حامد بدر يكتب: الأستاذ في مهمة عاجلة.. ورحل مفيد فوزي
صحف الصباح تنعي، والمساء أيضا، حتى المنصات عبر أثير الإنترنت، تقول وداعا مفيد فوزي..
تفقد الأمة المصرية والعربية، رجلا من رجالات الصحافة وَالحوار، أستاذا من أساتذة الكلمة وفرسانها الأبطال، مسيحا حدّ التفاني، مستميتًا حدَّ الشهادة.
من لا يعرفه؟
من منا لا يعرف مفيد فوزي، الذي قدٌّم ببراعة "حديث المدينة"، ذلك البرنامج التليفزيوني الذي كان يجوب بوعي المواطن نحو سديد اللفظ ومختلف الرُّؤى؟
علامة جودة الإعلام الذي حين أراد أن يختم مسيرته التلفزيونية، قدّم برنامج "مفاتيح" الذي آثر فيه أن يطرق أبواب القلوب التي تحملُ جواهر ما أفلته العقل في معركة الحياة.
أيها المحاور
أيها المحاور.. هل تركت الإرث لترحل، أم لتكتب بهذا الرحيل مقالا لعهد الديمومة؟
أيها المحاور هل مللت عهود الصراعات التي من المقرر أن نقضيها، أم رحلت لأنّ الصراعات وصلت حدَّ الجنون؟
أم أنك رحلت لمهمة صحفية تخبرُ فيها السابقين عن قسوة الحياة وجنونها وتأرجحها بين حوادث الليالي؟
أم وجدت في الرحيل مُقَامًا أكرم وأهدأ وأكثر عقلانية كيما أسلوبك؟
أخبرهم
أخبر الراحلين أنَّ مشاغل الحياة لم تزل تصارعنا، تأخذ ما تأخذ، وتترك لنا ما يبقينا جُثثا تفتقد الروح.
أخبرهم بأن الحرب والحب والسلام والبغضاء والنضال والمصالح والخير والبر والسرور، كلها لم تزلْ فِي بَوْتقة الأنظمة والكيانات تمارس أدوارها ويبقى الضحية "إنسان".
ولا تنسى.. أخبرهم بأن الحبيبة فِلسطين لم تعد، وأن سوريا والعراق تتخبطا في المشهد، وأن اليمن السعيد في جُرحٍ بليغ.
أخبرهم بأن مهد المسيح أسير، وأنَّ بيت الله لم يزل يدمع لأجله بقلب دامٍ.
وداعا
والآن وداعا.. وداعا أيها المحارب والمناور، وداعا كما ودّعت أيامك التي كنت عنها تحكي، وداعا كما ودَّعت الغوالي والأحبة..
آن لهذا الجسد أن يسترِحْ
رحل مفيد
رحل مفيد فوزي، كيما يرحل كل جميل..
أحيانا نسائل أنفسنا، هل نحن من نرحل أم أن الأدوار انتهت؟
وهل انتهت لأنها اكتملت، أم أنها تدعو خُلفاءنا لإكمال المسير..؟
رحل مفيد ولم ترحل الإفادة، انتهى الدرس ولم ينته الأثر،،
إنتهت المسيرة ولم تنه السيرة، كيما فنى الجثمان ولم تزل الحياة، فارقت الروح الجسد وبقيَت رصانة المواقف وحلو الذكريات.
رحل مفيد ولم ترحل الكلمة، فاحرصوا على أن تبقى الإفادة، وأن تبقى الكلمة مفتاح الحديث وسيدة الموقف وحُسن الختام..