بالتفصيل.. ما هي كيفية الإحرام من جدة؟
تقع جدَّة داخل المواقيت، لذلك يجب على الشخص الذي لا يعدّ من أهلها أن يُحرِم قبل الوصول إليها، فيُحرِم من الجوّ أو يُحرِم من البحر قبل أن يصل إليها، فإذا كان أقرب إلى الجحفة وهي ميقات أهل الشام يُحرِم بمحاذاتها، وإذا كان قادمًا من الجنوب وأقرب إلى يلملم فيُحرِم بمحاذاتها.
كيفية الإحرام من جدة
يجوز الإحرام من جدة لأهل جدّة ولمن كان له بيتًا فيها؛ لأنَّه يعتبر من أهلها، أمّا من جاءها زائرًا وأراد أداء العمرة فينقسم إلى حالتين: إمّا أن يكون قد نوى العمرة منذ ابتداء سفره، وفي هذه الحالة يجب أن يُحرِم من محاذاة الميقات قبل الوصول إلى جدة، ثمَّ إذا شاء يستطيع أن يمكث فترة في جدة مُحرِمًا ثم يأتي بالعمرة، ولا يُشترط تعجيل أداء العمرة. أما الحالة الثانية فهي أن يكون الشخص قد جاء لزيارة جدة، ثمَّ طرأت له نية العمرة وهو في جدة، ففي هذه الحالة يُحرِم من جدة، ولا يُشترط تعجيل أداء العمرة أيضًا.
وإذا كان الشخص قد نوى العمرة من بلده في الحالة الأولى ولكنَّه مرَّ بالميقات ولم يُحرِم منه فيجب عليه فدية دم، وهي ذبح شاة تجزئ للأضحية تُذبح في مكة المكرمة، وتُقسَّم على فقرائها، ولا يجوز له أن يأكل منها شيئًا، وإذا رجع إلى بلده ولم يذبح يُرسل مالًا لشخصٍ في مكة يُوكِّله بالذبح عنه، قال النبي -صلى الله عليه وسلم- عندما وقّت المواقيت: (هُنَّ لهنَّ، ولِمَن أتَى عليهنَّ مِن غيرِهِنَّ مِمَّنْ أرَادَ الحَجَّ والعُمْرَةَ).
ويدلّ الحديث على أنَّ الموجودين داخل المواقيت يُحرمون من أماكنهم؛ فمثلًا أهل جدة يُحرمون من جدة، وكذلك أهل رابغ، وأهل ذي الحليفة، والشرايع، وأم السلم، والبحرة، ومَن فوق الجحفة؛ فهؤلاء جميعهم يُعتبر ميقاتهم بلدهم.[٥] المواقيت الخمسة للإحرام مواقيت الإحرام خمسة، نبينها فيما يأتي:
ذو الحليفة؛ وهو ميقات أهل المدينة المنورة. الجحفة؛ وهو ميقات من يأتي من جهة الساحل، وميقات أهل مصر وأهل الشام، وهم الآن يُحرِمون من رابغ؛ وهي منطقة قبل الجحفة بقليل من باب الاحتياط. يلملم؛ وهو ميقات أهل اليمن. قرن المنازل أو السيل؛ وهو ميقات أهل الشرق، وأهل نجد. ذات عرق أو الضريبة؛ وهو ميقات أهل العراق. أمّا حدود حرم مكة تفصيلًا فهي كالآتي:
حدود الحرم شمالًا: وتبعد سبعة كيلو متراتٍ، وتُسمّى التنعيم. حدود الحرم جنوبًا: وتبعد اثني عشر كيلو مترًا، وتُسمّى أضاة لين طريق اليمن. حدود الحرم شرقًا: وتبعد خمسة عشر كيلو مترًا، وتُسمّى ضفة وادي عرنة الغربية، ومنها طريق الطائف، ومن جهة الجعرانة يوجد منطقة تُسمّى شرائع المجاهدين، وتبعد ستة عشر كيلو مترًا تقريبًا. حدود الحرم غربًا: وتبعد اثنين وعشرين كيلو مترًا، وتُسمّى الشميسي، وهي منطقة الحديبية، وهو على طريق جدة. تعريف الإحرام الإحرام في الشرع هو نية الدخول في النسك، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إنَّما الأعْمالُ بالنِّيّاتِ)، وقد سُمّي الإحرام بهذا الاسم؛ لأنَّه بدخول الشخص في الإحرام يَحْرُم عليه العديد من الأمور التي كانت حلالًا عليه قبل ذلك، مثل: الزواج، والصيد، والطِّيب، وسائر محظورات الإحرام، تمامًا كتكبيرة الإحرام في الصلاة، والتي تُحرّم ما كان حلالًا قبلها من الكلام والضحك والأكل والشرب.
أمّا بالنسبة للتلبية -وهي قول الحاج أو المعتمر: لبيك اللهم حجًا أو عمرةً-، فالمشهور أنّها مستحبة، بمعنى أنَّه لو نوى شخصٌ الإحرام ولم يُلبِّ يكون إحرامه صحيحًا، لأنَّ الإحرام هو النيَّة، وليس التلبيَة.
كيفية الإحرام
أول مناسك الحج هو الإحرام، وذهب ابن تيمية إلى أنَّه لا تكفي النية والقصد في الإحرام، وإنما لا بد من القول أو العمل الذي يُصبح به الشخص مُحرمًا، ويستحب للعبج التهيّؤ لهذه العبادة العظيمة قبل الإحرام بفعل بعض الأمور وهي: يُسَن للمُحرِم أن يذكر نسكه؛ فيقول القارن في الحج: "لبيك عمرةً وحجًا"، ويقول المفرد: "لبيك حجًا"، ويقول المعتمر والمتمتّع: "لبيك عمرةً"، ويقول الحاج: "اللهم هذه حجة لا رياء فيها ولا سمعة". يُسَن للمُحرِم أن يُحرم بعد صلاة الفريضة إن تيسّر له ذلك، ولكن ليس للإحرام صلاةٌ تخصّه، وإن أحرم بعد صلاة ركعتين سنّة؛ كتحية المسجد، أو سنة الوضوء، أو صلاة الضحى، فلا حرج عليه، ويُسَن إحرامه عقب الصلاة في المسجد أو عندما تتوقّف الراحلة التي تُقلّه، ويكون مستقبلًا القبلة. يُسَن للمُحرِم أن يشترط التحلّل من النسك عند العذر، إذا خشي أن لا يستطيع إتمام نسكه إما لمرضٍ أو خوفٍ، فيستطيع أن يقول عند الإهلال بالنسك: "إنْ حَبَسنِيْ حَابِسٌ فَمَحلِّي حَيْثُ حَبَسْتَنِي"، وهذا الاشتراط يفيده في عدم ترتّب ذبح هديٍ عليه في حال لم يستطع إكمال نسكه لعارضٍ أو مرضٍ، أمّا إذا لم يكن قد اشترط منذ البداية التحلّل من النّسك بسبب العذر، فإنَّه يترتّب عليه أن يذبح دم كفديةٍ حتى يتحلّل إذا لم يستطع إكمال النُّسك، ودليل ذلك ما يأتي: قال -تعالى-: (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّـهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّىٰ يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ). قول عائشة -رضي الله عنها- في الحديث الشريف: (دَخَلَ رَسولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- علَى ضُبَاعَةَ بنْتِ الزُّبَيْرِ، فَقالَ لَهَا: لَعَلَّكِ أرَدْتِ الحَجَّ؟ قالَتْ: واللَّهِ لا أجِدُنِي إلَّا وجِعَةً، فَقالَ لَهَا: حُجِّي واشْتَرِطِي، وقُولِي: اللَّهُمَّ مَحِلِّي حَيْثُ حَبَسْتَنِي).