محمد كامل يكتب: «فلاش باك»
«فين أيام زمان؟».. جملة أصبحنا نرددها كلما خطرت في بالنا ذكرى جيدة أو رائحة مألوفة أو طعم معين، ما يجعلك تشعر برغبة في استرجاع الذكريات العالقة في الأذهان، وإجراء «فلاش باك».
في ذلك المكان البعيد وخلف الأبواب العتيقة التي أغلقتها الأيام، تقطن أجمل الذكريات، سواء كانت مع أشخاص نكن لهم في قلوبنا كل ما هو جميل، أو تجارب حياتية ومواقف شخصية بحلوها ومُرها، حيث السماء الصافية والأحلام الوردية.
عقب سرد وعرض تلك اللحظات والصور التي نثرها الزمن ولكنها محفورة في وجدانك، تجد نفسك تارة تبتسم وأحيانا تبكي، لتبدأ في تحرير الأفكار، لعلك تبقى هناك ولو للحظات، لتبتعد عن الواقع، وتفتح أبواب الماضي.
نتسائل الآن.. أين ذلك الزمان الذي كان نقيا؟، زمن لا يحمل الأعباء ولا تسكن فيه الهموم، لا يشغلنا سوى اللعب واللهو، كانت الأمنيات جميلة، نرسم ربيعا رائعا وسط أرض خضراء وورود، دون التفكير في مستقبل يملؤه الكذب ويتغلغل في ثناياه النفاق.
من حين إلى آخر يأخذني الحنين إلى تذكر «الأيام الحلوة»، زمن الحب والمودة وصلة الأرحام وطيب الجوار والعشرة الطيبة والحياة البسيطة التي لم يكن بها أدني تكلف أو هم، زمن «عالم سمسم وبكار والشعراوي وعالم الحيوان والكاميرا الخفية ولبس العيد ولعب الكرة في الشارع والإذاعة المدرسية وحصص الرسم وخروجات كل خميس.. الخ».
مرت السنوات منذ دخول المدرسة بكل مراحلها، ومظاهر الفرحة في هذه الأوقات المتمثلة في الصحيان بدري يوم الجمعة، شراء الفول والطعمية الساخنة، العيش والجرجير، تناول الشاي بالحليب الذي اختلف مذاقه عن هذه الأيام، لا أعلم إن كان طعم الشاي هو الذي تغير، أم تغير أسلوب تذوقنا له.
تلك الذكريات بحلوها ومرّها للجميع هي ذات طعم واحد في مختلف الأجيال، فلا للزمان ولا للمكان تأثير بها، ولكن كلما تقدم الإنسان بالعمر يكون لأيام الطفولة قيمة أكبر وشغف في استعادتها بل والبحث عن نفس أولئك الأشخاص الذين شاركوه تلك الأيام حتى يصبحوا كفرقة موسيقية محترفة.
الزمان لن يعود إلى الوراء، والقادم أصعب، لذا يجب عليك أن تتعرف على أولوياتك في الحياة، وبناءً عليها تقرر من أين تبدأ.. الحياة كالقطار، ومع اقتراب كل محطة يرحل البعض، ولكن من يستمر مع من لآخر الخط؟، هذا هو السؤال.