منال لاشين تكتب : التنظيم الدولى يبيع مرسى والشاطر ويراهن على الكتاتنى

مقالات الرأي

منال لاشين تكتب :
منال لاشين تكتب : التنظيم الدولى يبيع مرسى والشاطر ويراهن ع


الزواج السياسى هو تعبير مجازى للتحالف بين الأحزاب والقوى السياسية حينا، وللتعبير عن النسب والمصاهرة التى تقوى أواصر التنظيمات السياسية وتلم شمل فرقاء السياسة، هذا التراث بدأ مع الإمبراطورية القديمة عندما كان زواج الأنجال يؤدى إلى ترامى حجم وزيادة نفوذ الإمبراطوريات، وبكل هذا التراث وبالشكوك فى التحالف بين مجلس طنطاوى مع الإخوان استقبل الكثير فرح، مجرد فرح عقد بقاعة الماسة التابعة للقوات المسلحة، الفرح كان لابن عضو المجلس العسكرى ممدوح شاهين، وكريمة ابن عم القيادى الإخوانى الدكتور سعد الكتاتنى، والذى كان يشغل منصب رئيس حزب الحرية والعدالة، وكان رئيسا لمجلس الشعب المنحل وللجنة المائة الأولى لدستور ثورة 25 يناير، بمجرد نشر صورة الفرح بدأت توقعات بأن تتزايد نفوذ وقوة الكتاتنى فى الإخوان وفى نخبة الحكم، خاصة أن الكتاتنى أحد اللاعبين الأصليين فى قوة مكتب الإرشاد، ولذلك كان الكثيرون يتوقعون أن يدفع به الإخوان فى انتخابات الرئاسة بدلا من خيرت الشاطر الذى رفضت لجنة الانتخابات الرئاسية ترشحه، ولكن الترشيح ذهب لمحمد مرسى، وكان على الكتاتنى أن ينتظر فرصة أخرى لرئاسة أخرى، وبحسب تعبير الكتاتنى فى تصريحات له بعد حل مجلس الشعب «لسه بدرى أنى اتكلم فى الرئاسة سواء رئاسة مجلس الشعب أو رئاسة الجمهورية»، بدت هذه التصريحات للكتاتنى خارج إطار اللياقة فرئيس الإخوان لم يكن قد أكمل عدة أشهر من عامه الأول، ولكن التصريحات عكست النفوذ الذى يتمتع به الكتاتنى داخل الجماعة التى تحكم مصر من خلال مرسى، وهو نفوذ ترجمه اكتساح الكتاتنى لانتخابات رئاسة حزب الحرية والعدالة، ضد منافسه عصام العريان، كما كشفت التصريحات أن الإخوان كانوا يدركون أن استمرار مرسى كرئيس لمدتين مستحيل.

وبعد ثورة 30 يونيو وعزل مرسى ألقى القبض على الكتاتنى وذهب إلى سجن طره فى قضية التحريض على العنف وفيما كان حديث الإخوان العلنى عن عودة مرسى يملأ الدنيا ضجيجا، ويتطرق أحيانا إلى الإفراج عن الشاطر وباقى عصابة مكتب الإرشاد،.ولكن فى الخفاء وحتى قبل فض اعتصام رابعة فإن كل المبادرات والمفاوضات كانت تركز على اسم واحد من قيادات الإخوان كشرط لاستمرار المفاوضات، هذا الاسم أو بالاحرى القيادة هى سعد الكتاتنى، ولم يكن يفوق الإصرار على الإفراج عن الكتاتنى إلا إصرار الإخوان على عدم تجميد أموال الجماعة أو بالأحرى عدم تجميد أموال قيادات الجماعة.

1

إلا الكتاتنى

بعد عزل مرسى واعتقال قيادات الجماعة بدأت المفاوضات الأجنبية والمحلية على حد سواء من أعلى نقطة فى التفاوض، الإفراج عن مرسى وكل القيادات، ولكن هذا مفهوم بالطبع للطرفين أن هذه المطالب لم ولن تحقق، فى هذه الاثناء دخل الدكتور البرادعى قبل استقالته على الخط، وكانت مبادرة البرادعى ضرورة إظهار حسن النوايا لإدماج الإخوان، وحدد البرادعى الإفراج عن اثنين من المحبوسين أحدهما أو بالأحرى كان الدكتور سعد الكتاتنى، أما الثانى فكان رئيس حزب الوسط المهندس أبو العلا ماضى، ولكن المقصود من المبادرة كان الكتاتنى فطرح الإفراج عن أبو العلا كان يهدف إلى إظهار الإخوان بصورة المفاوض عن التيار الإسلامى كله، وليس الإخوان فقط، كما أن أبوالعلا ماضى كان سيلعب دور الوسيط الاقرب للإخوان، وتكررت حكاية الإفراج عن الكتاتنى فى معظم المبادرات أو الاقتراحات الأجنبية، وكان أحد شروط مبادرة العوا لحل الأزمة، ولكن مبادرة العوا بدأت بالإفراج عن عدد من قيادات الجماعة وانتهت بالإفراج عن سعد الكتاتنى كحد أدنى، وتكرر طرح فكرة الإفراج عن الكتاتنى فى مبادرة الدكتور أحمد كمال أبو المجد، ولم يكن طرح الإفراج عن الكتاتنى من جانب أبو المجد، ولكنه كان أحد شروط الإخوان، ولكن مبادرة أبو المجد ماتت بالسكتة القلبية، فلم يعد هناك مبرر لدراسة الإفراج عن الكتاتنى، أو بحث الإصرار على الإفراج عن الكتاتنى وكأنه الفانوس السحرى الذى يحل كل أزمات الإخوان.

وخلال جلسات الحوار مع الأحزاب طرح الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح فكرة الإفراج عن بعض قيادات الإخوان وعلى رأسهم الدكتور سعد الكتاتنى، وقد بدا هذا الطرح مثيرا للدهشة لأن الكتاتنى إذا حصل على البراءة وعاد للعمل السياسى، فسيكون المنافس الأشرس لعبد المنعم أبو الفتوح فى انتخابات الرئاسة القادمة، وكان الرد الرسمى أن الحكومة لا تقترب من القضايا الجنائية، وأن الإفراج عن أى قيادة إخوانية أو غيرها مرهون بسير ونتائج التحقيقات والمحاكمات، ولكن هذا الرفض لم يمنع من تكهنات وتحليلات عن دوافع عبدالمنعم أبو الفتوح فى الإفراج عن الكتاتنى، فعبدالمنعم أبو الفتوح يريد أن يسترضى التنظيم الدولى للإخوان لأنه يعلم أن رضا التنظيم عنه قد يدفعه إلى أن يكون مرشح قوى الإسلامى السياسى، ولذلك انضم أبو الفتوح إلى شلة أصحاب المبادرات فى الإفراج عن الكتاتنى، وهى صيغة تكررت بأكثر من مبرر، مرة حتى يتفاوض الكتاتنى مع الحكومة والنظام الجديد بوصفه رئيس حزب الحرية والعدالة، ومرة أخرى بغرض إثبات حسن النوايا، ولكن الحقيقة أن الهدف من الإفراج عن الكتاتنى يهدف إلى إنقاذ بقايا الجماعة من الشتات وانفراط عقدها.

2

وجوه متعددة

على الرغم من الإنفاق الضخم للتنظيم الدولى للإخوان على فرع الجماعة فى مصر، وعلى الرغم من اشتراك كل قيادات التنظيم حول العالم فى مساندة إخوان مصر فى محنتهم، رغم هذا وذاك فإن قيادات التنظيم الدولى يدركوا أن التنظيم الصلب لجماعة الإخوان قد انتهى، ولم يكن التنظيم فى حاجة لمظاهرات الإخوان الهزلية يوم محاكمة مرسى ليدركون أن الضربة التى وجهت لإخوان مصر كادت أن تقضى على أركان التنظيم، وقطعت الصلة بين قواعد الجماعة فى المحافظات وبين قيادتها، وأن معظم المتعاطفين مع الجماعة فضلا عن أبنائها قد انفضوا عن الجماعة فى مصر، ولذلك فإن أول خطوة فى إعادة تماسك الجماعة هو البحث عن قيادة إخوانية قادرة على التعامل مع الموقف العصيب الذى تعانيه الجماعة، شخص قيادى تنظيمى من داخل مكتب الإرشاد، ومن صقور الجماعة، ولكن فى نفس الوقت يكون لهذه الشخصية قدرة وثقل داخل النخبة الحاكمة، وهو الأمر الذى يفتقده القياديان عمرو دراج ومحمد على بشر، لأنهما غير قادرين على اتخاذ قرارات فيما يتعلق بالجماعة، كما أنهما لا يتمتعان بشهرة أو ثقل بين أبناء الجماعة والمتعاطفين معها، خلافا لوضع بشر ودراج، فإن الكتاتنى له ثقل تنظيمى لدى أبناء الجماعة وهو من أقدم أعضاء مكتب الإرشاد الموجودين فى السجون الآن، وبهذه الصفة أو بالإحرى بهذا النفوذ فإن الكتاتنى يملك الكثير من مفاتيح التمويل والتنظيم معا، ويعرف كل أزمات الجماعة الداخلية، ويدرك خريطة القوى والنفوذ فى الجماعة بكل مستوياتها التنظيمية، وبعيدا عن القوة التنظيمية والثقل داخل التنظيم فإن، الكتاتنى تعامل مع معظم الأحزاب والقوى السياسية خلال رحلته السياسية، سواء كعضو مجلس شعب قبل ثورة 25 يناير حيث كان الكتاتنى رئيسا لكتلة الإخوان البرلمانية، أو كرئيس مجلس شعب بعد ثورة 25 يناير، وهو المجلس الذى تم حله ثم رئيس لجنة المائة لوضع الدستور والتى تم حلها أيضا، ولذلك فإن الكتاتنى هو الوحيد بين قيادات الإرشاد الذى يجمع بين الموقع التنظيمى والعلاقات السياسية، ولذلك فإن الكتاتنى الذى شغل منصب رئيس حزب الحرية والعدالة، يكاد يكون الورقة الأخيرة لجمع شتات الإخوان، والحفاظ على ما تبقى من التنظيم داخل مصر، وكان بعض المبادرات قد ربط ما بين الإفراج عن الكتاتنى ووقف العنف، لأن خروج الكتاتنى من السجن وعودته للحزب والجماعة سيكون أول خطوة فى لم شتات الجماعة، فالإخوان تعانى الآن من غياب هدف التحركات لدى شباب الجماعة والعدد الأكبر من أبنائها وأعضائها، وحتى تحالف دعم الشرعية قد بدأ فى الانهيار، لأن معظم قيادات التحالف ترى أن الإخوان يعيشون فى أوهام، وأنه يجب أن تعترف الجماعة بحجم الضرر الذى تسببت فيه وتقدم التنازلات، ولذلك فإن قدرة الجماعة على الحشد إصابتها ضربة مزدوجة، والتنظيم الدولى يدرك أن تحالف دعم الشرعية سينهار إن آجلا أو عاجلاً ولن يتبقى سوى تحالفاتها مع الجماعات الإرهابية والتكفيرية، وهذه الجماعات ستتولى العمليات الإرهابية، ولكنها لا تملك القدرة على الحشد والتنظيم والعمل السياسى تحت الأرض، ولذلك ليس أمام الإخوان سوى جمع شتات الجماعة، وهذا الهدف يحتاج إلى قيادة تنظيمية قوية ونافذة فى جماعة الإخوان بمصر.

3

قائد الرئيس

يحمل الكتاتنى درجة الدكتوراه مثل الرئيس المعزول مرسى، وهو أستاذ جامعى مثله، وهو من بين القلائل من الإخوان الذين وصلوا لمنصب رئيس قسم فى كلية العلوم جامعة المنيا، ولكن الكتاتنى أقوى وأكثر نفوذا من محمد مرسى، لأن الكتاتنى من قيادات مكتب الإرشاد وهو أعلى مرتبة فى التنظيم من مرسى.

وقد بدأ الفارق فى النفوذ بين الرجلين يظهر فى مجلس الشعب عام 2000، الذى جمع الرجلين فى أول مجلس يعود اليه الإخوان بعد عشر سنوات من الغياب، كان الدكتور مرسى لا يظهر فى المجلس بدون الدكتور الكتاتنى، وأتذكر أن أحد النواب المستقلين قد انتبه إلى مشهد متكرر يجمع بين الرجلين، فقد كان مرسى يتعمد ألا يسير بجوار الكتاتنى، ولكنه يتأخر خطوة أو نصف خطوة عنه، وإذا تحدث الكتاتنى صمت مرسى، ولم يكن يجرؤ على مقاطعته، فإذا تحدث الكتاتنى فى جلسات النواب الخاصة اكتفى مرسى بالتأكيد على كلامه.. وعلى الرغم من أن الكتاتنى لم يكن أبرز نواب الإخوان إلا أنه حصل بسهولة شديدة على منصب المتحدث باسم الإخوان، ورئيس الكتلة البرلمانية، وقد كان الكتاتنى هو صاحب الحل والربط فى كل ما يحدث فى المجلس، وله الكلمة الأخيرة فى تصويت نواب الإخوان أو انسحابهم من الجلسة أو حتى تحديد المتحدثين من نواب الإخوان فى كل جلسة أو موضوع مطروح على المجلس، وكانت الصفقة الأخيرة بين الإخوان والحزب الوطنى تتم مع الكتاتنى، ولكن مرسى كان رجل الاتصالات مع الجهات الأمنية، أى مجرد ناقل للرسائل، ولذلك فإن ملف التفاوض مع السلطة قبل ثورة 25 يناير كان من نصيب مرسى، واستمر هذا الوضع بعد ثورة 25 يناير، ولكن مرسى كان قبل وبعد الثورة مجرد وسيط مريح للإخوان، أما الاجتماعات الحاسمة.. فكان يحضرها الكتاتنى مع مرسى، ففى اجتماع الجماعة مع رئيس المخابرات الراحل عمر سليمان كان الكتاتنى ومرسى معا فى هذا الاجتماع، وحتى عندما تمت اعتقالات قيادات الإخوان الأخيرة قبل ثورة 25 يناير، واعتقل كل من مرسى والكتاتنى مع قيادات الإخوان ظل مرسى يتعامل داخل سجن وادى النطرون بنفس المكانة، لأنه أقل من الشاطر والكتاتنى فى المرتبة داخل الجماعة، وفيما بعد عندما أصبح مرسى رئيسا، أبدى أحد العاملين بسجن المزرعة دهشته من هذا الوضع، وقال لأصدقائه «سبحان الله.. فمرسى كان أقلهم شأنا وكان يتعامل بتواضع وينفذ كل ما يطلبونه منه».

4

الرئيس المنتظر

ولذلك كان اختيار محمد مرسى كمرشح الإخوان للرئاسة مفأجاة للكثير داخل وخارج الإخوان، فقد كان الشاطر الاختيار الأول للإخوان، فلما رفض من قبل اللجنة الرئاسية، ظهر اتجاه بأن يقدم الكتاتنى استقالته من رئاسة مجلس الشعب، ويتقدم للترشح للانتخابات الرئاسية، على أن يتولى عصام العريان رئاسة المجلس، ولكن هذا السيناريو سرعان ما تراجع، وتم اختيار مرسى ليكون المرشح الاستبن، ومع استقرار هذا الاختيار، وحتى مع نجاح مرسى لم يفقد الكتاتنى الأمل، فقد كان اختيار مرسى كأول رئيس اختياراً تكتيكيا، فأول رئيس إخوانى كان سيحمل الهجوم ومهمة تمكين الإخوان وكل ما يرتبط بهذا الهدف من مصائب وكوارث، ثم يرشح الإخوان مرشحاً جديداً للرئاسة، وحين سأل الكتاتنى: هل سيظل رئيس مجلس الشعب فى حالة إجراء انتخابات لمجلس جديد، جاء رد الرجل مراوغا فقد.. قال إنه من المبكر جدا حسم أو معرفة أمور مثل رئاسة مجلس الشعب أو رئاسة الجمهورية.ولم يستبعد الكتاتنى أن يرشح نفسه فى انتخابات الرئاسة القادمة، وكان الكتاتنى من ضمن أربع قيادات من الإخوان الذى يحضر الجلسة السرية التى كانت تعقد فى بيت مرسى بالتجمع الخامس، حيث كانت قيادات الإخوان فى بداية حكم مرسى تتجمع للتشاور فى أمور الحكم، وقد سرت شائعة أثناء وجود مرسى بالرئاسة أن قيادات مكتب الإرشاد قد ترغم مرسى على تقديم استقالته بعد عامين وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة، وكان المرشح الأوفر حظا هو سعد الكتاتنى، وليس خيرت الشاطر الأكثر قوة، لأن الكتاتنى كان لديه رصيد سياسى أكبر من الشاطر، ولكن الشعب المصرى بثورته العظيمة فى 30 يونيو لم يترك لنا فرصة لاختبار هذه الشائعة، لأنه أزاح مرسى وجماعته وإخوانه بعد عام واحد من حكم مرسى، والآن يحاول التنظيم الدولى أن ينقذ الجماعة فى مصر، وأن يوقف التدهور التنظيمى غير المسبوق، ويرى أن الورقة الأخيرة ليست مرسى ولا حتى الشاطر أو بديع، ولكنه يرى أن هذه الورقة هى سعد الكتاتنى، ولكن حتى الكتاتنى ولا مائة مثله قادرون على إنقاذ الجماعة، فقد كتبت محاكمة مرسى والحشد الإخوانى الهزيل نهاية الجماعة لخمسين عاما على الأقل.