مفهوم محظورات الإحرام
المحظور لغة: اسم مفعول من حظر، وجمعه المحظورات وهو المُحرّم أو الممنوع، والإحرام لغة: مصدر الفعل أحرم؛ أي دخل في حرمة الله -تعالى-، ويُقصد به عند إطلاقه الإحرام بالحج أو العمرة.
أمّا محظورات الإحرام اصطلاحا: فهي الأمور التي يُمنع منها كلا الجنسين أو أحدهما بسبب الإحرام، وممّا تجدر الإشارة إليه أنّ الحكمة في حظر ومنع بعض المباحات حال الإحرام تكمن في عدّة أمور، ومنها ما يأتي: تذكير المحرم بالعبادة والنسك الذي يقوم به، فيتذلل إلى الله -تعالى- ويتقرب إليه. تربية النفس على المغايرة في العيش بين التقشف والترف توافقًا مع نهج رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-. إرساء مبدأ المساوة بين الناس، فلا فرق بين غني وفقير، وعربي وأعجمي. تعزيز مبدأ مراقبة النفس.
محظورات الإحرام للنساء
محظورات الإحرام للنساء متعددة، ومنها ما يشترك فيها الرجل، ومنها خاصٌ بالمرأة، وهي كما يأتي:
لبس النقاب والقفازين وهو المحظور الخاصّ بالنساء من بين المحظورات المذكورة، حيث يحرم على المرأة المُحرمة أن تتنقّب وتلبس القفازين، وذلك لقول رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (ولَا تَنْتَقِبِ المَرْأَةُ المُحْرِمَةُ، ولَا تَلْبَسِ القُفَّازَيْنِ) إلّا أنّه يُستحب لها ستر وجهها عن الرجال الأجانب بغطاءٍ وساترٍ على أن تضعه من فوق رأسها دون ربط أو غرز، ولا يضرّها في حال مسّ الغطاء وجهها وهذا عند المالكية والحنابلة، وقد دلّ على ذلك ما ثبت عن فاطمة بنت المنذر قالت: (كنا نُخمِّرُ وجوهَنا ونحن مُحرماتٌ ونحن مع أسماءَ بنتِ أبِي بكرٍ الصدِّيقِ).
الفسق والجدال الفسق هو خروج المسلم عن طاعة الله -تعالى- وعصيانه، وهو محرّم وأشد ما يكون حرمة في حال الإحرام، أمّا الجدال فهو المخاصمة؛ بأن يجادل المسلم صاحبه حتى يغضبه، حيث قال الله -تعالى-: (وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ)، ويجدر بالذكر أنّ ما يحتاج إليه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من جدال ونقاش لا يدخل ضمن الجدال المحظور.
حلق شعر الرأس حلق الشعر أو نتفه أو قصّه من محظورات الإحرام، ويُقاس على شعر الرأس باقي شعر البدن، بحيث لا يجوز للمرأة إزالة شيء منه إلّا لعذر من مرضٍ أو نحوه، فيلزمها حينئذ الفدية، وكذلك يحرم إزالة الأظافر، وقد دلّ على ذلك قول الله -تعالى-: (وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِّن رَّأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِّن صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ).
الطيب لا يجوز للمحرم التطيب في بدنه أو ملابسه، لقول رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (اغْسِلُوهُ بمَاءٍ وَسِدْرٍ، وَكَفِّنُوهُ في ثَوْبَيْهِ، وَلَا تَمَسُّوهُ بطِيبٍ، وَلَا تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ، فإنَّه يُبْعَثُ يَومَ القِيَامَةِ مُلَبِّيا).
النكاح يحرم على المحرم إتمام عقد النكاح، وإذا تمّ ذلك فإن عقد النكاح يعدّ باطلًا، وقد دلّ على ذلك قول رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (إنَّ المُحْرِمَ لا يَنْكِحُ، وَلَا يُنْكَحُ).
الصيد يحرم على المحرم الإقدام على الصيد البري، أو إعانة الغير على مسكه، أو الإشارة إليه والدلالة عليه، وقد دلّ على ذلك قول الله -تعالى-: (وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا)، أمّا صيد البحر فلا حرج في ذلك، لقول الله -تعالى-: (أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَّكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ).
الجماع ودواعيه يحرم على المحرم الجماع ودواعيه من تقبيلٍ ولمسٍ بشهوة سواء كان ذلك في الليل أو النهار، فإن تمّ الجماع قبل التحلل الأول فسد حجه، لقول الله -تعالى-: (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ)،
والرفث هو الجماع، أمّا من أقدم على دواعي الجماع فقد ارتكب إثمًا وعليه الذبح.
قطع شجر الحرم وحشيشه يحرم على المحرم وغيره قطع شجر الحرم وحشيشه باستثناء الإذخر، وهو نبات طيّب الرائحة، وذلك لقول رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- يوم فتح مكة: (فَهو حَرَامٌ بحُرْمَةِ اللَّهِ إلى يَومِ القِيَامَةِ، لا يُعْضَدُ شَوْكُهُ، ولَا يُنَفَّرُ صَيْدُهُ، ولَا يَلْتَقِطُ لُقَطَتَهُ إلَّا مَن عَرَّفَهَا، ولَا يُخْتَلَى خَلَاهَا. قالَ العَبَّاسُ: يا رَسولَ اللَّهِ، إلَّا الإذْخِرَ؛ فإنَّه لِقَيْنِهِمْ ولِبُيُوتِهِمْ، قالَ: قالَ: إلَّا الإذْخِرَ).