مى سمير تكتب: عام التغيرات الدولية الحاسمة
من صفعة الأوسكار إلى الحرب وانهيار الاقتصاد العالمى
شهدت أركان العالم الأربعة «أوروبا، وأمريكا الشمالية واللاتينية، وإفريقيا، وآسيا»، لحظات فاصلة خلال ٢٠٢٢. حروب، سياسات خارجية جديدة، انتخابات، اضطرابات، وأزمة اقتصادية عالمية، وكل هذا ما هو إلا جزء من مشهد دولى تقاطعت فيه الكثير من الأحداث.
فى هذا السياق رصدت مجلة الإيكونوميست أهم تلك التغيرات الدولية.
الحرب
غزت روسيا أوكرانيا، وكان عذر فلاديمير بوتين عن هذا العمل العدوانى غير المبرر أنه القضاء على «النازية» فى البلاد، وأثبت الغزو الذى اعتقد بوتين أنه سينتهى بنصر سريع وسهل، أنه ليس بالسهولة المتوقعة، وفشلت روسيا فى الاستيلاء على كييف، العاصمة الأوكرانية، قاتل الأوكرانيون بشدة، بينما فر حوالى ٧.٨ مليون لاجئ، ونزح ٧ ملايين آخرون، وقدرت أمريكا أن ١٠٠ ألف جندى من كل جانب قتلوا أو أصيبوا، وقتل نحو ٤٠ ألف مدنى، ومع نهاية العام استعاد الأوكرانيون الكثير من الأراضى التى استولت عليها روسيا، لكن بوتين جند مئات الآلاف من الجنود، وقصف البنية التحتية للكهرباء فى أوكرانيا، على أمل مضاعفة شعور المدنيين بالبرد خلال الشتاء، ويتوقع الجنرالات الأوكرانيون أن روسيا ستشن هجومًا جديدًا كبيرًا أوائل ٢٠٢٣.
فرض الغرب عقوبات منعت البنوك الروسية من نظام المدفوعات العالمى السريع، وتم تجميد العديد من أصولها الأجنبية، وحظر بيع مكونات عالية التقنية لها، وانسحبت مئات الشركات من روسيا، بما فى ذلك Apple وBPو Ford وShellوتم حظر دخول الطائرات الروسية المطارات الغربية، وواجه بعض الأثرياء الروس عقوبات أيضًا، وتخلى رومان إبراموفيتش عن ملكيته لنادى تشيلسى الإنجليزى لكرة القدم.
تسببت الحرب فى ارتفاع أسعار الطاقة، وارتفع النفط إلى ما يقرب من ١٤٠ دولارًا للبرميل قبل أن يتراجع مرة أخرى، وقطع بوتين معظم إمدادات الغاز عن أوروبا، حيث سارعت الحكومات لتأمين إمدادات جديدة، ودعم فواتير التدفئة المنزلية، وارتفع الاستثمار فى الطاقة البديلة.
وارتفعت أسعار القمح وزيت الطهى والأطعمة على نحو صاروخى، حيث عطلت الحرب الصادرات من أوكرانيا وروسيا، وساعد ارتفاع تكلفة الوقود والغذاء على اندلاع اضطرابات مدنية فى أكثر من ٩٠ دولة.
العالم يتغير
كشفت ألمانيا النقاب عن سياسة خارجية جديدة، تسمى (نقطة تحول)، حيث تعهد المستشار أولاف شولتز بزيادة الإنفاق الدفاعى وإنهاء اعتماد البلاد الطويل على الطاقة الروسية.
وتقدمت فنلندا والسويد بطلب للانضمام إلى الناتو لحماية نفسها من روسيا، كان هذا محرجا بالنسبة لبوتين الذى تضمنت أعذاره لغزو أوكرانيا الرغبة فى وقف توسع التحالف شرقًا. وإذا انضم البلدان فإن حدود روسيا مع الناتو ستتضاعف، فيما تؤجل تركيا الموافقة على انضمامهما.
بالنسبة لبريطانيا شهدت ٢٠٢٢ جلوس اثنين من الملوك على العرش، وثلاثة رؤساء وزراء، وأربعة مستشارين.. استقال بوريس جونسون فى النهاية، بعد أن أصبح أول رئيس وزراء يتلقى غرامة جنائية (لخرقه قواعد الإغلاق).
وشهدت الأسابيع السبعة الصاخبة التى مرت بها ليز تروس، انخفاض الجنيه إلى أدنى مستوى له منذ أربعة عقود مقابل الدولار، وارتفاع عائدات السندات الحكومية، وتوبيخ صندوق النقد الدولى حكومتها بسبب ميزانيتها غير الممولة. وقال مستشارها، كواسى كوارتنج: «سوف تتفاعل الأسواق كما تشاء». واستعاد ريشى سوناك بعض الهدوء عندما تولى المسئولية من السيدة تروس.
توفيت الملكة إليزابيث الثانية عن عمر يناهز ٩٦ عامًا بعد ٧٠ عامًا على العرش البريطانى، وألقى حوالى ٢٥٠ ألف شخص نظرة على نعشها، ووعد وريثها الملك تشارلز الثالث، باتباع نهج والدته المتشدد فى الحكم.
أصبح فيروس كورونا أقل خطورة فى ٢٠٢٢، حيث تم تطعيم المزيد من الأشخاص، وخففت معظم الدول قيودها، فيما تحول احتجاج سائقى الشاحنات فى كندا ضد تفويضات فيروس كورونا إلى حركة ضد الحكومة، التى فرضت قانون الطوارئ لأول مرة.
وحصل شى جين بينج على فترة ثالثة كزعيم للصين، وتم التخلى عن سياسة «عدم انتشار الفيروس» بعد الاحتجاجات ضد عمليات الإغلاق القاسى، وهى الأكبر منذ وصوله إلى السلطة فى عام ٢٠١٢. بدأ كوفيد ينتشر بسرعة فى الصين، فيما أعرب الخبراء عن قلقهم من أن الحكومة فشلت فى تطعيم كبار السن بشكل صحيح، وواصلت الصين تجنب استخدام لقاحات أجنبية عالية الفعالية.
فى أمريكا وبريطانيا ومنطقة اليورو وصل معدل التضخم إلى أكثر من ١٠٪، ما دفع البنوك المركزية إلى تشديد السياسة النقدية بحدة، وفى مارس رفع الاحتياطى الفيدرالى سعر الفائدة الرئيسى للمرة الأولى منذ عام ٢٠١٨، وفى نوفمبر رفع بنك إنجلترا سعر الفائدة بأكبر نسبة منذ الثمانينيات، قام البنك المركزى الأوروبى برفع قيمته من -٠.٥٪ سالب إلى صفر، ومن ثم إلى الأعلى.
وأعلن الرئيس جو بايدن عن حزمة ضخمة من الإعانات لتعزيز الطاقة النظيفة، ومعالجة تغير المناخ، وهو قانون يُدعى بشكل مضلل للحد من التضخم، وألغت المحكمة العليا فى أمريكا قضية رو ضد وايد، وأعادت السيطرة على الإجهاض إلى الولايات، وحظرت حوالى ١٣ ولاية معظم عمليات الإجهاض.
وسيطر الديمقراطيون على مجلس الشيوخ فى انتخابات التجديد النصفى، متحدين التوقعات، وخسروا مجلس النواب بفارق ضئيل. وكان أداء المرشحين الجمهوريين فى السباقات الضيقة التى أيدها دونالد ترامب سيئًا بشكل خاص. وفى نهاية العام أوصت لجنة مجلس النواب التى تحقق فى الهجوم على مبنى الكابيتول فى عام ٢٠٢١ بأن يواجه ترامب اتهامات بالتمرد.
أثار موت مهسا أمينى احتجاجات ضخمة فى إيران، واعتقلت شرطة الآداب أمينى لارتدائها الحجاب بشكل غير لائق، وتوفيت بعد تعرضها للضرب، وشجب المتظاهرون الثيوقراطية لأسابيع، وأحرقت النساء حجابهن فى الأماكن العامة، وتم اعتقال حوالى ١٥٠٠٠ شخص، وتم إعدام البعض.
تغيرات سياسية
جاء الارتفاع المفاجئ فى أسعار المواد الغذائية فى سريلانكا على رأس تراجع إنتاج الغذاء الناجم عن حظر الأسمدة الكيماوية، وتم إلقاء اللوم على الأخوين راجاباكسا، واستقال ماهيندا راجاباكسا من منصب رئيس الوزراء وسط أسوأ أزمة اقتصادية منذ الاستقلال، وفر غوتابايا راجاباكسا من البلاد عندما اقتحم حشد من الناس قصره الرئاسى.
انتخبت إيطاليا ائتلافا يمينيا متشددا بقيادة جيورجيا ميلونى من حزب «إخوان إيطاليا»، وأصبحت ميلونى أول امرأة تتولى رئاسة الوزراء فى البلاد، وبعد انتخابات أخرى فى إسرائيل كان من المقرر أن يصبح بنيامين نتنياهو رئيسا للوزراء مرة أخرى، بعد عام من تركه منصبه، فيما حصلت كوريا الجنوبية على رئيس جديد: يون سوك يول، وأعيد انتخاب إيمانويل ماكرون فى فرنسا.
فى أستراليا، تم طرد الليبراليين بعد تسع سنوات فى القيادة. وفاز فرديناند «بونج بونج» ماركوس، نجل الديكتاتور الراحل فى الانتخابات الرئاسية فى الفلبين. وحصلت كولومبيا على أول رئيس لها من اليسار: جوستافو بيتر، مقاتل سابق فى حرب العصابات.
فاز ويليام روت فى الانتخابات الرئاسية الكينية، وطعنت المعارضة فى النتيجة، على الرغم من عدم تكرار عمليات القتل الواسعة النطاق التى شابت الاقتراع السابق، بعد سنوات من البحث عن الوظيفة ومدة فى السجن، أصبح أنور إبراهيم، رئيس وزراء ماليزيا.
خسر جاير بولسونارو، الانتخابات الرئاسية البرازيلية، لكنه لم يعترف بذلك. وادعى حزبه دون أدلة، أن التصويت كان مزورًا. ورفضت الهيئة الانتخابية الطعن وغرمت الحزب لتضييع وقتها، وسيؤدى لويس إيناسيو لولا دا سيلفا اليمين فى الأول من يناير، وهو تعهد بوقف تدمير غابات الأمازون الذى تسارع وتيرته فى عهد بولسونارو.
أُطيح بعمران خان من منصب رئيس وزراء باكستان بعد تصويت بحجب الثقة عن البرلمان، لم يذهب عمران خان بهدوء، بعد ستة أشهر فاز حزبه بمعظم المقاعد فى سلسلة من الانتخابات الفرعية. وبعد أسابيع قليلة أصيب خان برصاصة فى ساقه فى تجمع حاشد، وفى اليابان تم اغتيال آبى شينزو، رئيس وزراء اليابان الأسبق.
ودفع أسوأ جفاف مسجل فى القرن الأفريقى أكثر من ٨٠ مليون شخص إلى الجوع. الملايين على شفا المجاعة. وتوصلت إثيوبيا والزعماء المتمردون فى منطقة تيجراى الشمالية للاتفاق على إنهاء الحرب الأهلية. ويُعتقد أن مئات الآلاف من المدنيين لقوا حتفهم بسبب الصراع، معظمهم من الجوع أو المرض. وتعطلت الأعمال والحياة اليومية فى جنوب إفريقيا باستمرار بسبب انقطاع التيار الكهربائى.
شراء وبيع
اشترى إيلون ماسك، مؤسس شركة تسلا منصة تويتر، بعد ذلك أقال الرئيس التنفيذى ومجلس الإدارة بأكمله ونصف الموظفين. وقال ماسك إنه سيسمح بمزيد من حرية التعبير، لكنه تراجع عندما انتشرت التغريدات المسيئة وأثارت غضب المعلنين. وفى ديسمبر، سأل متابعيه على تويتر عما إذا كان ينبغى أن يبقى فى منصب الرئيس التنفيذي؛ قالوا لا. ولم يعد ماسك أغنى رجل فى العالم. لقد تجاوزه برنارد أرنو، رئيس شركة lvmh، وهى شركة فاخرة.
وتعرضت أسواق الأسهم لضربة قوية خلال عام ٢٠٢٢، وتضررت شركات التكنولوجيا الكبرى بشكل كبير، حيث انخفضت أسعار أسهم ميتا (فيس بوك سابقا) وتسلا بأكثر من ٦٠٪، ووصلت شركة آبل لفترة وجيزة إلى قيمة سوقية للأسهم تبلغ ٣ تريليونات دولار فى يناير، تبلغ قيمتها الآن حوالى ٢.١ تريليون دولار.
كما تعرضت العملات المشفرة للضرر، خاصة بعد انهيار ftx، أحد أكبر بورصات العملات المشفرة، والتى تم اعتقال رئيسها للاشتباه فى قيامه بعمليات احتيال واسعة النطاق، وانخفضت قيمة عملة البيتكوين بنسبة ٦٥٪.
وقيدت أمريكا الصادرات إلى الصين من الرقائق المصنوعة بالتكنولوجيا الأمريكية، وحظرت الرقائق من استخدامها فى تطوير الذكاء الاصطناعى الصينى، ونقلت الصين النزاع إلى منظمة التجارة العالمية.
وبينما يشهد العالم تغيرات جذرية، تجاوز عدد سكانه ٨ مليارات نسمة، بعد ١٢ عاما فقط من وصوله إلى ٧ مليارات. لقد أدت التحسينات فى التغذية والطب إلى زيادة عمر الإنسان.
وكان توزيع جوائز الأوسكار مليئا بالمفاجآت، حيث أصبح فيلم «كودا» أول فيلم يتم إصداره بشكل أساسى على منصة بث مباشر يفوز بجائزة أفضل فيلم، وصفع ويل سميث، الممثل الكوميدى كريس روك بعد التحدث بشكل وقح عن زوجة ويل. وأعلنت منصة نتفليكس عن انخفاض فى عدد المشتركين، وقدمت إعلانات لزيادة الإيرادات، وكان أكبر نجاح فى شباك التذاكر هو «توب جان- مافريك»، ما يثبت أن ممثلا يبلغ من العمر ٦٠ عاما يرتدى سترة جلدية لا يزال بإمكانه جذب الجماهير.
