أزمة ومأساة جديدة تضرب ألمانيا والنمسا.. "شح الادوية"
اعلن المعهد الفيدرالي للأدوية والأجهزة الطبية فى احصاء حاليًا عن أن هناك 313 دواءً غير موجودة في الأسواق، ونظرا لأن إبلاغ المعهد عن اختناقات الإمداد أمر طوعي، فإن الرقم الحقيقي أكبر من ذلك بكثير أما في النمسا، تكافح الصيدليات حاليًا مع اختناقات في عملية استيراد الأدوية، بينما تجتاح موجة نزلات البرد والفيروسات التنفسية البلاد.
والسعال وسيلان الأنف والتهاب الحلق والإنفلونزا وكورونا أو غيرها تنتشر في ألمانيا ويعرف كل شخص، آخر مريضًا في الوقت الحالي كما تسجل شركات التأمين الصحي عددًا أعلى من المتوسط للإجازات المرضية، وتدفع موجة التهابات الجهاز التنفسي لدى الأطفال المستشفيات وأطباء الأطفال إلى الحد الأقصى، لكن أيضا الأدوية المهمة غير متوفرة.
وما يزيد الأمر صعوبة الأمر أن أدوية للأطفال على وجه الخصوص، مثل أدوية خفض الحرارة أو أدوية السعال والمضادات الحيوية، نادرًا ما تتوفر في الصيدليات وعلى وجه التجديد، تعاني ألمانيا شح كبير في أدوية حفض الحرارة ومسكنات الألم والمضادات الحيوية والعقاقير المضادة للسرطان أو حتى الأدوية الخافضة للضغط والسكري.
نقص الادوية …ضربة مزدوجة
كشف استطلاع أجرته صحيفة دير ستاندرد النمساوية لآراء خبراء، أن النقص الحالي للأدوية يعود، من ضمن أسباب أخرى، إلى الطلب المرتفع للغاية والناتج عن الوضع الصحي في البلاد، خاصة مع تفشي ثلاث موجات من المرض: الأنفلونزا، والفيروس المخلوي التنفسي، وكورونا.
أما السبب الآخر، فيتعلق بمشاكل في سلاسل الإمداد، إذ يتم تصنيع الأدوية المهمة، والتي انتهت مدة حماية براءة الاختراع الخاصة بها، بشكل حصري تقريبًا في آسيا، وخاصة في الهند أو الصين، بسبب انخفاض تكاليف الإنتاج.
وبالنسبة للعديد من الأدوية الأخرى التي تعاني شحا، تأتي المكونات النشطة للأدوية من آسيا، ثم تحدث الخطوة الأخيرة، وهي إنتاج الدواء على شكل أقراص أو شراب، في مصانع أوروبية، كما توضح سيلفيا هوفينجر، المديرة الإدارية لجمعية الصناعات الكيميائية في غرفة التجارة النمساوية، وهي مسؤول أيضًا عن صناعة الأدوية.
وعلى سبيل المثال، تصدرت حقيقة وجود مصنع بنسلين واحد فقط في الاتحاد الأوروبي، وبالتحديد في كوندل في تيرول بالنمسا، عناوين الصحف خلال جائحة كورونا، ولم يتغير هذا الوضع منذ ذلك الحين.
كما أن سلاسل توريد الأدوية من آسيا بطيئة في العادة، وازداد هذا البطئ في السنوات الأخيرة بسبب قيود كورونا في الصين، وفرض الهند حظرا على تصدير بعض الأدوية بسبب الجائحة.
ذروة الأزمة في طريق التصعيد
وفقًا لرئيس غرفة الصيادلة النمساوية، أولريكه مورش-إدلماير، لم يتم الوصول إلى ذروة الأزمة بعد، ويتوقع أن يتزايد شح الأدوية في الفترة المقبلة، لافتا إلى أن 500 دواء رئيسي غير موجود في السوق في الوقت الحالي.
إدلماير قال أيضا في تصريحات تابعتها "العين الإخبارية"، "يوجد حاليًا نقص في بعض المضادات الحيوية ومسكنات الألم، ومن الصعب العثور على هذه الأدوية رغم محاولة الصيدليات وتجار التجزئة مساعدة بعضهم البعض"
ووفق ما نقلته صحيفة هويته النمساوية عن الطبيبة المقيمة في فيينا، ناغمي كاماليان، فإن "العاصمة الأدوية تتضرر بشكل خاص من نقص الأدوية في ظل تزايد مرضى الالتهاب الرئوي بمعدلات أكثر من أي وقت مضى" ولفتت الطبيبة أنها تفحص ما يصل إلى 400 مريض في مركزها الطبي كل يوم، كما وصفت الطبيبة، وهي نائب رئيس قسم الأطباء المقيمين في نقابة الأطباء في فيينا، نقص الأدوية الحالي بأنه "كارثة".
وتابعت "أتصل بالصيدليات لساعات كل يوم لأعرف ما هي الأنواع الموجودة من الأدوية، حتى يتمكن مرضاي من الحصول على أفضل رعاية ممكنة."
محاولات لحل الأزمة
ويحاول الاتحاد الأوروبي التحرك لحل أزمة الأدوية في الكثير من بلدانه، لكن هذه التحركات لن تؤتي ثمارها قريبا، إذ من المقرر افتتاح مصنع آخر للمضادات الحيوية في كوندل بالنمسا في عام 2024 وبالإضافة إلى ذلك، يجري العمل في الاتحاد الأوروبي لتحسين تبادل المعلومات بين البلدان في مجال صناعة الأدوية، كما يتم التخطيط لمواقع تخزين للأدوية في دول الاتحاد الأوروبي.
وفي ألمانيا، يريد وزير الصحة، كارل لوترباخ الآن ضمان تجاوز أزمة شح الأدوية المهمة، ويقوم بتغيير قواعد التسعير ووفق القواعد التي ينوي لوترباخ تنفيذها، ستدفع شركات التأمين الصحي مبالغ أكبر بكثير على أدوية الأطفال من ذي قبل. يجب أن ينطبق هذا على كل من الأدوية المعلبة وتلك التي تخلطها الصيدليات.
وقال وزير الصحة يوم الثلاثاء الماضي للصحفيين في برلين "سنزيل هذه الأدوية من قائمة الأسعار الثابتة حتى يمكن بيعها بتكلفة أعلى"، وأبلغنا شركات التأمين الصحي بذلك بالفعل.
لوتارباخ قال إن الأسعار ستزيد بمقدار مرة ونص عن الأسعار السابقة، إذ أنه يرجع "مشكلة الإمداد الحادة" في ألمانيا إلى حقيقة أن الأدوية "غالبًا ما تُباع بسعر أرخص في الأراضي الألمانية منها في الخارج".
ووفق تقرير أوغسبورغر ألغماينه الألمانية، فإن هناك وجه آخر للأزمة الحالية، هو اعتماد ألمانيا على مورد واحد فقط في الهند أو الصين لبعض الأدوية لذلك، تتضمن استراتيجية وزير الصحة الألمانية تنويع مصادر الأدوية على المدى الطويل، بحيث تتضمن المناقصات الخاصة بأدوية السرطان أو المضادات الحيوية المهمة، على سبيل المثال، عمليات شراء جزئية من أوروبا. كما يتم التخطيط لنظام إنذار مبكر للأدوية التي تنفذ.
مخاوف عرقلة سلاسل إمداد الأغذية والأدوية
ويخشى موردو الأغذية والأدوية في بريطانيا من أن تؤدي التغييرات التي تم إدخالها بسرعة إلى تعطل الإمدادات وزيادة التكاليف، ما يقوض مزاعم الحكومة بشأن مكاسب ما بعد بريكست.
وفي حين وعد رئيس الحكومة بوريس جونسون قبل عام بصفقة "جاهزة تماما"، اشتكى اتحاد المأكولات والمشروبات من أنّ جونسون "سلمنا (الاتفاق) قبل أربعة أيام عمل" من مغادرة بريطانيا السوق الموحدة للاتحاد الأوروبي في نهاية عام 2020.
وقالت رئيسة الاتحاد الوطني للمزارعين مينيت باترس إن الأعضاء "يتوقعون استمرار تعطل التجارة على الحدود"، رغم الاتفاق الموقع الأربعاء ومع اندفاع العديد من الشركات لطلب مزيد من البضائع أو تلبية الطلبات التي تأخرت بسبب عمليات الإغلاق الناتجة من فيروس كورونا، كانت مرافئ القناة الإنجليزي، ولا سيما دوفر، مكتظة بالفعل قبل إعلان التوصل لاتفاق.
وساء الوضع عندما أغلقت دول أوروبية حدودها مع بريطانيا لمدة يومين قبل عيد الميلاد في محاولة للحد من انتشار سلالة جديدة أكثر عدوى من كوفيد-19 وعلقت آلاف الشاحنات المتجهة إلى الموانئ وسط اختناقات مرورية هائلة واستغرق الأمر عدة أيام مع مساعدة القوات المسلحة للتغلب على الوضع.
وقال الرئيس التنفيذي لاتحاد الأطعمة والمشروبات إيان رايت إنّ " الفوضى التي سادت الأسبوع الماضي في دوفر وطبيعة اللحظات الأخيرة لهذا الاتفاق تعني أنه سيكون هناك اضطراب كبير في الإمدادات وسترتفع بعض الأسعار".
ورغم أن اتفاق التسوية بين لندن والاتحاد الأوروبي أزال خطر الحصص والرسوم الجمركية، فإن جميع الفحوص والنماذج الجديدة التي يجب ملؤها سوف تستغرق وقتًا وتزيد من تكاليف شركات الأغذية والأدوية، كما تشكو الجمعيات التجارية ويصل حوالى 30% من الأغذية المستهلكة في المملكة المتحدة من بلدان الاتحاد الأوروبي، إذ تستورد بريطانيا ما يقرب من نصف الخضروات الطازجة ومعظم الفاكهة.
لكن جون آلان، رئيس شركة تيسكو العملاقة الرائدة في السوق، سعى إلى طمأنة المستهلكين وقال لمحطة "بي بي سي" إن التكاليف الإدارية الجديدة "لن تكون ملموسة من حيث الأسعار التي يدفعها المستهلكون "لكن شركات المواد الغذائية الصغيرة لا تتمتع بأهمية تيسكو السوقيّة.
مخاطر الرعاية الصحية
وتؤثر التغييرات أيضًا على استيراد وتصدير الأدوية في خضم جائحة عالمية أودت بعشرات الآلاف في بريطانيا نفسها.
وقال مارك دايان من "ناففيلد تراست"، وهو مركز أبحاث مستقل للرعاية الصحية، في بيان إن الاتفاق لا يبدد الصعوبات بشأن "تدفق الإمدادات الحيوية إلى المملكة المتحدة".
وأشاد بالاتفاق لجهة "الاعتراف المتبادل بعمليات التفتيش لمصانع الأدوية وبعض التعاون في الجمارك"، لكنه حذر من أن "الروتين في إدخال المنتجات الحيوية داخل وخارج المملكة المتحدة لا يزال يتضاعف".
وحذّر من أن هذا سيجعل الأمر أكثر صعوبة وتكلفة "للحصول على الإمدادات لهيئة الخدمات الصحية الوطنية أو بيعها بشكل تنافسي في أوروبا "وأوضح أنّه لم يتضح أيضًا ما إذا كان الاتفاق ينص على الاعتراف المتبادل بمعايير أجهزة التنفس الصناعي وأقنعة الوجه الضرورية لمكافحة كوفيد-19.
وفي حالة الأدوية ذات الصلاحية القصيرة، طلبت وزارة الصحة البريطانية "من الشركات التأكد من أنها تستطيع نقل هذه الأدوية من الاتحاد الأوروبي في حال انقطاع الإمدادات"، وفقًا للجمعية الصيدلانية الملكية كما قالت إن الحكومة قامت بتأمين مساحة تخزين إضافية والمزيد من السفن مع إعطاء الأولوية لشحنات الأدوية على العبارات من مرافئ معينة.
ومع ذلك، كتب دايان في المجلة الطبية البريطانية أنه بالنظر إلى الحاجة إلى "تحول لوجستي وقانوني كبير بين ليلة وضحاها" وانطلاقا من أن بريطانيا عانت نقصا في الأدوية الرديفة في السنوات الأخيرة، فإن "الوعد بعدم حدوث أي نقص سيتطلب كثيرا من الشجاعة".
واعترف جونسون في مقابلة أجرتها معه "بي بي سي" الأربعاء بقوله "ستكون هناك تغييرات"، لكنه أصر على أن بريكست سيؤدي إلى ازدهار تجاري من خلال "اتفاقيات التجارة الحرة مع دول أخرى حول العالم".