طريقة وواجبات الطواف

تقارير وحوارات

بوابة الفجر

يبدأ الطائف طوافه من الرُّكن الذي فيه الحجر الأسود، فيستقبل الحجر، ويستلمه*، ويقبّله إن استطاع دون أن يؤذي الناس بمزاحمتهم، ثمّ يجعل جانبه الأيسر إلى جهة البيت، ويبدأ طوافه، ثمّ يمشي ويطوف بالبيت مارًّا بالرُّكن اليمانيّ إلى أن ينتهي برُكن الحَجَر الأسود، وهو المكان الذي بدأ الطواف منه، وتكون بذلك قد تمّت له طَوْفةٌ واحدة، ثمّ يكرّر فِعله حتى تتمّ له سبعُ طوفات.

واجبات الطواف يجب أن تتوفّر في الطواف أمورٌ لا يتمُّ إلّا بها، وهي: النيّة: فيجب على الطائف أن ينوِ الطواف بقلبه، وأن يجزم في هذه النيّة، ويُعيّنَها بكونها عبادة لله -تعالى-، فمثلًا لو أنّ شخصًا هرب من شيءٍ وطاف بالبيت، فإنّ هذا لا يُعتبَر طوافًا؛ لعدم توفُّرالنيّة،أمّا في طواف النفل، أو النذر، فإنّ النيّة تجب عند الوصول إلى الحجر الأسود وابتداء الطواف.



أمّا في طواف الوداع، وطواف القدوم، وطواف الرُّكن في الحجّ، فلا يحتاج الطائف النيّة؛ لأنّها في هذه المواضع مُندرِجة تحت نيّة الحجّ، إلّا أنّها مع ذلك تكون سُنّة فيها. ستر العورة الواجب سترها في الصلاة: كما ورد في الحديث (لَا يَطُوفَ بالبَيْتِ عُرْيَانٌ) فإن بانت عورة الطائف سترها مباشرة، وبنى على طوافه وأكمل.
الطهارة من الحدث والنجس: وتجب الطهارة في بدن الطائف من الحَدَث، وطهارته من النجس أيضًا، وفي مكان طوافه، وثوبه الذي يطوف فيه؛ فلو أحدث الطائف، أو تنجّس ببدنه، أو ثوبه، أو مكان طوافه، تطهّر، ثمّ بنى على طوافه، ولكن إذا غلبت النجاسة في المكان، وشقّ على الناس أن يتجنّبوا ذلك عُفِي منها، بشرط ألّا يتعمّد الطائف المَشي عليها، وألّا تكون فيها رطوبة،

أمّا شرط الطهارة بعمومها عند الحنفيّة فليست بفَرض، وإنّما جعلوه واجبًا، سواء أكان من الجنابة، أو الحدث، أو النفاس، أو الحيض؛ لأنّ الله -تعالى- أمر بالطواف دون تقييدٍ بشرط الطهارة، وذلك بقوله: (وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ).الابتداء بالحجر الأسود: فيجب على الطائف أن يبدأ طوافه من الحجر الأسود، فإن بدأ بالطواف قبله، فإنّ ما بدأ به لا يصحّ، حتى ولو كان ساهيًا، وينتهي الطواف عنده كذلك.
وجعل البيت عن يساره: فيجب أن يجعل البيت جهة جنبه الأيسر، فإن جعل البيت عن يمينه، أو أيّ جهةٍ أخرى، لم يصحّ الطواف؛ لأنّه نافى ما جاء به الشرع.

الطواف سبعة أشواط: فيجب على الطائف أن يُتمّ سبعة أشواط بلا نقصان، فلو ترك شيئًا بسيطًا ولو مقدار خطوة واحدة لم يجزئ، فإن شكّ في عدد الطوفات التي طافها أثناء طوافه، بنى على العدد الأقلّ الذي ورد في ذهنه كما في الصلاة.أن يكون داخل المسجد وخارج البيت: فيجب أن يكون الطائف داخل حدود المسجد، فلا يصحّ طوافه خارج المسجد بالإجماع، وفي الوقت نفسه أن يكون خارج الكعبة؛ لقوله -تعالى-: (وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ) فيكون الإنسان طائفًا حول البيت أو به، وليس هناك جزء من جسده فيه؛ لأنّه سيكون في هذه الحالة طائف فيه لا به.

وقد اشترط فقهاء المالكيّة شروطًا زائدة، وهي: الموالاة: بأن لا يفصل بين أشواط الطواف فصلًا كبيرًا، سواء أكان لحاجة، أم لغير حاجة، فإن فصل فصلًا كبيرًا، أعاد الطائف الطواف من أوّله، إلّا أن يكون الفصل للصلاة المفروضة، فيكمل الطواف بناءً على ما طافه من الأشواط بعد انتهاء الصلاة، ويبتدئ بالحجر الأسود. المشي للقادر عليه: بأن يمشي الطائف إذا كان قادرًا عليه، فإن ركب الطائف على شيءٍ، أو حُمِلَ عليه وهو قادرٌ على المشي، فعليه أن يُعيد الطواف قبل خروجه من مكة، وإلّا فعليه دم*، أمّا إن أعاده فلا شيء عليه، فإن كان الشخص عاجزًا عن المشي في الطواف، جاز له أن يطوف راكبًا، أو محمولًا، ولا دم أو إعادة عليه.



سُنن الطواف



إنّ في الطواف سُننًا كثيرة، يُذكَر منها:المشي حافيًا: فيُسَنّ للطائف أن يمشي حافيًا إلّا إن كان الحرُّ شديدًا وما شابه، ويُكرَه للطائف أن يزحف، أو يمشي حبوًا وما شابههما، ويُسَنّ تقصير الخطوة؛ لزيادة الأجر بكثرتها. استلام الحَجَر: وذلك بأن يلمسه الطائف بيمينه، أو بكفّيه في كلِّ طوفة، وإذا عجز عن ذلك يُشير إليه إشارة، ولا يُسَنّ للمرأة أن تستلم الحجر إلّا في خُلوَةٍ تأمن فيها مجيء الرجال، ونظرهم إليها. تقبيل الحَجَر: فيُسَنّ للطائف أن يُقبّل الحَجر، ويُكرَه أن يرتفع صوته أثناء تقبيله، ولا يُسَنُّ للمرأة التقبيل إلّا في خلْوَةٍ. وضعُ الجبهة على الحَجَر: ويُسَنّ للطائف أن يضع جبهته على الحجر إلّا عند العجزعن ذلك؛ بسبب الزحام، أو غيره، فإن عجز أشار بيده. استلام الرُّكن اليمانيّ: ويستلم الطائف الرُّكن اليمانيّ بيده؛ لفعل النبيّ -عليه السلام-؛ فقد رُوِي عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنه- أنّه قال: (كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لا يَدَعُ أنْ يَستَلِمَ الرُّكنَ اليَمانِيَ والحجَرَ في كلِّ طَوْفةٍ، قال: وكان عبدُ اللهِ بنُ عُمَرَ يَفعَلُه).

الذِّكر: فيذكر الطائف ما أُثِرَ عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-، وصحابته من الأذكار، والدعاء، وغالب الأذكار الواردة في هذا الباب لم تصحّ جميعها، إلّا أنّها تندرج تحت أصل فضائل الأعمال، ومنها الدعاء، فيُستحَبُّ للطائف أن يُكثر من الأذكار أثناء طوافه، فيقول عند استلام الحجر الأسود، وعند ابتداء الطواف: (بسمِ اللهِ واللهُ أكبرُ، اللهمَّ إيمانًا بكَ، وتصديقًا بكتابِك، ووفاءً بعهدِك، واتباعًا لسُنّةِ نبيِّك محمدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم).

ويُكرّر هذا الدعاء عند المرور من عند الحجر الأسود في كلّ طوفة، ويقول في الأشواط الثلاثة عند رَمَلِه: (اللهمَّ اجعلْهُ حجًّا مبرورًا وذنبًا مغفورًا وسعيًا مشكورًا)، ويقول في الأشواط الأربعة الباقية: (اللهمَّ اغفرْ وارحمْ، واعفْ عما تعلمُ، وأنت الأعزُ الأكرمُ، ربَّنا آتنا في الدنيا حسنةً، وفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً، وَقِنَا عَذَابّ النَّار).