برلين في ورطة وطهران وراء العملية.. قضية “ أبو عجيلة" تضع ليبيا على صفيح ساخن
بعد أكثر من أربعة وثلاثين عام تعود قضية أبو عجيلة مسعود المواطن الليبي الذي تورط في قضية لوكربي؛ لتثير الجدل من جديد، وتتصدر العناوين وسط غضب حاشد من الشعب الليبي بشأن تسليمه إلى الولايات المتحدة بعد إغلاق الملف باتفاق رسمي عقد بين أمريكا وليبيا.
ورفض المواطنين الليبيين عملية التسليم التي تم دفع ثمنها سابقًا، داعيين إلى الخروج للمظاهرات لوقف التأمر الأجنبي الذي يعد انتهاكا لسيادة الدولة.
دعوات للتظاهر
وفي السياق ذاته، دعت عائلة ضابط المخابرات الليبي السابق أبو عجيلة مسعود الذي تم احتجازه في الولايات المتحدة الأمريكية بتهمة المساعدة في تفجير طائرة لوكربي، الليبيين للخروج في مظاهرات اليوم، الجمعة، وذلك اعتراضًا على تسليم حكومة الوحدة أبو عجيلة لأمريكا، وفقًا لسكاي نيوز عربية.
واعترضت عائلة أبو عجيلة في بيان صوتي ألقاه أحد المنتمين لهم على وصف عبد الحميد الدبيبة أبو عجيلة بالإرهابي، وطالبت من الليبيون النزول في الميادين احتجاجًا على تسليم مواطن ليبي إلى أمريكا دون سند قانوني يعطي لهم الحق في ذلك.
وجاء ذلك في الوقت الذي خرج فيه الليبيين للمظاهرات في عدة مدن في ليبيا ليلة الجمعة، يطالبون بإسقاط حكومة عبد الحميد الدبيبة المنتهية ولايته، لا سيما بعد تسليمها أبو عجيلة مسعود إلى أمريكا، بحجة أنه ساهم في تفجير طائرة لوكربي.
وطالب المتظاهرون النائب العام بسرعة التحرك للوقوف على ملابسات تسليم أبو عجيلة، الذي يبلغ من العمر 80 عاما، وطالبوا بسرعة إنهاء عمل حكومة الدبيبة، معتبرين ما حدث اختراقا لسيادة الدولة وتواطؤا مع الأجانب ضد مواطن ليبي.
بيانات غاضبة
وأصدر المجلس الأعلى لقبائل غرب ليبيا بيانات غاضبة أدان فيها اختطاف أبو عجيلة، محملين الحكومة المسؤولية القانونية والإدارية والإنسانية، مُلقيين اللوم على المجلس الرئاسي مسؤولية ما حدث، لافتين أن الشعب الليبي عامة وأبو عجيلة خاصة يتعرضان لطغيان دولي منتهك الأحقية.
وطالبت هذه القبائل بإطلاق سراح أبو عجيلة بأقصى سرعة، وإذا لم يتم ذلك سوف يكون الرد بالطرق التي تكون من وجهة نظرهم مشروعة
اتحاد قبائل فزان
ومن ناحية أخرى، أصدر اتحاد قبائل فزان بيانًا، جاء في محتواها، إمهال حكومة الدبيبة 72 ساعة للإفراج عن كافة السجناء السياسيين؛ خشية عليهم من إلقاء نفس المصير الذي لقاه أبو عجيلة، وفي حال عدم الإفراج عنهم سيلجأون إلى القوة، ورفضوا تسليم أبو عجيلة واصفين إياها بأنها خيانة وتأمر وانتهاك للسيادة الدولية.
الدفاع عن أبو عجيلة
وفي سياق متصل، أعلنت وزارة الخارجية في الحكومة الجديدة المكلفة من البرلمان، ويقودها فتحي باشآغا، عزمها تكليف مكتب محاماة دولي للدفاع عن أبو عجيلة.
وأشارت إلى أن المكتب سيعمل على استبيان الطريقة التي تمت بها عملية التسليم، ومدى توافقها على الصعيدين المحلي والدولي.
ومن جانبها، شدد النائب العام الصديق صور، الاربعاء، على فتح تحقيق في واقعة التسليم التي تمت دون إجراءات قانونية، ووقف أبو عجيلة أمام محكمة واشنطن يوم، الثلاثاء المنصرم، ورفض أن ينطق بكلمة حتى يجتمع مع محاميه، لتعطيه المحكمة أسبوعا لتوفير المحامي.
اتهام بصفقة مشبوهة
وعلى صعيد آخر، قال عضو مجلس النواب، علي التكبالي، أن البرلمان سوف يوفر محامين في أمريكا للدفاع عن أبو عجيلة، وأشار إلى أن واقعة التسليم التي تمت إلى بلد أجنبي ستكون القشة التي ستقسم ظهر الحكومة المنتهية ولايتها، وسيسقطها لا محال.
واتهم التكبالي أن إعادة قضية لوكربي، رغم انغلاق هذا الملف باتفاق رسمي مع أمريكا منذ عام 2008، ودفع التعويضات، " خيانة عظمى".
ووجه أصابع الاتهام إلى الدبيبة بأنه تأمر مع واشنطن وأبرم معهم صفقة بتسليم أبو عجيلة مقابل دعم بقائه على كرسي السلطة، التي يرفض تسليمها للحكومة الجديدة.
وداهمت عناصر من "القوة المشتركة" ربيبة حكومة الدبيبة منزل أبو عجيلة في طرابلس في 17 نوفمبر الفائت، ثم فوجئ أقاربه بأنه في الولايات المتحدة الأمريكية، وفقًا لسكاي نيوز عربية.
ألمانيا في ورطة
وفي السياق نفسه، فجر أدوين بولييه، مالك مؤسسة "ميبو" السويسرية المنسوب إليها شريحة تفجير طائرة لوكربي، مفاجآت من العيار الثقيل بشأن أدلة التفجير، خاصة بعد طلبة للشهادة لصالح ليبيا في التحقيقات التي بدأت مع أبو عجيلة، الذي تتهمه واشنطن في قضية لوكربي.
وذكر بولييه أن آخر محاكمة تمت بشأن طائرة لوكربي، وإن ما تم ذكره عن الشريحة المستخدمة في تفجير القنبلة، يمكن إثبات أنه غير صحيح بالمرة، وبالتالي فأن تبرئة ليبيا وأبو عجيلة من تهمة إسقاط الطائرة واجب.
وأضاف:" أن عبد الباسط المقرحي المتهم الأساسي في الواقعة، لا علاقة له بمأساة لوكربي، وتم كشف كذب الدليل المستخدم ضده بأنه اشترى الملابس من مالطا.
وأشار إلى أن الشريحة المستخدمة في التفكير ظهرت لأول مرة في فرانكفورت الألمانية، لهذا تم تبرئة مدير محطة الأمين خليفة افخيمة أحد المتهمين، ويمكن إثبات أنه تم التلاعب بتلك الشريحة.
وتابع:" أن الشركة زودت المانيا الشرقية بنفس الاجهزة المزعوم استخدامها في التفجير قبل فترة قصيرة من الحادث؛ وهذا يعطي دلالة واضحة ىأن ألمانيا ألصقت تهمة الأجهزة لليبيين.
كذبة جديدة
وأوضح أن هناك كذبة أخرى حاسمة؛ فلم تكن هناك حقيبة "سامسونايت" على متن الرحلة المغادرة من مالطا إلى فرانكفورت، مضيفًا أن هذه الحقيبة لم نرها إلا في فرانكفورت، وبالتحقيق في وثائق تحميل الأمتعة تم التوصل إلى هذا الاستنتاج.
رغم ذلك تم الادعاء بأن حقيبة "سامسونايت" بها علبة متفجرة خرجت من مطار مالطا وأسقطت الطائرة فوق لوكربي، وأن عدم تسليم الأمتعة بشكل غير مباشر أثار الشكوك بنية التلفيق.
تاريخ لوكربي
يعود تاريخ هذه القضية إلى عام 1988، حيث جري تفجير طائرة تابعة لشركة بان امريكان في رحلة رقم 103 بين لندن ونيويورك، في سماء لوكربي.
وأقرت حينها السلطات في عهد الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي، بمسؤوليتها عن التفجير الذي حدث، يعد اتفاق مع الولايات المتحدة الأمريكية في عام2003 بتقديم تعويضات، تبلغ قيمتها بـ 2.7 مليار دولار لأسر الضحايا.
وحوكم خلالها متهم واحد وهو ضابط المخابرات الليبي السابق، عبد الباسط المقرحي، ووفق لائحة الاتهام الأمريكية، قام مسعود بتجميع وبرمجة القنبلة التي أسقطت الطائرة.
وطلبت أسرة المقرحي بعد وفاته، المملكة المتحدة رفع السرية عن وثائق قيل إنها تزعم أن طهران تقف وراء العملية، وردًا على إسقاط طائرة إيرانية بصاروخ للبحرية الأمريكية 1988 مما نتج عنها مصرع 290 شخصًا.
وبعد فترة من الحادثة، عقدت طرابلس مع واشنطن اتفاقا بغلق ملف هذه القضية نهائيا في عام 2008، ووقف ملاحقة المتهمين بها بعد دفع التعويضات.