نظارات ذكية تنافس «غوغل غلاس»
قريبا سيرى الكثير من الناس العالم عن طريق النظارات الكومبيوترية، وليس فقط عن طريق تلك التي تصنعها «غوغل».
وقد حفز قدوم «نظارات غوغل» بضع شركات على الانضمام إلى السوق الجديدة الناشئة لإرسال واستقبال البريد الإلكتروني، والرسائل النصية القصيرة، وتصفح الإنترنت، أثناء قيام الأفراد بركوب دراجاتهم الهوائية، وشراء أغراضهم، أو التظاهر بأنهم يصغون إلى ما يجري أثناء انعقاد الاجتماعات.
وسينافس الكثير من هذه النظارات الجديدة نظارة «غوغل غلاس» (Google Glass)، بأن يكون لها مظهر مختلف، وتستهدف بعض الأسواق المتخصصة، كما يقول شاين ووكر، المحلل في شركة «آي إتش إس» للأبحاث الذي يقوم بإعداد تقرير عن الفورة الحاصلة لإنتاج النظارات الذكية والمنتجات التي لها علاقة بها.
* تصاميم ذكية
* قامت شركة «ريكون إنسترومنتس»، على سبيل المثال، بتصميم نظارات ذكية خاصة بالنشاطات والرياضات العنيفة، مثل اللعبة الثلاثية التي قد لا تناسب النظارات العادية. والنظارة الجديدة التي ستدعى «جيت» (Jet) ستعرض معدل ضربات القلب، والبيانات الجسدية الأخرى، فضلا عن الاتجاهات خطوة خطوة، بالنسبة إلى راكبي الدراجات الهوائية الذين قد يتيهون عن وجهتهم.
وسيكون لنظارة «سبايس غلاسيس» (SpaceGlasses) المزدوجة من شركة «ميتا» أداتان للعرض، واحدة لكل عين (بينما تصمم نظارة «غلاس» من «غوغل» بأداة عرض واحدة). وبإمكان هاتين الأداتين إنتاج صور ثلاثية الأبعاد للأجسام الافتراضية، مثل لوحات المفاتيح التي تظهر معلقة في الهواء أمام الناظر. وبعد ذلك عن طريق مساعدة مزية تعقب حركة اليد، يمكن لمرتدي النظارة الطباعة على لوحة المفاتيح الافتراضية، أو ممارسة لعبة الشطرنج الافتراضية. وسيكون للكثير من النظارات الجديدة مميزات مشابهة لنظارة «غوغل غلاس»، بما فيها التبليغ أو الإخطار بقدوم الرسائل النصية، والتصوير من دون استخدام اليدين.
لكن النقاد متخوفون من أن تصبح النظارات الكومبيوترية عاملا تقنيا آخر لشرود الذهن، وعدم التركيز، عندما يختار الأشخاص العالم الافتراضي بدلا من العالم الحقيقي الذي تدور أحداثه أمامهم. كما أنها قد تثير بعض المشاكل في بعض الحالات والأوضاع الاجتماعية. «فهي ليست الشيء الأفضل الذي ينبغي ارتداؤه عندما تكون في حفلة، أو سهرة ما»، كما يقول كليف ثومبسون مؤلف كتاب «أذكى مما تعتقد، كيف تقوم التقنية بتغيير عقولنا نحو الأفضل».
ويعتقد ثومبسون أن الجيل المقبل من النظارات الذكية، سيقدم فوائد غير عادية أيضا. فالتطبيقات التي ستكتب ستجعلها لا تعرض النصوص والرسائل والبريد الإلكتروني والأخبار فحسب، بل أيضا مجموعة من البيانات المفيدة، إلى جانب ما يراه الأشخاص فعلا في العالم الحقيقي. والميكانيكيون الذين يلقون نظرة على محرك السيارة لإصلاح جزء منها مثلا، قد يشاهدون صفحة افتراضية من كتيب التعليمات والإرشادات، وما القطعة التي ينبغي إصلاحها.
وثومبسون هذا الذي يهوى تصليح أجهزة اللابتوب القديمة، ينظر قدما إلى هذا النوع من المساعدة: «إذ قد يكون من الرائع أن نرى مثل هذه المعلومات في اللحظة التي نحتاج إليها لمساعدتنا على حل المشاكل الطبيعية المعقدة»، كما يقول.
نظارات كومبيوترية ويقول ووكر إنه حتى الآن جرى بيع السواد الأعظم من هذه النظارات إلى المطورين الذين شرعوا يكتبون تطبيقات لها. وأشار إلى أن نحو 60 ألف زوج منها قد يباع منها حتى نهاية العام الحالي، بما في ذلك 10 آلاف من «غوغل غلاس» التي ستجني عائدات تقدر بنحو 35 مليون دولار. وكان الأوائل الذين بادروا إلى شراء نظارة «غوغل غلاس»، من الذين تنافسوا في مباراة للفوز بحق شرائها، ودفعوا 1500 دولار للواحدة منها، لكن مثل هذا السعر سينخفض عندما تقوم «غوغل» بتقديمها رسميا في العام المقبل، كما يتوقع ووكر، فسعر 1500 دولار ليس السعر المناسب لجهاز استهلاكي ينتج تجاريا، وعليه أن ينخفض إلى سعر يقارب سعر الجهاز اللوحي، أو الهاتف الذكي.
ومن المحتمل أن تتطور سوق التطبيقات التي لها علاقة بالرياضة والعناية الصحية، وفقا لووكر، ما إن تصبح النظارات الكومبيوترية جزءا من قيام الناس برصد تمارينهم الرياضية الروتينية والمشاركة بما يرونه مع الآخرين. إذ تأتي نظارة «جيت» من «ريكون» على سبيل المثال مع كومبيوتر صغير جدا بسرعة غيغاهيرتز واحد، وكاميرا عالية التحديد، و«جي بي إس»، و«واي - فاي»، ومستشعرات لعرض البيانات الخاصة بالتمارين الرياضية، وستتوافر النظارة هذه في فبراير (شباط) المقبل بسعر 599 دولارا.
ولعل نظارات شركة «ميتا» هي الأقوى بين النظارات الجديدة كافة، وهي حاليا كبيرة الحجم وموصولة بالكابل إلى كومبيوتر للقيام بأعمالها. ومع ذلك، باعت الشركة منها بقيمة 800 ألف دولار لأكثر من 1200 من المطورين، استنادا إلى مؤسس «ميتا» ميرون غريبتز. ومن المقرر شحن نسخة رشيقة منها في أبريل (نيسان) المقبل بسعر 667 دولارا.
أما نظارات «إم100» من «فيوزيكس» (Vuzix)، المتوقع طرحها في الشهر المقبل بسعر 999 دولارا، فهي تتواصل عبر «بلوتوث»، أو «واي - فاي» مع الهواتف الذكية التي يمكنها أن تظل قابعة في جيب مستخدمها أو حقيبته.
وإذا ما أصبحت النظارات الذكية رائجة وشعبية، فنحن لن نختلس النظر على هواتفنا الذكية فحسب، بل على المشاهد الجانبية أيضا، وبالتالي من المحتمل أن نتعلم أعرافا اجتماعية جديدة، وفقا لثومبسون الذي كتب مقالا بهذا الخصوص حول «غوغل غلاس» في مجلة «نيويورك تايمز»، عبر فيه عن حذره من عالم سكانه مأخوذون بالعروض المختلفة التي بات يقدمها الكومبيوتر، وطالب في المقال بتطوير أعراف وبروتوكولات اجتماعية جديدة لدى استخدام مثل هكذا أجهزة.