"الأذن المستجيبة" الحلقة الثانية من سلسلة "حكمة الأصوام في كنيستنا"
ألقى قداسة البابا تواضروس الثاني عظته الأسبوعية في اجتماع الأربعاء مساء اليوم، من كنيسة السيدة العذراء والقديس الأنبا بيشوي بالكاتدرائية العباسية، وبُثت العظة عبر القنوات الفضائية المسيحية وقناة C.O.C التابعة للمركز الإعلامي للكنيسة على شبكة الإنترنت.
استكمل قداسته السلسلة التعليمية الجديدة "حكمة الأصوام في كنيستنا"، وتناول جزءًا من الأصحاح الثالث من سفر صموئيل الأول، وتأمل في الهدف من الأصوام، وأن الله يتكلم في الصمت والهدوء، ولمعرفة الطريق السليم يجب أن يبدأ الإنسان بالأساس وهو الأذن، وحذّر من خمس نوعيات لآذان البشر، وهي:
١- الأذن التي تسمع فقط: مثال آدم وحواء، واللذين سمعا كلام الحية ولم يسمعا كلام الله، وسليمان الحكيم عندما طلب من الرب قلبًا فهيمًا، ولكن من جهة شهوة النساء الغريبات لم يستطع أن يسمع لكلام الله، "أَنَّ نِسَاءَهُ أَمَلْنَ قَلْبَهُ وَرَاءَ آلِهَةٍ أُخْرَى، وَلَمْ يَكُنْ قَلْبُهُ كَامِلًا مَعَ الرَّبِّ إِلهِهِ كَقَلْبِ دَاوُدَ أَبِيهِ" (٢مل ١١: ٤)، وأيضًا زكريا الكاهن وزوجته أليصابات اللذان لم يعطيهما الله نسلًا، "فَقَالَ لَهُ الْمَلاَكُ: لاَ تَخَفْ يَا زَكَرِيَّا، لأَنَّ طِلْبَتَكَ قَدْ سُمِعَتْ" (لو ١: ١٣).
٢- الأذن التي تسمع وتعاند: مثال فرعون الذي كان يستعبد بني إسرائيل، والله أرسل له عشرة ضربات ولم يستمع، وكذلك شاول الملك عندما عاند الله وقدّم الذبيحة وعاش في كبرياء، وأيضًا يهوذا التلميذ الخائن الذي استمع لعظات السيد المسيح، ولكن كان يستمع ويعاند.
٣- الأذن التي تسمع وتستجيب لبعض الوقت ولكن تتراجع: مثال يونان النبي الذي استمع لكلام الله في البدء، ولكنه تراجع، ثم ابتلعه الحوت، وكلمه الله مرة أخرى فذهب لأهل نينوى، وكان يظن أن المدينة ستنقلب، ولكن أهل نينوى تابوا، ونموذج آخر أغريباس الملك الوثني، عندما كان يستمع للقديس بولس الرسول، واستجاب استجابة مؤقتة "«بِقَلِيل تُقْنِعُنِي أَنْ أَصِيرَ مَسِيحِيًّا»" (أع ٢٦: ٢٨)، ولكنه لم يصر مسيحيًّا، وأيضًا شمشون الجبار الذي استجاب لإلحاح دليلة، وقال لها على سر قوته وشريعة النذير، ففقد ما عنده من قوة.
٤- الأذن التي تسمع وتفهم وتطيع: والطاعة على مراحل، ثلاثين وستين ومائة، مثال موسى النبي عندما سمع كلام الله في العليقة وفهم أهمية دوره في خلاص شعبه، ولكنه خاف من التنفيذ، فأعطاه الله هارون أخيه، ليساعده على تنفيذ الكلمة، وأيضًا صموئيل، "«تَكَلَّمْ لأَنَّ عَبْدَكَ سَامِعٌ»" (١صم ٣: ١٠)، فَعَلى الإنسان أن يحصل على وقت هادئ خلال الصوم لسماع صوت الله، وقضاء الوقت في التسبحة والصلوات.
٥- الأذن التي تسمع وتستجيب مئة في المئة: والنموذج الرائع لها أمنا السيدة العذراء، لأنها تسمع وتستجيب وتطيع بتسليم كامل، ودون شك، عندما بشرها الملاك برسالة لم يسمع بها أحد من قبل ومن بعد، "«هُوَذَا أَنَا أَمَةُ الرَّبِّ. لِيَكُنْ لِي كَقَوْلِكَ»" (لو ١: ٣٨)، لذلك على الإنسان أن يرتبط بالإنجيل ارتباطًا حقيقيًّا ويستمع للوصية ويعيش بها، لأنها تمحو ضعفات الإنسان.
وأشار قداسة البابا إلى ثلاثة تداريب للإنسان تساعده على أن يستجيب لكلمة الله، من خلال:
١- اسمع لكلمته: "اُنْصُتُوا إِلَيَّ يَا شَعْبِي، وَيَا أُمَّتِي اصْغِي إِلَيَّ: لأَنَّ شَرِيعَةً مِنْ عِنْدِي تَخْرُجُ، وَحَقِّي أُثَبِّتُهُ نُورًا لِلشُّعُوبِ" (إش ٥١: ٤).
٢- تلذذ بالكلمة واِفرح بها، "لأَنَّكَ حِينَئِذٍ تَتَلَذَّذُ بِالْقَدِيرِ وَتَرْفَعُ إِلَى اللهِ وَجْهَكَ. تُصَلِّي لَهُ فَيَسْتَمِعُ لَكَ، وَنُذُورُكَ تُوفِيهَا" (أي ٢٢: ٢٦، ٢٧)، "الَّذِينَ يَزْرَعُونَ بِالدُّمُوعِ يَحْصُدُونَ بِالابْتِهَاجِ" (مز ١٢٦: ٥)، لأن فترة الصوم هي فترة عبادة وسهر.
٣- كرَّس أذنك لكلمته: وأن تمتلئ بالكلام المقدس، واِملأ قلبك وعقلك وكيانك بكلمة الله والوصية.