وسط قمة عربية صينية.. الرئيس الصيني في الرياض وواشنطن تراقب الوضع
اتجهت الأنظار في الفترة الماضية صوب زيارة الرئيس الصيني جين بينغ إلى السعودية، في الوقت الذي شهدت فيه العلاقات السعودية الأمريكية توترًا شديدًا إثر خفض المملكة إنتاج النفط، وتعتبر هذه الزيارة بمثابة ضربة لواشنطن التي تسعى لفرض شروطها على سوق الطاقة.
وجاءت هذه الزيارة عقب زيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن للمملكة السعودية، وتسعى المملكة السعودية والصين من خلال هذه الزيارة تعزيز العلاقات الثنائية لتكون أكثر صلابة وعمقًا.
زيارة الرئيس الصيني
وفي سياق هذه الجولة التي تعتبر هذه الزيارة هي الأولى لرئيس الصين منذ عام 2016 إلى أكبر دولة مصدرة للنفط، وصل الرئيس الصيني شي جين بينغ ليلة الخميس إلى السعودية، وتم عقد لقاءات مع العاهل السعودي ونجله ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، حسب فرانس24 الفرنسية.
وبدأ الرئيس الصيني زيارته للسعودية يوم الاربعاء، ويحاول من خلالها تعزيز نفوذ العملاق الآسيوي في منطقة الشرق الأوسط، ولقد جاءت هذه الزيارة بعد مرور خمسة أشهر على زيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، وطغت عليها مسألة حقوق الأنسان.
ورد الناطق باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض جون كيربي، على زيارة الرئيس الصيني أن السعودية لازالت حليف مهما للولايات المتحدة الأمريكية، لكنه شدد لهجته بشأن الصين.
وأضاف:" لا نطلب من الدول الاختيار بين الولايات المتحدة والصين، لكن كما قال الرئيس مرات عدة، نعتقد أن الولايات المتحدة بالتأكيد في وضع يتيح لها القيادة في إطار هذه المنافسة الاستراتيجية".
وتابع:"نحن مدركون للنفوذ الذي تحاول الصين توسيعه حول العالم. الشرق الأوسط هو بالتأكيد من بين هذه المناطق حيث يرغبون بتعميق مستوى نفوذهم، مشيرًا إلى أن العديد من الأمور التي يسعون إليها، وطريقة سعيهم إليها، لا تتناسب مع الحفاظ على النظام الدولي الذي تحكمه قواعد محددة".
نشاط دبلوماسي عربي-صيني
وسيقوم الرئيس الصيني الذي تستمر زيارته حتى الجمعة لقاءات مع العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز والأمير محمد بن سلمان، ويشارك قمتين إحداهما خليجية-صينية والأخرى عربية-صينية يحضرهما قادة دول المنطقة.
ومن ناحية أخرى، حذرت الولايات المتحدة الأمريكية من تبعات تصاعد نفوذ العملاق الآسيوي بين حلفائها التاريخيين في منطقة الشرق الأوسط.
وأعلنت وزارة الخارجية الصينية، أمس الأربعاء، أن البرنامج يمثل أكبر نشاط دبلوماسي على نطاق واسع بين الصين والعالم العربي منذ تأسيس جمهورية الصين الشعبية.
واستحوذت المملكة السعودية على أكثر 20% من الاستثمارات الصينية في العالم العربي بين عامي 2005و 2020، مما يجعلها أكبر دولة عربية تستضيف الاستثمارات الصينية، وفقًا لوكالات الأنباء السعودية.
تعزيز العلاقات
وخلال القمتين، سيتم مناقشة تعزيز العلاقات المشتركة في كافة المجالات، إضافة إلى بحث آفاق التعاون الاقتصادي والتنموي، وذلك من خلال العلاقات المتميزة التي تربط دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية والدول العربية مع دول الصين.
وأكد الأمين العام للمجلس نايف الحجرف في بيان على أهمية العلاقات الخليجية-الصينية، حيث تعد الصين الشريك التجاري الأول لدول مجلس التعاون.
وفي السياف ذاته، أوضح وزير الطاقة السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان، إلى أن العلاقات بين البلدين تشهد نقلة نوعية، وأن السعودية سوف تظل شريك الصين، الموثوق به، في مجال الطاقة وغيره.
وتشهد انخراط الشركات الصينية بشكل أعمق في المشاريع الضخمة التي تعتبر محورية في رؤية الأمير محمد بن سلمان لتنويع الاقتصاد السعودي بعيدا عن النفط.
وتحدث وزير الطاقة عن سعي البلدين إلى تعزيز التعاون في سلاسل إمدادات قطاع الطاقة، عن طريق إنشاء مركز إقليمي في المملكة، للمصانع الصينية، للاستفادة من موقع المملكة المميز بين ثلاث قارات.
علاقة الثمانين عامًا
وشهدت العلاقات الدبلوماسية السعودية الصينية تطورًا وثيقًا، حيث أنها تسير بوتيرة متسارعة نحو قدر أكبر من التعاون والتفاهم المشترك، الذي من شأنه إعادة النفع على البلدين.
وبدأت العلاقات الوثيقة بين البلدين منذ 80 عامًا، وتضمنت هذه العلاقات كافة أوجه التعاون، في شكل علاقات تجارية بسيطة واستقبال الحجاج الصينيين، حتى وصلت إلى شكلها الرسمي عام 1990.
وتميزت هذه العلاقات السعودية ـ الصينية بشكل كبير حتى انعكست إيجابًا على تعزيز التعاون بين البلدين، والتماشي مع التطور الذي يشهده العالم، من حيث تنفيذ بنود الاتفاقيات التي تقوم عليها العلاقات أو تطويرها لتتناسب مع متغيرات العصر.
تعاون نووي وشراكة ثنائية
وحرصت السعودية على تنمية العلاقات الثنائية مع الجانب الصيني في سياق توجهها الاستراتيجي لإقامة علاقات متوازنة معها تخدم مصالح المملكة.
ووصلت العلاقات الاقتصادية بين البلدين إلى توقيع على كثير من الاتفاقيات في المجالات المختلفة، لا سيما فيما يتعلق باتفاقيات ثنائية بين الحكومتين أو اتفاقيات بين رجال الأعمال في البلدين، حيث ترتكز معظم صادرات المملكة إلى الصين على النفط، باعتبارها أكبر مستورد.
وتتشارك كلًا من المملكة والصين في عضوية عدد من المنظمات والتكتلات الاقتصادية الدولية، مثل منظمة التجارة العالمية، ومجموعة العشرين، كما شاركت المملكة كعضو مؤسس إلى جانب الصين في إنشاء "البنك الآسيوي لاستثمار البنية التحتية، الذي يهدف إلى تعزيز التنمية الاقتصادية.
وفي وقت سابق وقعت المملكة والصين على مشروع لزيادة التعاون النووي، بهدف تعزيز الشراكة الاستراتيجية الشاملة بينهما في مجال تطوير استخدام الطاقة الذرية للأغراض السلمية.