أحمد الشيخ يكتب: "نزل السبت لو سمحت"
التطور في العقول أهم بكثير من تطوير الأدوات التكنولوجية المحيطة بالإنسان، فقد أثبتت التجربة العملية أنه مهما بلغ حجم التكنولوجيا المحيطة بالشخص فليس لها أى قيمة إذا لم يتم تدريب هذا الشخص على استخدامها والحفاظ عليها، ومن هنا ولد مصطلح تطوير الانسان.
ومع التطور الكبير في مجال التجارة وانتشار التجارة الإلكترونية بشكل كبير بفعل عوامل مختلفة لعل من أهمها جائحة كورونا التى زادت من انتشارها خصوصا في مصر إلى أن وصل حجمها إلى 6 مليارات دولار تقريبا وهنا نتحدث عن التجارة الإلكترونية من الشركات للأفراد فقط، وبالتحديد منصات التجارة الإلكترونية المعروفة مثل جوميا، وأمازون، ونون، والتى استطاعت تحقيق نجاحات كبيرة خلال الفترة الماضية رغم العيوب الكثيرة التى ظهرت خلال تداول منتجاتها التي وفق تقديراتنا الشخصية تكون غير مطابقة للمواصفات أو رديئة بنسبة 1 إلى 5 من طلبات الشخص الواحد وهي نسبة مرتفعة بشكل كبير.
ناهيك عن صعوبة التواصل مع بعض الشركات مثل أمازون مثلا فهي تعاني بشكل كبير من ضعف خدمة العملاء، أو سرعة التوصيل في بعض الأحيان والتى تستغرق أسابيع، أو إلغاء طلب المنتج لعدم توافره رغم وجوده على المنصة بجانب الوقت الكبير الذي تستغرقه تلك المنصات في رد أموال العملاء في حال قبول استرجاع السلعة، بجانب عدم توافر امكانية للاستبدال كل هذه المشكلات يعانى منها الكثيرين لسنوات ولم تسعى تلك المنصات لإيجاد حلول عملية لها حتى الأن.
كما أن تلك المنصات لم تسعى باجتهاد لخلق قيمة مضافة استنادًا إلى المنافسة الحقيقية حيث أنه تقريبًا نفس البائعين المسجلين على كافة المنصات بنفس المنتجات والخامات حتى أن تقييمات العملاء على تلك المنصات تتشابه إلى حد كبير لحد يدفعك للاعتقاد أنها مزيفة أو منقولة من المنصة المنافسة، فمقدار التطابق يدفعك للتساؤل حول مدى مصداقية تلك التقييمات وهل تضع المنصة التقييمات بنفسها؟!
كل ذلك ولم نتطرق لمشكلة هذا المقال الرئيسية والتي تصدرت العنوان، وهي قصة "السبت"، واكيد كل من يقطنون الأدوار العليا من قدماء المصريين مثلى الذين يتبعون أفكار أسرهم وأمهاتهم يعلمون مدى أهمية "سبت الخضار" الذي ينقذك دائمًا من "الطلوع والنزول" على السلم خصوصا إذا كنت من سكان الإسكان الاجتماعي ولم يكن لديك "أسانسير "، وأعلم أنك عزيزي القارئ تتسأل في سرك ما علاقة "السبت" بالتجارة الإلكترونية؟!
دعنى أنقل لك تجربتي الطويلة مع كافة مندوبي التوصيل على مدى سنوات تسوقى الكترونيا من كافة شركات التجارة الإلكترونية الكبيرة في السوق حتى التى تتغنى بتوسعها في تقديم الخدمات اللوجيستية واهتمامها بمندوبيها، فجميع مندوبي تلك الشركات بلا استثناء والذين يعتمدون بالأساس على مندوبين مستقلين نظير عمولة، دائما ما يتصل بك وهو تحت العمارة والتساؤل المنطقى هو حضرتك فى الدور الكام؟ وعندما يعلم أنك فى الدور الأخير يباغتك بطلب "سئيل وثقيل على قلبك" طاب ممكن حضرتك تنزل السبت؟! عندها أسئله بسذاجة هو الأوردرات اللى مع حضرتك ممكن تدخل في السبت؟! ويجاوبني بالتأكيد رغم أنه قد لا يعلم ما الذي يحتويه الطرد وهل يمكن أن يكون قابل للكسر، وعندما يكون الطرد به أشياء قيمة وقابلة للكسر اضطر للنزول لكي احصل عليها بنفسي أو أرسل محمد أبني وهو متضرر أيضًا لكي يحضر الطرد منه.
وهنا الموضوع أصبح مشكلة حقيقية واعتقد أنه لا يحدث سوى في مصر، فلم تبذل شركات التجارة الإلكترونية الذي وصل تاريخها إلى ما يقرب 15 سنة لشركة أمازون، و10 سنوات لـ جوميا، في تغيير ثقافة المندوب أو تأهيله لخدمة العميل بالشكل اللائق، ناهيك عن أنها لا تهتم حتى بصحة هذا المندوب، ففي إحدى المرات صادفت مندوب مصاب بمرض القلب ولا يقوى على الصعود للأدوار العليا، وهي حالة مرضية يجب أن تقدر وبالتالي نزلت حتى سيارته، وهو ما يوضح أن تلك الشركات لا تهتم حتى بصحة مندوبيها أوتعلم الحالة الصحية لهم، وبالتالي فهي من أجل المنافسة تعين أى شخص كمندوب (ماهي شغلانة سهلة ولا تحتاج مؤهلات حتى)، دون أهتمام من الشركة سوى بالمنتج الخاص بها، حتى كيفية توصيل طلب إلى العميل لا يتم تدريبهم عليها وهي قد تكون أهم من المنتج نفسه لأن رضاء العميل يبدأ من طريقة وسرعة التوصيل ثم يرى المنتج بعد وصوله، ولكن عندما تقول له نزل "السبت لو سمحت" أصبح يفكر: "أين وضعت السبت ويحل عقد حبل السبت" ففقد فرحته بوصول المنتج بعد العناء الكبير الذي بذله مع السبت وعقده، فأرجوكم أرحمونا من ثقافة "السبت".