د. رشا سمير تكتب: أيها العالم...إلى أين؟
يبدو أن مؤتمر المُناخ المنعقد حاليا في شرم الشيخ بالقاهرة كان بالفعل دافع قوي لكل زعماء العالم للحضور والمشاركة في واحدة من أهم القضايا التي تحتل الساحة العالمية مؤخرا، القضية التي لم نتصور يوما في بدايات القرن أنها ستكون عائقا أمام الحياة، بل وستصبح التحدي الأكبر أمام العالم بأسره..
تتوالى الكوارث..الإحتباس حراري، تغيرات المُناخ، ومن قبلهما الكوفيد -١٩، ثم مؤخرا الحرب الروسية الأوكرانية..
تداعيات أرهقت الاقتصاد العالمي، فلم يعد هناك بُد من وقفة تستوجب إتحاد القوى من أجل إيجاد حل وخلق توعية حقيقية لمن تصوروا يوما أن الأمر لا يؤخذ في الإعتبار.
إذن فالعالم يصرخ اليوم تحت وطأة الصراعات، فمن حرب أوكرانيا التي أبدلت وجه العالم وأوقعت البلدان في فخ المعاناة الاقتصادية، إلى حرب المُناخ وما أحدثته التغيرات المناخية من إحتباس حراري..إلى إنهيار دول عربية عظيمة مثل اليمن وليبيا والعراق وسوريا..بل وبين الحين والآخر لازالت تُطل برأسها أزمة فلسطين وإستعادة الأرض المحتلة التي أصبح الإعتراف بمغتصبيها هو عنوان العديد من الدول العربية بكل أسف!.
حذر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مع بداية حربه ضد أوكرانيا من أن العالم "ربما يواجه أخطر عقد" في تاريخه منذ الحرب العالمية الثانية، ومن هذا المنطلق العجيب أدخل بوتن العالم كله وعلى الأخص أوروبا في نفق مظلم، ومن ثم أخرج لسانه لأمريكا ضاحكا وجلس في مكانه يراقب محتسيا كأس الإنتصار، حتى لو إنهار العالم كله من حوله وبقى هو وعناده.
حاول بوتين مرارا في خطاباته أن يبرر حربه على أوكرانيا وغزو أراضيها، الأمر الذي ترك بلاده في عزلة دولية، واتهم بوتين الغرب بممارسة الابتزاز النووي ضد روسيا لإجبار حلفائها على الابتعاد عنها، قائلا أن "هذه ليست خدعة".
كما كشف لنا بوتين عن عالمه الموازي، موجها اللوم للغرب على إشعال الحرب في أوكرانيا، من مُنطلق أن النظام العالمي الجديد يجب أن يتم تأسيسه على "العدالة والقانون".
بعيدا عن الحرب أتت تداعيات الإحتباس الحراري وتغيرات المناخ بكوارث لا حصر لها ولا عدد منها، شلالات اجوازو التي لا تزال ممراتها السياحية مغلقة بسبب تدفق المياه الرهيب الذي يعد أعلى عشر مرات من العادي، الفيضانات في اندونيسيا التي تجتاح العالم مودية بحياة البشر كل يوم، جزيرة كريت التي سجلت أعلى معدل لمياه الامطار وتدفق السيول، الأمطار الرعدية في حماة قمحانة بسوريا، والثلج الغزيز في ولاية أريزونا بالولايات المتحدة الأمريكية.
أما في مصر فالوضع مختلف، وعلى هامش مؤتمر المناخ الذي إنحنى له كل قادة العالم ورسم شكلا حضاريا رائعا لمصر، فنحن أمام كوارث بشرية أكبر بكثير من المناخ، كوارث إنسانية تضعنا خارج المجرة بشكل يدعو للضحك الهستيري!.
نحن أمام ظاهرة الشاب الذي تم طرده من محل الكشري وتصور أنه براد بيت الشارع المصري فأصبح كل يوم نجم الكاميرات والبرامج من منطلق (هي جت عليا يعني!)..الشاب الذي جعلنا جميعا في رحلة دائمة للبحث عن البائع الذي طرده من المحل لنكافأه ونشكره على بُعد نظره!.
ومن محل الكشري لموضوع الساعة والقضية التي جعلت كل بيت في مصر يئن ويبكي ليل نهار دون نوم، قضية حسام وشيرين!.
القضية بإختصار في كلمتين هي قضية امرأة أضاعت حلمها وعمرها من أجل رجل أذلها، فباتت تارة تسبه وتارة تبكيه وبين هذا وذاك تترنح.
طيب؟!..طيب وإحنا مالنا، يعني الواحد يحمل هم سونسون وشيري والا هم طبق البيض اللي داخل على الورقة أمو ميه بقلب ميت!.
موضوع يدعو للسخرية..وطبعا برامج تبنت القضية ومواقع لم يعد أمامها شغل إلا أخبارهما المفبركة، وكالعادة ركبت التريند الأختين الحلوين رضوى وياسمين! ومافيش مانع من شوية متابعين زيادة، واهي كلها تريندات وسبوبات والرزق يحب الخفية!
الحقيقة أن ما يشغل البشر على مواقع التواصل الاجتماعي في مصر لا يمت بصلة لما يشغل الرأي العالم العالمي والقنوات الإخبارية المهنية وكأننا في غيبوبة إعلامية وفكرية،
إلى متى ستظل التفاهة هي عنوان المجتمع المصري الحديث؟ إلى متى؟
إستقيموا يرحمكم الله..