بعد عام من إعلان الفضاء عليها.. الكوليرا تفتك بالمئات في هايتي
بعد أقل من عام على إعلان الحكومة الهايتية القضاء على الكوليرا في البلاد، عاد المرض إلى آلاف الأشخاص مرة أخرى.
ووفقا لتقرير منظمة الصحة العالمية الصادر في 13 ديسمبر، أبلغت البلاد عن 13672 حالة و283 حالة وفاة منذ أوائل أكتوبر.
وبدأ تفشي الكوليرا الأخير في هايتي في عام 2010. الآن، في مراسلات من New England Journal of Medicine، يقول الخبراء أن سلالة الكوليرا التي تسبب حاليا تفشيا آخر في هايتي مرتبطة بسلالة 2010، ومن المحتمل أن تكون سليلة لها.
وتم الإبلاغ عن التفشي الحالي لأول مرة في 2 أكتوبر، وفقا لمنظمة الصحة العالمية، بعد ثلاث سنوات من عدم الإبلاغ عن حالات كوليرا. وبين أكتوبر 2010 وفبراير 2019، أبلغت البلاد عن 820.000 حالة إصابة و9792 حالة وفاة بسبب الكوليرا في تفشٍّ واسع النطاق على مستوى البلاد.
وفي فبراير 2022، أعلنت الحكومة الهايتية القضاء على الكوليرا.
وتسبب الكوليرا جفافا شديدا في الجسم وتنتشر من خلال المياه غير النظيفة. وتنتشر الكوليرا عندما يتناول الشخص الماء أو الطعام المصاب ببكتيريا تسمى ضمة الكوليرا. وتشمل الأعراض الإسهال المائي والجفاف. ومعظم الحالات ليست شديدة، وقالت منظمة الصحة العالمية إنه إذا توفرت العلاجات المناسبة، فإن أقل من 1% من الأشخاص الذين يمرضون يموتون. ومع ذلك، إذا ترك المرض دون علاج، يمكن أن يقتل الناس بسرعة كبيرة.
ويشمل العلاج إعادة ترطيب المرضى بمحلول يتم تناوله عن طريق الفم أو ضخه عبر الوريد. ويوجد حاليا ثلاثة لقاحات فموية تستخدمها منظمة الصحة العالمية للوقاية من الكوليرا.
وتحتفظ منظمة الصحة العالمية بمخزون من هذه اللقاحات، وأرسلت المنظمة شحنة من نحو مليون جرعة من أحد هذه اللقاحات المسمى Euvichol، إلى هايتي في 12 ديسمبر. ومن المتوقع وصول المزيد من لقاحات الكوليرا إلى هايتي في الأسابيع المقبلة.
وبدأ التفشي الهائل في عام 2010 بعد الزلزال المميت الذي وقع في يناير من ذلك العام والذي قُدر أنه قتل أكثر من 300 ألف شخص. ووصلت قوات الأمم المتحدة من نيبال إلى هايتي في أوائل أكتوبر من ذلك العام.
وقبل الذهاب إلى هايتي، كان هناك تفشٍّ للكوليرا في كاتماندو، حيث تدربت القوات قبل الانتشار. في 12 أكتوبر 2010، تم الإبلاغ عن أول حالة كوليرا في هايتي، لرجل استحم وشرب من نهر على بعد كيلومترين من حيث أقامت القوات معسكرا.
وفي عام 2011، قررت لجنة من خبراء الأمم المتحدة أن تفشي المرض قد بدأ في معسكر للأمم المتحدة، وفي حين أنها لم تقل صراحة أن القوات قد جلبت الكوليرا من النيبال إلى هايتي، إلا أنها قالت إن سلالات كوليرا هايتي وكوليرا النيبال كانت مثابة "مباراة مثالية". في عام 2016، اعترفت الأمم المتحدة أخيرا بأنها لعبت دورا في نشر الوباء، رغم أنها لم تتحمل المسؤولية القانونية عن ذلك.
ولا يعرف العلماء بعد كيف عادت الكوليرا إلى الظهور في هايتي بعد ثلاث سنوات من عدم الإبلاغ عن أي حالات.
وفي مراسلات حديثة نُشرت في مجلة New England Journal of Medicine، اقترح الباحثون ثلاثة أسباب افتراضية لاحتمال ظهور الكوليرا مرة أخرى. الأول أن حالات الكوليرا ربما استمرت منذ عام 2019، لكن هذه الحالات اختفت من الرادار، والآن ترتفع الحالات مرة أخرى بسبب نقص المياه النظيفة والصرف الصحي إلى جانب انخفاض المناعة لدى السكان. والثاني هو أنه ربما ظل موجودا في الخزانات البيئية مثل الأنهار أو مصبات الأنهار، حيث يمكن للكائن الحي أن يعيش خارج المضيف البشري لعدة أيام في كل مرة.
والسبب الثالث هو أن الكوليرا ربما انتشرت في بلدان أخرى في أمريكا اللاتينية أثناء تفشي المرض عام 2010، وربما أعادت إحدى هذه الدول إدخالها إلى هايتي.
ومع ذلك، يقول الخبراء إن هذا الخيار الثالث غير مرجح، ويرجع ذلك جزئيا إلى أن البلدان الأخرى في المنطقة لم تبلغ عن حالات الكوليرا الأخيرة.
وقال الباحثون، بغض النظر عن سبب الحالات الجديدة، "هذه النتائج، إلى جانب عودة ظهور الكوليرا في أجزاء عديدة من العالم على الرغم من الأدوات المتاحة لمكافحتها، تشير إلى ضرورة مضاعفة جهود مكافحة الكوليرا والوقاية منها".