محظورات الإحرام المُشتركة بين الرجال والنساء
المحظور لغة هو اسم مفعول من حَظَرَ، وجمعه محظورات؛ وهو المُحرَّم، أو الممنوع، أمّا الإحرام في الاصطلاح الشرعي.
فقد عرّفه الفقهاء كالآتي: الشافعية والحنابلة: الإحرام هو نيّة الدخول في الحجّ والعمرة، ويُسَنّ اقتران النيّة بالتلبية، فمن نوى دون تلبية، فإنّه يُعَدّ مُحرِمًا. المالكية: الإحرام هو نيّة الدخول في حُرمات الحجّ، ويُسَنّ اقتران النيّة بالتلبية، أو أداء عمل مُتعلِّق بالحجّ، كتقليد البُدنة*، فمن نوى دون تلبية، أو تقليد البُدنة، أو نحو ذلك، فإنّه يُعَدّ مُحرِمًا.
الحنفية: الإحرام هو نيّة الالتزام بحُرمات مخصوصة مع اقتران النيّة بالتلبية أو تقليد البُدنة، فمن نوى دون تلبية، أو تقليد البدنة، فإنّه لا يُعَدّ مُحرِمًا. أمّا محظورات الإحرام فتُعرَّف بأنّها: الممنوعات التي يُمنَع منها كلا الجنسيَن، أو أحدهما؛ بسبب الإحرام،.
وقد حظر الشرع بعض المُباحات حال الإحرام؛ لحِكمَ عديدة، منها:تذكير المُحرِم بالعبادة التي أَقدم عليها؛ فيتذلّل ويفتقر لله -عزّ وجلّ-. ويُربّي النفس على المُغايرة في حال العيش بين التقشُّف والترف؛ توافُقًا مع نَهج النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-. وتعزيز مبدأ المساواة بين الناس؛ فلا فرق بين غنيّ وفقير في الحجّ. وإظهار استعداد المسلم لإكمال العبادات البدنيّة
محظورات الإحرام
فيما يأتي تفصيل لمحظورات الإحرام كلها، سواءً أكانت مشتركة بين الرجال والنساء أو خاصة بأحدهما دون الآخر، نبينها على النحو الآتي: المحظورات المُشتركة بين الرجال والنساء يوجد العديد من محظورات الإحرام المشتركة بين الرجال والنساء، نذكر هذه المحظورات فيما يأتي: الفِسق والجدال الفِسق هو: الخروج عن طاعة الله -تعالى-، وإتيان المعاصي، وأشدّ ما يكون حُرمة في حال الإحرام، أمّا الجدال فهو: المُخاصمة؛ بأن يجادل المسلم صاحبه حتى يُغضبه، قال -تعالى-: (وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ)، والنَّهي عن الجِدال؛ أي النهي عن كلّ ما يُعين عليه من الإساءة في الأخلاق، أو المعاملات، ولا يُعَدّ ما يُحتاج إليه في الأمر بالمعروف والنهي عن المُنكَر من الجِدال المحظور.
الطِّيب
يحرُم استعمال الطِّيب، كالمسك، والعود، والكافور، والورس*، والزعفران لكلا الجنسَين حال الإحرام؛ سواء استعمله المُحرِم في تطييب ملبسه من ثوب أو خفّ أو نَعل، أو استعمله في تطييب بدنه كلّه أو بعضه؛ لقول رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (ولَا تَلْبَسُوا مِنَ الثِّيَابِ شيئًا مَسَّهُ الزَّعْفَرَانُ أوْ ورْسٌ).
ومن المسائل المتعلقة بالطّيب ما يأتي: لبس الثوب المصبوغ وله رائحة طيبة: يحرم لبس الثوب المصبوغ ذي الرائحة الطيّبة باتّفاق الفقهاء، إلّا أن يُغسَل وتزول رائحة الطِّيب منه؛ لقول رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (لا تلبِسوا ثوبًا مسَّهُ وَرسٌ أو زَعفرانُ إلَّا أن يَكونَ غَسيلًا).
الاكتحال بما فيه الطِّيب: يَحرُم الاكتحال بما فيه طِيب للمُحرِم لغير ضرورة، وعليه الفِدية عند الشافعية، والمالكية، والحنابلة، أمّا الحنفية فقالوا بعدم وجوب الفدية على المُكتحل إلّا إذا زاد الطِّيب في الكحل عن مرَّتَين، وإلّا ففيه صدقة. أكل أو شرب ما فيه الطِّيب: يحرم على المُحرِم أكل أو شُرب الطّيب، أو ما خالطه الطِّيب قليلًا كان أو كثيرًا.
وقد فرّق الفقهاء بين أكل الطِّيب المُضاف إلى المطبوخ، وغيره كما يأتي: إن كان الطِّيب مُضافًا إلى المطبوخ وذهبت عَينه فلم يبقَ له طعم أو رائحة، جاز أكله عند الشافعية، والحنابلة، والحنفيّة، أمّا المالكية فقد فصّلوا في ذلك؛ فقالوا بجواز أكله مع بقاء رائحته أو لونه إن ذهبت عَينه. أمّا إن كان الطِّيب مُضافًا إلى غير المطبوخ، فقد ذهب الشافعية، والحنابلة، والمالكية إلى حُرمة أكله. بينما فرّق الحنفية حال كون الطِّيب مُضافًا إلى غير المطبوخ بين المأكول والمشروب على النحو الآتي: إن كان الطِّيب غالبًا في المأكول فإنّه يُحرَّم، وإن كان مغلوبًا فلا شيء على المُحرِم إلّا إذا بقيت رائحة الطِّيب فيُكرَه ذلك. أمّا في المشروب فإن كان الطِّيب غالبًا ففيه دم، وإن كان مغلوبًا ففيه صدقة إلّا أن يُشرَب مرارًا؛ ففي ذلك دم. دَهن الشَّعر والبَدَن بالطِّيب: يحرم على المُحرِم دَهن بَدنه، أو شَعر رأسه، أو لحيته بالطِّيب أو غيره من زيت، أو شمع مُذاب، كثيرًا كان أم قليلًا.
شَمّ الطِّيب وحمله:
يُكرَه شَمّ المُحرِم للطِّيب، أو حَمله باتّفاق الفقهاء جميعهم، وأما فيما يتعلق بالمكث في مكان فيه طيب فقد تنوعت آراؤهم على النحو الآتي: كره المالكية والحنفيّة المُكث بمكان فيه روائح عطريّة؛ سواءً أقصدَ شَمّه أم لم يقصد.
أمّا الشافعية والحنابلة فقالوا بحُرمة ذلك إن قصدَ شَمّ الطِّيب، كمن يضع وردة على أنفه، أمّا إذا لم يقصد شمّه فلا حُرمة عليه. قلم الأظافر وإزالة شَعر الرأس يحرُم تقليم الأظافر للمُحرِم إلّا لعُذرٍ من كَسر، أو نحوه فتجوز إزالته، ولا فِدية فيه بإجماع العلماء،
أمّا إن كان ما تأذّى به هو شَعر العين، جازت إزالته، ولا فِدية فيه عند جمهور الفقهاء من شافعية، وحنفية، وحنابلة، أمّا المالكيّة فقالوا إنّ في ذلك فِدية.
الجماع ودواعيه
يَحرُم الجماع في الفرج للمُحرِم بإجماع الفقهاء؛ لقوله -تعالى-: (فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ)؛[٥] والرفث: الجماع، ويكون الجماع مُفسِدًا للحجّ والعمرة حسب وقته، وبيان ذلك فيما يأتي: إن كان قبل الوقوف بعرفة فعلى المُحرِم بُدنة* مع قضاء الحجّ فورًا حتى ولو كان حجّه تطوُّعًا.
وإن كان بعد التحلُّل الأوّل، فإنّ حجّه لا يَفسد باتِّفاق، أمّا إن كان بعد عرفة وقبل التحلُّل الأوّل، فقد ذهب الحنفيّة إلى عدم فساد حجّه؛ لأنّه حقّق الرُّكن الأصليّ للحجّ؛ وهو الوقوف بعرفة، وذهب جمهور الفقهاء من مالكيّة، وشافعيّة، وحنابلة إلى فساد حَجّه؛ لأنَّ إحرامه صحيح، ولم يحصل فيه تحلُّل.
أمّا العمرة فإنّها لا تَفسد إلّا إذا كان الجماع قبل الطواف وقبل السَّعي، ولأهل العلم في حُكم انتهاك حُرمة الإحرام فيما دون الجماع؛ من تقبيل أو لَمس بشهوة أكثر من قول، خلاصتها فيما يأتي:القول الأوّل: الجماع فيما دون الفرج؛ من تقبيل أو لمس بشهوة أو مباشرة؛ أنزل أم لم يُنزِل لا يُفسِد الحجّ، وعلى فاعله دم، وهو مذهب الجمهور من شافعية، وحنابلة، وحنفية. القول الثاني: الإنزال يُفسِد الحجّ والعمرة مُطلقًا إلّا الاحتلام؛ فإن جامع دون الفرج وأنزل فسدَ حجّه، وإن لم يُنزِل لم يَفسد الحجّ وعليه دم، وهو مذهب المالكيّة.
وقد تنوعت آراء الفقهاء في حُكم انتهاك حرمة الإحرام باستدامة نظر المُحرِم إلى فرج إمرأته، وكانت آراؤهم كالآتي: الحنفية والشافعية: ذهبوا إلى أنّ استدامة نظر المُحرِم إلى فرج امرأته بشهوة، أو بغير شهوة وتفكيره فيها؛ سواء أنزل أم لم يُنزل، لا يُوجب عليه شيئًا؛ لأنّ النظر بشهوة ليس استمتاعًا بالمرأة، وإنّما هو زرع للشهوة في القلب دون قضائها، خِلافًا للَمس المرأة بشهوة. الحنابلة: ذهبوا إلى أنّ استدامة نظر المُحرِم إلى فرج امرأته بشهوة وإنزاله يُوجِب عليه الدم، أمّا مُجرَّد النظر والتفكير؛ سواء أنزل أم لم يُنزِل لا يُوجِب الدم. المالكية: ذهبوا إلى أنّ استدامة نظر المُحرم بشهوة إلى فرج امرأته وإنزاله يفسد الحجّ، أمّا مُجرَّد النظر والتفكير؛ سواء أنزل أم لم يُنزِل فيوجب عليه دم. الصَّيد الصَّيد لغة: هو مصدر بمعنى: اصطياد المصيد وقَنصه، ويُعرَّف اصطلاحًا بأنّه: كلّ حيوان برّي مُتوحّش في أصل خِلقته عند الحنفية، والمالكية، وزاد الحنفية الذي لا يمكن أخذه بقوائمه أو جناحَيه، وعرّفه الشافعيّة والحنابلة بأنّه: كلّ حيوان برّي مُتوحِّش يُؤكَل لحمه، وقد دلّ على حُرمة الصيد في الإحرام قوله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنتُمْ حُرُمٌ).
وفيما يأتي توضيح لبعض المسائل المُتعلِّقة بالصيد: حُكم تَملُّك الصيّد أوالانتفاع بشيء منه: يَحرُم تملُّك الصيد لمَن كان مُحرِمًا بأيّ طريقة من طرق التملُّك، كالبيع والشراء أو قبوله كهِبة أو صدقة أو وصيّة؛ لما ورد عن الصحابيّ صعب بن جثامة -رضي الله عنه- أنّه أهدى النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- حمار وحش وهو مُحرِم، فردَّه، وقال: (إنَّا لَمْ نَرُدَّهُ عَلَيْكَ إلَّا أنَّا حُرُمٌ).
كما يَحرُم الانتفاع بشيء من الصيد، كأكل لحمه، أو بيضه، أو حلبه؛ وذلك لأنّ الانتفاع جزء من التملُّك وقد حُرِّم التملُّك فيَحرُم كلّ ما يلحق به.
المحظورات الخاصّة بالرجال
يَحرُم على المُحرِم لبس المَخيط، وهو: كل ما فُصِّل لسَتر البَدَن؛ سواء كان بخياطة، أم لا، وسواءً سترَ كلّ البَدن، أو بعضه، أمّا المُحرِم الذي لم يجد إزارًا ورداءً ونَعلَين، جاز له لبس السروال والخُفَّين على حالهما ولا فِدية عليه عند الإمام أحمد؛ لقول الرسول -صلّى الله عليه وسلّم-: (من لم يجد إزارًا ووجد سراويلَ فليلبسها ومن لم يجد نعلينِ ووجد خُفَّيْنِ فليلبسهما قلتُ: لم يقل ليَقْطَعْهُما قال: لا).
أمّا المُحرِم الذي لم يجد إزارًا ورداءً ونَعلَين، جاز له لبس السروال والخُفَّين على حالهما ولا فِدية عليه عند الإمام أحمد؛ لقول الرسول -صلّى الله عليه وسلّم-: (من لم يجد إزارًا ووجد سراويلَ فليلبسها ومن لم يجد نعلينِ ووجد خُفَّيْنِ فليلبسهما قلتُ: لم يقل ليَقْطَعْهُما قال: لا)، فإنّ لبسه على حاله لزمته الفِدية، كما اشترط الحنفية أن يُشَقّ السروال، وإلّا لَزِمته الفِدية، فإنّ لبسه على حاله لزمته الفِدية، كما اشترط الحنفية أن يُشَقّ السروال، وإلّا لَزِمته الفِدية.
المحظورات الخاصّة بالنساء
يحرم على المرأة المُحرِمة أن تستر وجهها بالنقاب، وكفّيها بالقفّازين، قال الرسول -صلّى الله عليه وسلّم-: (ولَا تَنْتَقِبِ المَرْأَةُ المُحْرِمَةُ، ولَا تَلْبَسِ القُفَّازَيْنِ) إلّا أن تسترهما لعُذر؛ فجاز لها ذلك مع الفِدية،[٣] إلّا أن تسترهما لعُذر؛ فجاز لها ذلك مع الفِدية، كما يُباح لها أن تستر كفَّيها بغير القفّازين؛ كالكُمّ أو خرقةٍ تلفّها عليهما.