محمد حيزة يكتب: "سددان النِفس"
نظر إلي مبتسما أثناء محاولة اختياري لبعض الحلوى، قبل إنهاء يوم شاق، قاب سلمتين أو أدنى من منزلي، وقال لي جاري صاحب السوبر ماركت أسفل العقار الذي أسكن فيه، قبل أن تمتد يدي لقالب الحلوى اليومي المعتاد لصغيري،: “غليت أوي”، فنظرت إليه باستخفاف غليت كام يعني؟، فأصاب استخفافي بإجابته المقتضبة الكافية الشافية في مقتل قائلا: “ضعفين ونصف”، وساد الصمت ـ فيما لم يرحمه عقلي الباطن من عبارات التمتمة بأبشع الأوصاف ـ.
ارتفاع جنوني
هالني الرقم، وأزعجني صراحة حديث جاري البائع، فقالب الحلوى الذي اعتدت شرائه لصغيري، والذي ينتظره يوميا قبيل عودتي للمنزل، ارتفع سعره ليصل 25 جنيها، تأملت لحظة ماذا كان يمكنني أن أشتري بـ25 جنيها، وكيف كانت هذه الجنيهات تقضي حوائج كثيرة، والحين أصبحت عاجزة عن شراء قالب حلوى لصغير لم يكمل الرابعة بعد.
بدأت أسأل عن البدائل، وبدأت البدائل تزداد والأسعار تنخفض نسبيا، ولكن ماذا بعد، يمكننا الاستغناء عن قالب الحلوى اليومي، أو تغييره ببديل آخر ـ كله عك ـ، ولكن الأساسيات اليومية ما العمل.
طبقية اللانش بوكس
تذكرت حينها منشور كنت قد قرأته على لسان مدرس بإحدى المدارس الحكومية، يناشد أولياء الأمور المقتدرين ـ لا مؤاخذة هم فين دول ـ بعدم إرسال وجبات باهظة الثمن، أو مأكولات من أمثلة البانيه والبوفتيك في “اللانش بوكس” لإن هناك أطفال كثيرون يرسلهم أهلوهم إلى المدارس خاليي الوفاض أو يحملون ما لا يتعدى أرغفة التموين ـ ملاذ المصريين ـ مع الجبن الأبيض وحسب.
إن فكرة البدائل أصبحت هي الأهم الآن أمام المواطنين، وسط حالة ارتفاع الأسعار الإجبارية العالمية، والتي لا تشهدها مصر فقط، إنما يعاني منها العالم أجمع، لم يعد أمامنا بد من تخفيف استهلاكنا للكماليات والزيادات، لا داعي “للفشخرة الكذابة”، إن تحديد الأولويات من أهم سمات الشخصية القوية ـ من وجهة نظري الصحيحة جدا جدا ـ، لإن الكماليات أجمل وأشهى والأساسيات ثقيلة.
لا ناقة له ولا جمل
لست هنا في معرض للحديث عن البدائل وسردها، واستبدال الأرز البسمتي طويل الحبة ـ أبو 75 جنيه الكيلوـ للأرز المصري الذي فاجأنا في ارتفاع سعره هو الآخر على سبيل المثال، إنما أنا هنا للحديث بشكل عام، (وهو ألا تفسح مجالا لصاحب السوبر ماركت أن “يسد نفسك” بأخبار ارتفاع الأسعار يوميا).