أحمد ياسر يكتب: تركيا وإسرائيل.. الفرص والتحديات
كان القرار متسقًا مع سياسة التطبيع الأخيرة التي انتهجتها تركيا تجاه جيرانها، بما في ذلك مصر والإمارات العربية المتحدة، يمكن لعمليات التطبيع الإقليمي أن تساعد تركيا في إزالة جميع الحواجز أمام السلام والتركيز أكثر على القضايا الداخلية والخارجية الأخرى، حيث تواجه تركيا حاليًا تهديدات أمنية داخلية من الجماعات الإرهابية، فضلًا عن قضايا أمنية تتطلب اهتمامًا متزايدًا.
وبالمثل، من خلال تقليل عدد خصومها، يمكن لإسرائيل التركيز أكثر على خصومها الرئيسيين، حماس وحزب الله وإيران، ويمكن لكبار المسؤولين المعينين حديثًا المساعدة في تسريع تدفق المعلومات بين البلدين وضمان تعاون أكبر في قضايا مثل التكنولوجيا وتغير المناخ وحتى القضية الفلسطينية.
وفي نهاية المطاف، قد يؤدي التقارب إلى تحسين التعاون التجاري والأمني، على الرغم من عدم وجود خصم مشترك بين الاثنين، لا يريد أي منهما وجود إيران قوية في المنطقة، خاصة في وقت تتخذ فيه إيران إجراءات ضد حليفهما المشترك، أذربيجان.
قد تستغل تركيا أيضًا فرصة التطبيع لتحسين العلاقات مع حلفاء وشركاء إسرائيل الرئيسيين، بما في ذلك الولايات المتحدة، وقد تتمكن تركيا من تنفيذ خطتها لاستيراد الغاز من إسرائيل، مما يقلل من اعتمادها على روسيا مع الاستفادة اقتصاديًا، خاصة في الوقت الذي يحتاج فيه العالم إلى تنويع مصادر الغاز وتقليل الاعتماد على روسيا، قد تستفيد تركيا بشكل كبير من بيع الغاز الإسرائيلي إلى أوروبا، وبالنظر إلى التكلفة المرتفعة المتصورة لخط أنابيب EastMed البديل (إسرائيل - قبرص - اليونان)، فإن تركيا لديها فرصة أفضل لإكمال مشروع خط الأنابيب.
ولضمان سلام دائم مع الاحترام المتبادل لمصالح الطرف الآخر، وللحفاظ على العلاقات من التدهور، يجب تحديد نقاط الخلاف المحتملة، ويجب مناقشة الحلول المحتملة، إحدى الخطوات التي يجب على تركيا اتخاذها هي ضمان علاقات مستقرة مع الولايات المتحدة، الشريك الرئيسي لإسرائيل، لأن المشاكل الشديدة مع الولايات المتحدة قد تؤدي في النهاية إلى مشاكل مع إسرائيل.
كما يجب التعامل بحذر مع قبرص واليونان، الحليفان الرئيسيان الآخران لإسرائيل في البحر المتوسط، وتشير علاقات تركيا المتوترة مع تلك الدول، بالإضافة إلى الخلافات الأخيرة مع اليونان، إلى أن العلاقات مع تلك الدول لن تتحسن في أي وقت قريب.
ومع ذلك، ما دام لم تتعرض مصالحها للخطر، فقد تضمن تركيا، على الأقل، عدم إجبار إسرائيل على الاختيار بين تركيا واليونان / قبرص؛ خلاف ذلك، يمكن أن تعاني العلاقات بشكل كبير.
القضية الرئيسية الأخرى هي القضية الفلسطينية، والتي يمكن أن تتدهور في أي وقت وتضع تركيا في موقف صعب يتطلب منها الانحياز إلى جانب ما يتفق مع دورها في السياسة الخارجية، وعلى الرغم من تجنبها مؤخرًا للتنديد الشديد، تواصل تركيا دعمها لفلسطين وفقًا لدورها الحالي في السياسة الخارجية.
في حين أن التقارب مستمر، قد تستمر تركيا في تجنب الانتقادات القاسية المفرطة ما دام لم يكن هناك انتهاك كبير لحقوق الفلسطينيين، حتى لو كانت تركيا مستعدة لمساعدة فلسطين، فإن التعاون مع إسرائيل يمكن أن يكون أفضل من الصراع.
على سبيل المثال، إذا تحسنت العلاقات بشكل كافٍ، فقد ترفع إسرائيل الحظر المفروض على قطاع غزة، وتسمح لتركيا بنقل البضائع إلى المنطقة، لذلك، من الضروري الحفاظ على علاقات جيدة مع إسرائيل ومنع الخلافات الطفيفة من زعزعة استقرار عملية التقارب الجارية‘ فى وقت تتغير فيه ديناميكيات منطقة الشرق الأوسط بشكل كبير.
وقد يكون هناك ضغط مكثف من حماس والناخبين المحافظين على الإدارة؛ لعدم الامتثال لبعض مطالب إسرائيل، وبالمثل، قد تواجه إسرائيل ضغوطًا من ناخبيها، نتيجة لذلك، من الأفضل أن تكون مستعدًا لمواجهة التحديات في أي وقت، بينما تحاول بنشاط الحفاظ على العلاقات الإيجابية، ومواصلة التحسين، وتجنب تدهور العلاقات الهشة.