حامد بدر يكتب: لا تقتل نفسك مرتين
في إحدى مشاهد السينما الصامتة ظهر العملاق "تشارلي تشابلن" يؤدي دورًا لرَجُلٍ يتفانى في عمله داخل إحدى المصانع التي تنتج المعلبات.
يسعى كما يظن
وخلال عملية التعبئة ظل (تشارلي) يسعى جاهدا كما يظن أنه يسعى، ةعل سير الإنتاج يسرع في إتمام عملية الإنتاج؛ ليظل صاحب العمل يأمره بزيادة سرعة أدائه في العمل؛ ليجاذف بحياته ويتسلل بجسده النحيل داخل التروس لإصلاحها، في عرض بدا يتسارع حتى أصبح لا يتوقف لحظة واحدة، وانقلب المشهد إلى حالة من الهزلية إذا ظلت تتزايد المهام والأعباء من صاحب العمل؛ ليرضى وما هو ليرضى.
إلى هنا انتهى المشهد،،
المسؤوليات والأعباء
لازالت الأعباء والمسؤوليات تتزايد، ولكن لكل شيء حدود، إذ علينا أحيانا أن نفهم ماهية المسؤولية والعًبء أولا، ومن ثمَّ الفارق بينهما.
المسؤولية تكليفٌ رُبَّمَا تبلغ أهميته حدّ القداسة في الالتزام والتنفيذ، أمَّا العبء فما هو إلَّا شَغْلٌ الأفكار إلى أن يصل لدرجة حمل الهُمُوم، فنصبح مجرَّد مواقف تبحث عن ملائمة الأشخاص، فتختفي الطبائع والسمات المميزة لكل شخصية على حِده.
المزيد من التكليفات والمواقف
أحيانا - نحن وغيرنا - نتقبل المزيد من التكليفات والمواقف غير الملائمة دون إبداء أي رِدَّة فِعل، وربما تتزايد لأسباب كثيرة، منها أننا لا نقدر على الاعتراض أو يمنعنا عن ذلك الحياء، وربما لرغبة داخلية في كسب وُدّ الناس.
أحيانا ثمّت اعتقاد خاطئ بأننا غير قادرين على تحمل المسؤوليات؛ لنستكمل مشاق الأحكام فنبدوا مجرَّد براهين تسعى أمام الغير؛ ليدحضوا الأفكار السلبية عن شخوصنا، والتي ربما تكونت في خيالاتنا نحن، والتي ربما يستغلها الآخرون.
غاية لا تُدرَك
"رضا الناس غاية لا تُدرك"، جُمْلَةٌ حكيمةٌ كثيرًا ما نقرأها، ونسمعها، ونُثني عليها، ورُبَّمَا تُقام على سيرَتِها محاضرات كاملة، في توعية الناس بهذه الأهمية.
ولهذا فالدرسُ المُستفادُ أن لا تطيع هذا الصِنف اللئيم الذي يسعى جاهدا في أخذ كل ما يتبقى لديك من سليقة وطبيعة، والتحوُّل إلى شخصيات تفتقد أدنى أدوات التعامُل والتفاعل وهي "رِدَّة فعل".
لكنَّ الأهم أنْ لا تتحول لذلك الصِنف اللَّئِيم فيسرقون منك شرف المعاملات، قتقتل بذلك نفسك مَرَّتين.