مدير مشروع مسام لـ "الفجر": ننزع الألغام في 11محافظة يمنية.. وتعز الأكثر معاناة من ألغام الحوثي (حوار)
◄ محافظة تعز من أكثر المحافظات زراعة للألغام
◄ الفرق الهندسية تمكنت من تطهير 41،709،403 مترًا مربعًا من الأراضي باليمن كانت مفخخة بالألغام
◄ ميليشيا الحوثي زرعت وبطريقة عشوائية في عدد من المناطق اليمنية تجاوزت المليون لغم
◄مُستقبل اليمن في ظل وجود الألغام مظلم وكارثي
◄اليمن اليوم يُعد من أكثر دول العالم زراعة للألغام منذ الحرب العالمية الثانية
◄نعمل في مسام بناء على معلومات يتم الحصول عليها من خلال فرق مسح ميدانية
◄مليشيا الحوثي قامت بزراعة الألغام والعبوات الناسفة بعشوائية وبأعداد مهولة وتقنيات حديثة وإجرامية
منذ بداية العمل في مشروع "مسام" في 2018، تشهد الأراضي اليمنية تطورات وعقبات جديدة في طريقة زرع المليشيات الحوثية للألغام، إلا أن مشروع “مسام” لا يدخر جهدًا في مواكبة هذه التغيرات والتغلب على كل العقبات.
وأكد مدير عام مشروع “مسام” أسامة يوسف القصيبي في حوار لـ "الفجر"، بأنه لا يقتصر عمل مشروع “مسام” على نزع الألغام والعبوات الناسفة بشتى أنواعها فقط، بل يعمل على إتلافها لضمان عدم استخدامها مجددًا، ويسعى بشكل متواصل على تحديث قدراته وتطوير أساليبه في مجال نزع الألغام، رغم إصرار الميليشيا الحوثية على تطوير أساليبها لإستهداف أكبر قدرٍ ممكن من المدنيين.
◄وإليكم نص الحوار:-
◄ما هي إنجازات مشروع "مسام" لتطهير الأراضي اليمنية من الألغام؟
“مسام” مشروع إنساني مهمته تخليص اليمن من الألغام والعبوات الناسفة والذخائر غير المنفجرة المزروعة في مختلف المناطق اليمنية والأراضي الزراعية والقرى والمرافق الأخرى، والتي أودت بحياة الكثير من المدنيين العزل، والأطفال، والنساء، والشيوخ.
إنطلق مشروع “مسام” في منتصف يونيو من العام 2018 تحت مظلة مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، لنزع الألغام في اليمن بخبرات سعودية وخبراء عالميين وكوادر يمنية دربت على إزالة الألغام بمختلف أشكالها وصورها التي زرعتها الميليشيات الحوثية بشكل عشوائي في الأراضي اليمنية، ويهدف إلى تطهير الأراضي اليمنية من خطر الألغام، من خلال التـركيز على التصدي للتهديدات المباشرة لحياة الأبرياء جراء التعرض للأخطار الناجمة عن انتشار تلك الألغام، إضافة إلى ما يقدمه من أعمال تستهدف بناء القدرات اليمنية في مجال نزع الألغام.
وباشر “مسام” مهام عمله الإنساني في اليمن بتدريب وتأهيل 32 فريقًا هندسيًا عبر خبراء دوليين وسعوديين، وغرفة عمليات مشتركة مع البرنامج الوطني اليمني (يمك)، كما تم تزويد الفرق الهندسية بأحدث التقنيات في مجال كشف الألغام، بالإضافة إلى تزويدهم بالآليات، والمعدات، واللوجيستي.
ولا يقتصر عمل مشروع “مسام” على نزع الألغام والعبوات الناسفة بشتى أنواعها فقط، بل يعمل على إتلافها لضمان عدم استخدامها مجددًا، ويسعى بشكل متواصل على تحديث قدراته وتطوير أساليبه في مجال نزع الألغام، رغم إصرار الميليشيا الحوثية على تطوير أساليبها لإستهداف أكبر قدرٍ ممكن من المدنيين.
ويتكون مشروع “مسام” من العديد من الفرق المتمرسة لنزع وتدمير الألغام والعبوات الناسفة من الأراضي اليمنية، ويعمل في المشروع أكثر من 550 موظف، وجميع الفرق دربت لإزالة الألغام التي زرعتها الميليشيات الإنقلابية بطرق عشوائية في الأراضي اليمنية، منهم 24 خبير أجنبي و6 خبراء سعوديين وعدد من الكوادر المحلية المدربة من اليمنيين.
ومنذ بداية العمل في مشروع "مسام" في 2018، تشهد الأراضي اليمنية تطورات وعقبات جديدة في طريقة زرع المليشيات الحوثية للألغام، إلا أن مشروع “مسام” لا يدخر جهدًا في مواكبة هذه التغيرات والتغلب على كل العقبات.
وكل ذلك يهدف إلى تطهير المناطق في الداخل اليمني من الألغام الأرضية، والإستجابة السريعة للحالات الطارئة بعد تحديد أماكن الألغام في المناطق المحررة من خلال وضع وتجهيز الخطط التي تساعد الفرق المدربة في عمليات التطهير للأراضي الملغومة، وللسيطرة على الكارثة الإنسانية، وحرصًا على عدم تحولها إلى فاجعة غير مسبوقة في العالم.
◄ كم عدد المحافظات التي يعمل فيها مشروع “مسام” لتطهير اليمن من الألغام؟
جميع الألغام والعبوات الناسفة والقذائف تم نزعها من قبل فرق مشروع “مسام” الهندسية منذ انطلاق المشروع كانت في 11 منطقة يمنية وهي: صنعاء، الجوف، شبوة، مأرب، الحديدة، تعز، عدن، البيضاء، صعدة، الضالع، لحج.
◄ما هي أكثر المحافظات التي تعاني من ألغام الحوثي؟
حسب إحصائيات نزع الألغام لمشروع “مسام” فإن محافظة تعز هي من أكثر المحافظات زراعة للألغام، حيث لوثت المليشيات الحوثية بالألغام والعبوات الناسفة 18 مديرية في محافظة تعز من أصل 23 مديرية.
ومنذ بدأ عمل مشروع “مسام” في اليمن تمكنت فرقه الهندسية العاملة في محافظة تعز من نزع 90 ألف لغم وعبوة ناسفة من مديريات ذباب، والمخاء والوزاعية، وموزع.
وتأتي محافظة الحديدة في المرتبة الثانية من حيث كثافة الألغام وعدد الإصابات أيضا، وبالرغم من الجهود التي قدمتها ولاتزال تقدمها فرق مسام الهندسية في محافظة الحديدة والتي استطاعت حتى الآن من نزع 20 ألف لغمًا وعبوة ناسفة إلا أن المناطق الملغومة لازالت تمثل النسبة الأكبر وهي المناطق التي لا تستطيع حاليا فرق مسام الوصول إليها.
كما يأتي في المركز الثالث محافظات الجوف وشبوة ومارب حيث إستهدفت المليشيا زراعة الألغام في كل المناطق الحيوية التي ترتبط مباشرة بحياة المدنيين ومصادر سُبل العيش في هذه المحافظات.
وتبذل فرق مسام في تلك المحافظات جهودًا مضاعفة، حيث تمكنت من تحقيق إنجازات كبيرة، بل إن هناك مناطق في محافظتي شبوة والجوف يتم حاليا العمل على تأمينها للمرة الثالثة على التوالي.
وكذلك تمكنت فرق مسام العاملة في مأرب وشبوة والجوف منذ منتصف العام 2018 وحتى اليوم من نزع وتفكيك أكثر من 150 ألف لغمًا وعبوة ناسفة وذخائر غير منفجرة.
◄كم يبلغ عدد الألغام التي انتزعت من أراضي اليمن منذ بداية المشروع؟
تمكنت الفرق الهندسية لمشروع “مسام” منذ بدأ المشروع في منتصف يونيو عام 2018 بنزع 376،200 لغمًا وذخيرة غير منفجرة وعبوة ناسفة حتى اليوم.
وقد بينت غرفة عمليات مشروع “مسام” أن فرق المشروع نزعت 227،790 ذخيرة غير متفجرة و7،638 عبوة ناسفة و134،853 لغمًا مضادًا للدبابات و5،919 لغمًا مضادًا للأفراد.
ووفقًا لغرفة عمليات مشروع “مسام” فإن الفرق الهندسية تمكنت من تطهير 41،709،403 مترًا مربعًا من الأراضي في اليمن كانت مفخخة بالألغام والذخائر غير المنفجرة.
◄كيف قامت الميليشيات الحوثية بزرع كل هذه الألغام باليمن؟
مليشيا الحوثي قامت بزراعة الألغام والعبوات الناسفة بعشوائية على نطاق واسع في الأراضي اليمنية وبأعداد مهولة وتقنيات حديثة وإجرامية، وغياب تام لخرائط الألغام التي لم تقوم بتسليم أي منها لعمليات الإزالة في الأراضي المحررة، وقيامها بهذا العمل اللاإنساني ليس لهدف عسكري، إنما هو بهدف إيقاع الأذى والقتل لأكبر عدد ممكن من الأشخاص المدنيين العزل والأبرياء من أطفال وشيوخ ونساء، وكذلك إفساد الأرض والممتلكات وقتل حتى الحيوانات.
وعلى هذا الأساس مشروع “مسام” لا يعمل وفق خرائط للمناطق الملغومة من أي طرف كان حتى هذه اللحظة، ونعمل في مسام بناء على معلومات يتم الحصول عليها من خلال فرق مسح ميدانية وهي فرق مختصة بعملية جمع المعلومات من المجتمع المحلي، وأيضًا من خلال البلاغات التي تفيد بوجود حوادث إنفجارات في بعض المناطق، وبعد عملية المسح لهذه المناطق يتم رفعها إلى فرق التطهير لنزول الفرق الميدانية ومن ثم البدء في عملية النزع والتأمين.
◄كم عدد الضحايا التي تسببت فيها ألغام الحوثي؟
تشير التقديرات إلى أن ميليشيا الحوثي زرعت وبطريقة عشوائية في عدد من المناطق اليمنية تجاوزت المليون لغم مختلفة الأشكال والأحجام وبغياب تام للخرائط وتسببت الألغام في حصد أرواح آلاف اليمنيين، وإصابة عشرات الآلاف بإصابات خطيرة وبتر للأعضاء، حيث كشف مكتب برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن في الرابع من أبريل الماضي عن أن 1800 مدني لقوا حتفهم أو أصيبوا من بينهم 689 امرأة وطفلا بسبب ألغام وذخائر لم تنفجر في عدد من محافظات اليمن خلال أربع سنوات.
مأساة الآلاف من ضحايا الألغام الحوثية في اليمن، تسرد تفاصيلها قصص حياة مؤلمة تتكرر في بلد يتطلع شعبة لأن يعيش بسلام، وعلى سبيل المثال، هناك مناطق وقرى في بعض المحافظات محاطة بالألغام فأصبح سكانها محاصرون بها، ولا يستطيعون الخروج من قراهم، فهذا بحد ذاته ليس هدف عسكري وإنما إجرام في حق الإنسانية.
وأوضح التقرير أن 75% من المصابين فقدوا أطرافهم أو إحداها، وأصبحوا معاقين أو مشوهين بفعل إنفجار الألغام الأرضية الفردية أو المضادة للمركبات والعبوات الناسفة.
ويشكّل الأطفال نسبة كبيرة من ضحايا الألغام، وأن ثلث هؤلاء الضحايا "أطفال كانوا يلعبون في الحقول"، وأنهم أصبحوا معوقين مدى الحياة في مواجهة مستقبل يشوبه الغموض.
وفي السياق ذاته، قال المرصد اليمني للألغام، إن "الأطفال يدفعون ثمنًا باهظًا للألغام التي زرعها الحوثيون والذخائر غير المنفجرة من مخلفات الحرب".
وما يزال ضحايا الألغام الأرضية الحوثية، ومعظمهم من الأطفال، يسجل وفق ما أكّده فريق الخبراء المعني باليمن في تقريره الذي قدّمه إلى مجلس الأمن في ديسمبر 2019.
◄ما هي أنواع الألغام التي تم العثور عليها خلال مكافحتها منذ بداية المشروع؟
تتعامل فرق مشروع “مسام” مع جميع أنواع الألغام الأرضية المتعارف عليها التقليدية والألغام المحلية التي تعمل الميليشيات على صناعتها في المعامل الخاصة بها، بأحجام وأشكال وأهداف مختلفة وتمثل 85٪ من إجمالي الألغام المنزوعة.
وتعتبر غالبية الألغام المحلية الصنع من أخطر الألغام كونها تستخدم كألغام فردية معدة للإنفجار تحت أدنى ضغط، وهي عدة أنواع منها:
الألغام الفردية والتي يتم زرعها على مداخل القرى والمناطق المأهولة بالسكان.
وأيضًا الألغام الأرضية المخصصة للعربات تم تحويلها من قبل الميليشيات الحوثية إلى ألغام فردية شديدة الخطورة.
كما تتعامل فرق في مشروع “مسام” الهندسية مع العبوات الناسفة التي تم تطويرها وتمويهها من قبل الميلشيات الحوثية على شكل أحجار وخرسانات حديدية وغيرها من الأشكال المألوفة والخادعة، بالإضافة إلى تمويه العبوات الناسفة على شكل صخور مفخخة أو جذوع نخل متفجرة ووضعها في مزارع المواطنين.
ولقد تعاملت فرق في مشروع “مسام” مع عبوات ناسفة في إطارات السيارات وتمكنت من نزع كميات هائلة من العبوات الناسفة الخطيرة شديدة الإنفجار، ومن ضمن الأشكال الخطيرة التي تستخدمها المليشيات الحوثية في الآونة الأخيرة الألغام القفازة أو ما يعرف بالألغام الإنشطارية وهي من الألغام المرتدة المضادة للأفراد.
وفي محافظة شبوة وجدنا ألغام نراها للمرة الأولى بحجم أكبر من أي ألغام وجدناها في اليمن من قبل، وكذلك فيما يتعلق بالعبوات الناسفة فالعدد المهول الذي زرع في الأراضي اليمنية رقم لا يصدقه عقل، وجميعها كانت مصنعة بطريقة احترافية والتي بعضها تحتوي على أجهزة التحكم عن بعد، وبمواد مستوردة وتكنلوجيا عالية في الصنع.
وفي هذا الشأن يستخدم مشروع »مسام« أحدث ما توصلت إليه التقنية والأجهزة المتطورة في نزع الألغام، متغلبًا بذلك على كل الألغام المبتكرة التي تستخدمها الميليشيات الحوثية وتستمر في تطويرها وتغيرها.
وهناك فرق خاصة في مشروع “مسام” لإزالة الألغام، وفرق التدخل السريع لإزالة العبوات الناسفة، وفرق خاصة لتدمير كل ما يتم نزعه من الألغام والعبوات غير المتفجرة حتى لا تتمكن أي جهة من إعادة زرعها.
◄ متى من المتوقع أن يتم إعلان اليمن رسميا منطقة خالية من الألغام؟
ما تزال ميليشيا الحوثي تنتج وتزرع الألغام بكثافة في كل المناطق اليمنية التي تصل إليها، متعمّدة الإضرار بالمدنيين سواء بتجويعهم من خلال تقييد حركتهم وتنقّلاتهم إلى مزارعهم ومقار أعمالهم، أو بقتلهم وتشويههم وتحويلهم إلى معاقين وعالة على أسرهم بعد أن كانوا معيلين لها.
ويكابد مشروع مسام لتطهير الأراضي اليمنية من الألغام "مسام"، في مكافحة الألغام، والمكون من خلال 32 فريقًا هندسيًا يتوزّعون في 8 محافظات يمنية تمتد من شبوة شرقًا إلى تعز والحديدة وحجّة غربًا.
ورغم أن مشروع مسام يستخدم تقنيات وأجهزة متطورة في نزع الألغام، ويضم في فريقه خبراء أجانب، إلا أن تطهير كل الأراضي الملوّثة بالألغام ما يزال يحتاج وقتًا وجهودًا مضاعفة في ظل إستمرار الحرب الحوثية ونشاطها في زراعة الألغام بطريقة عشوائية وغياب خرائط توثق مكان زراعة علب الموت، وهو ما يشكّل تهديدًا لليمنيين ويعطل عجلة الحياة في اليمن في عدة مناطق مازالت مسكونة بالموت الملغوم.
فمستقبل اليمن في ظل وجود الألغام مظلم وكارثي فاليمن اليوم يُعد من أكثر دول العالم زراعة للألغام منذ الحرب العالمية الثانية، ودون عمليات نزع الألغام لن يحدث استقرار ولن تكون هناك تنمية وستقيد حركة اليمنيين وتنقلاتهم وتضيق من معيشتهم وسيضل الدم اليمني ينزف بشكل يومي.