار المترتبة عليه، وهو الأمر الذى يعتبر فكرة تنفذ لأول مرة فى مصر فى مشروع قانون التأمين الموحد الجديد.
القانون الذى وافق عليه مجلس الشيوخ نهائيا خلال الأيام الماضية، يفرض تأمينا إجباريا ضد مخاطر حالات الطلاق فى المادة ٣٩، على أن تكون هيئة الرقابة المالية هى الجهة المختصة فى إصدار تلك الوثائق.
وتبلغ قيمة الوثيقة ٢٥ ألف جنيه، تصرف بعد الطلاق البائن بشرط مرور أكثر من ٣ سنوات على الزواج، مع تحصيل ٥٠ جنيها رسوم عند عقد الزواج، و٢٥ جنيها عند إشهار الطلاق، ويكون للمطلقة الحق فى صرف الوثيقة بمجرد الحصول على إشهار الطلاق، لحين صرف النفقة والالتزامات المالية الأخرى التى تقع على عاتق الزوج بعد الانفصال.