علاج التهاب "المرارة" أو استئصالها يتوقف على التشخيص السليم
المرارة أو كما يطلق عليها الحوصلة المرارية فى مفهومها الطبى البسيط هى القناة التى تستقبل العصارة الصفراوية الموجودة فى الكبد وتخزنها، وتقوم بإخراجها وضخها للمعدة فى أوقات معينة لتسهيل عملية الهضم، وهى وظيفتها الأساسية فى الجسم.
وسعة المرارة فى الجسم صغيرة ولا يمكنها تحمل أكثر من خمسة لترات من العصارة الصفراوية، وهى الكمية التى يقوم الكبد بإفرازها بالضبط فى اليوم الواحد، ولكن المرارة لديها قدرة خلاقة على امتصاص المياه الزائدة من العصارة، ويزيد من تركيزها فى نفس الوقت.
وتلخيصا لوظائف المرارة فى جسم الإنسان، فعندما بتناول الشخص طعامه، يحتاج غشاء المعدة إلى العصارة الصفراوية الموجودة فى المرارة وعبر هرمون الكوليسيستينين يصل إلى المعدة والأمعاء، ويصل إلى المرارة ذاتها عن طريق الدم.
وتتمثل فائدة العصارة الصفراوية، كما خلقها الله عز وجل، فى ما تقوم به فى الأمعاء من امتصاص وتسهيل هضم المواد صعبة الهضم كالكولسترول، والفيتامينات عالية الذوبان الدهنىD، K، A وغيرها، والمواد الدهنية، ويتغير لون العصارة بالتدريج إلى اللون الأصفر لذا يخرج البراز من المريض أصفر اللون، وإذا عانى المريض من القىء فى هذه الأثناء يجد ما يفرغه من فمه أصفر اللون، وهو ما يطلق عليه الكثيرين قىء العصارة الصفراوية ، وهو ما يظهر بعد خروج الطعام الذى تحويه المعدة بالكامل وبعدها تخرج العصارة.
ويوضح الدكتور محمود المنيسى، استشارى أمراض الجهاز الهضمى والكبد بقصر العينى، وعضو جمعية أصدقاء الكبد بلندن أنه مع حدوث خلل بسيط فى وظيفة المرارة فى الجسم كركود العصارة الصفراوية يتسبب فى حدوث مشكلة، وتتكون ما يعرف بالحصوات، وعند تحركها فى قنوات البنكرياس أو المرارة أو التهابها أو حدوث عدوى وتهيج فى العصارة الصفراوية تظهر مشكلات المرارة، سواء كانت مؤلمة وظاهرة أو أن أعراضها غير ظاهرة وهو ما يحدث فى كثير من الحالات.
ويستطرد المنيسى قائلا تظهر الأعراض فى أغلب الحالات لالتهاب المرارة بشكل فجائى، وتحدث أعراض معوية على، عكس اعتقاد البعض، كالتقيؤ بشدة والشعور بالغثيان باستمرار وفقدان فى الشهية تماما، وعند التبرز قد يتخذ البراز لونا أفتح مما هو عليه، مع الشعور بآلام مبرحة فى البطن قد تصل حدته إلى الأكتاف، ويزيد مع التحرك والتحدث والشهيق والزفير.
وأكد المنيسى على أن أعراض المرارة غالبا ما تتشابه مع أعراض أمراض أخرى معوية وفى هذه الحالة يستكمل مختص الجهاز الهضمى علاجها، كحالات القرح والتهاب البنكرياس والأمعاء، لذا نقوم بفحص الكبد وإجراء فحوصات تحدد مدى أهمية استئصالها ودرجة التهابها، وإذا تبين ضرورة الاستئصال هنا تحول الحالة مباشرة لجراح ويتوقف علاجها على يد مختص الباطنة والجهاز الهضمى، وإذا لم تكن هناك حاجة للجراحة نعالج المريض بعقار يسمى أرسوديول Ursodiol للتخلص من الحصوات فى فترة قد تصل إلى العامين.
أما الحصوات المرارية ففى أغلب الحالات لا تظهر لها أى أعراض تذكر، ولكن هذا لا يمنع الحصوات من سد المجارى البولية، والتى تقوم بربط المرارة بالأمعاء بالكبد، وفى حالات نادرة يحدث ألما ظاهرا.
ويسترسل استشارى الكبد فى الحالات النادرة التى تعانى من أعراض ظاهرة لمشكلات حصوات المرارة تتسبب فى شعور المريض بألم شديد وحاد ومفاجئ وتطول مدته، ويشعر به المريض فى الغالب فى يمين البطن وصولا إلى الظهر، والحالات تشعر بهذه الآلام بعد تناولهم للطعام مباشرة، تسبب حصى المرارة ألما حادا ومفاجئا قد يدوم لساعات .
أما عن العرض الأكثر ظهورا ودلالة على انسداد المجرى بسبب الحصوات، فيوضحه محمد قائلا إنه عبارة عن اصفرار فى العينين بشكل مبالغ فيه، وكذلك لون بشرة الجسم بالكامل، ويظهر عليه الشحوب الشديد وتزيد درجة حرارة الجسم بشكل ملحوظ .
ولفت المنيسى إلى أن النتائج والإحصائيات أشارت إلى أن النساء خاصة الحوامل منهن، وكبار السن، والذى يعانى من قبل من مشكلة فى المرارة وله تاريخ مرضى مع الحصى المرارى، والشخص الذى يعانى من السمنة، تزيد نسب تعرضهم لحصى المرارة ويكونوا عرضة للإصابة بانسداد المجرى بسببها.
وشدد المنيسى على ضرورة تغيير النظام الغذائى الذى اعتاد عليه مريض الحصى المرارية، ويحاول المواظبة على نظام غذائى صحى يتناول فيه الوجبات بكميات محدودة ومنضبطة السعرات الحرارية، والحرص على تناول الطعام الصحى الذى لا يحتوى على أية دهون أو مواد دسمة.
ونصح المريض قائلا اعرض حالتك على طبيب مختص كبد أو جهاز هضمى بمجرد شعورك بألم حاد فى البطن، أو فى الأغلب تلاحظ اصفرارا فى بياض عينيك وعلى بشرة جسدك، أو بحدوث ألم مصحوب بحمى .
أما عن الخيار الجراحى فيحدثنا الدكتور محمد عبد المغاورى، استشارى الجراحة العامة والطوارئ بمستشفى أحمد ماهر التعليمى، مؤكدا أن الخيار الجراحى لاستئصال المرارة وحصواتها، لا يتم فى نفس اللحظة كما يعتقد البعض، بل يتم إجراء الفحوصات فى البداية التى نتأكد من خلالها أن الحالة تحتاج حلا جراحيا وليس علاجيا، ونقوم بتحديد توقيت الجراحة فى الحال.
ويضيف مغاورى فى البداية نقوم بسحب عينة دم لبيان كمية الخلايا البيضاء ومعرفة مدى خطورة الوضع، وما إذا كان المريض يعانى من عدوى فضلا عن الالتهاب، لأن حالات العدو البكتيرية أشد خطورة وصعوبة، ونجرى كذلك مسحا شاملا على البطن لبيان المرحلة التى تعانى منها المرارة، وبسؤال المريض عن الأعراض المتأخرة نحدد ميعاد الجراحة .
ويؤكد مغاورى على وجود أكثر من خيار جراحى لدى الجراح فى الوقت الحالى، فقد تطور مجال جراحات المرارة الحصوات بشكل يمكن الجراح من اختيار الأسلوب المناسب للحالة والأخف ضررا عليها، فهناك طريقة جيدة لتفتيت الحصوات وتكسيرها ولكنها نادرة الاستخدام حتى الآن لعدم تجربتها على نطاق واسع وارتفاع نسب شفائها، وهناك تقنية أخرى وهى الـ ERCP الفعالة لخرق القناة الصفراوية وتسحب الحصوات بكل ناعم منها، ويمكن بعدها استئصال المرارة بالكامل، وهى وسيلة أكثر سلامة ونجاحا.
أما الخيار الجراحى الأكثر استخداما فى الوقت الحالى، ونسب الشفاء فيه أصبحت عالية جدا، فيكشف عنه استشارى الجراحة العامة قائلا هو عبارة عن إجراء جراحة المرارة باستخدام منظار البطن هى البديل الحقيقى لفتح البطن جراحات البطن الذى كان يمارسه الجراحون فى الماضى، وهى عملية جراحية متكاملة يخضع فيها المريض للتخدير الكامل دون فتح البطن بالكامل لتستأصل المرارة بالكامل .
وأكد المغاورى أن الجراح من صلاحياته أن يقوم بتحويل الجراحة من منظار إلى جراحة مفتوحة داخل حجرة العمليات وتبعا للحالة ومضاعفاتها، كحدوث نزيف حاد مثلا فينصح هنا بعمل فتح فى البطن وتحويل العملية من منظار بطن إلى جراحة مفتوحة.