القصة الكاملة لأزمة القمص «البحيري» مع زواج «البروتستانت»
طرأت حالة من الجدل عبر مواقع السوشيال ميديا، بعد تداول عدد من الرواد، مقطع فيديو لكاهن يدعى القمص صموئيل البحيري؛ أحد رعاة الكنيسة القبطية الأرثوذكسية في كنائس عزبة النخل، قال فيه إن الزواج البروتستانتي هو زنا.
الأمر الذي وصل إلى قداسة البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، والذي التقى مؤخرًا برئيس الطائفة الإنجيلية، والذي أكد خلال اللقاء رفضه التام لأي تصريحات تتعلق بقضايا الزواج الإنجيلي، مُطالبًا بعدم الالتفات إلى أي تصريحات غير صادرة عن قداسته أو مكتبه، موضحًا أنه لن يكتفي بمساءلة الإيبارشية للقمص، بل سيسأله بنفسه- حسب بيان صدر عن الكنيسة الإنجيلية.
الموقف الأرثوذكسي
أصدر الأنبا سيداروس الأسقف العام لقطاع كنائس عزبة النخل، بيانًا حُذف فيما بعد من الصفحة الرسمية لكنائس عزبة النخل، أدان فيه موقف القس، موضحًا أنه سيتم اتخاذ الإجراءات القانونية ضده كنسيًا.
الإنجيلية للفجر: طقوس الزيجة لم ترد بالإنجيل
من جانبه، قال القس رفعت فكري، رئيس مجمع القاهرة المشيخي لسندس النيل الانجيلي، وأمين عام مشارك بمجلس كنائس الشرق الاوسط، في تصريح خاص لـ«الفجر» إن طقوس سر الزيجه غير موجودة بالكتاب المقدس في العهدين القديم والجديد، بل هي طقوس صلاة تعتمدها كل كنيسة حسب طريقتها.
وأشار القس رفعت إلى أنها في النهاية تكون صلاة لمباركة العروسين، وهذه صلاة تقام في كل الكنائس؛ لأن يسوع المسيح قال: "حيثما اجتمع اثنان أو ثلاثة باسمي فهناك أكون في وسطهم"، فالمسيح موجود في الكنيسة الأرثوذكسية والكاثوليكية والانجيلية والروح القدس موجود أيضا بهم، وبالتالي أي صلاة تقام من أجل العروسين يتقبلها الله، ويتم التوقيع على عقد مدني.
وأوضح أن صلاة مباركة العروسين لا مجال بها لاتهام أي كنيسة للاخرى بإن زواجها هو زنا، مُعلقًا على بيان الكنيسة الأرثوذكسية قائلا: "أن الاعتذار جاء متأخرا، فقد أعطى الفرصة لرواد السوشيال ميديا بإثارة الجدل، في إشارة إلى أن القمص صموئيل البحيري نال استهجان الأرثوذكس وليس الإنجيليين فقط.. كما أن الاعتذار جاء من قداسة البابا تواضروس الثاني فقط في مكتبة الإسكندرية أثناء لقاءه مع الدكتور أندريا زكي، وكان يجب أن يأتي الاعتذار منذ تداول هذه التصريحات، ولكن كونه يأتي متأخر فهو أفضل من الا يأتي مطلقا.
واكد أن القمص صموئيل البحيري قال إن البروتستانت هراطقة وليس لهم سماء، وقد مر هذا الكلام مرور الكرام دون الاعتذار عنه، فالاعتذار في هذا البيان ناقص.
كما شرح القس رفعت طريقة طقس الزيجه في الكنيسة الإنجيليّة، فقال إنه تبدأ إعلان عقد زفاف فلان على فلإنه ومن لديه أي مانع شرعي يتقدم به علنا أمام الجمهور، مُضيفًا: «وحيث لا توجد أي موانع شرعية نسير في الاحتفال بالزيجه، من خلال قراءات من الكتاب المقدس، سواء من العهد القديم أو الجديد، وتكون هناك ترانيم متعلقة بالبيت المسيحي والأسرة، ثم عظة عن مفهوم الكنيسة المسيحية للزواج، ونصائح للعروسين عن كيفية الحياة معا في محبة وسلام، وتتم عمل العهود، وأخيرا السجود معا أمام ممبر الكنيسة، ويصلي عليهم القس ويطلب من الله أن يبارك بيتهم، انتهاءا بالتوقيع على العقد المدني والصلاة الربانية.
قدسية الزواج في الكنيسة الإنجيلية:
نشر القس عيد صلاح راعي الكنيسة الانجيلية بعين شمس، والباحث في التراث العربي المسيحي، دراسة بعنوان "قدسية الزواج في الكنيسة الانجيلية"، شرح خلالها عن قدسية الزواج الانجيلي فقال: إننا نؤمن أن قصة الخليقة تقدم لنا المفهوم الصحيح للزواج وللأسرة، فالله الذي قال: "أثمروا وأكثروا واملأوا الأرض" رسم الزواج ليكون ارتباط رجل واحد بامرأة واحدة في شركة دائمة، وحب متبادل، وأمانة كاملة، تجعل من الاثنين جسدًا واحدًا، أي كيانًا واحدًا، لا يقبل النقصان ولا يقبل الزيادة لأنّ من جمعهما الله أي قرنهما معًا لا يفرقهما إنسان..
وأوضح أن الكنيسة الإنجيليّة ترفض تعدد الزوجات أو الأزواج ليكون الزواج مكرَّمًا، دون إهدار لشخصية المرأة أو شخصية الرجل، مؤكدًا على أنه رغم أن الله "يكره الطلاق" إلا أنه سمح به في حال الخيانة الزوجية وإن كان لم يغلق الباب أمام توبة الطرف المخطئ، موضحًا أنه تعتمد الكنيسة في رعايتها لأسرها وفي مواجهة المشكلات العائلية على توجيهات الروح القدس والكلمة المقدسة في التعامل مع كافة الحالات، داخل إطار واضح وضوابط تحددها الكنيسة العامة.
كما أشار إلى أن الكنيسة تحدد الكلمة المقدسة في إطار العلاقة بين الأزواج والزوجات فلا يهتم كل طرف بما هو لنفسه، بل بما للآخر.
وتوضح الكلمة المقدسة ما يجب أن تكون عليه العلاقات المتبادلة بين الآباء والأبناء في توازن واضح، وهذا مكتوب في المادة 15 من إقرار الإيمان الإنجيليّ لعام 2006.
وعن الزواج في العهد الجديد، فقد اشار القس عيد صلاح إلى كتاب "قدسية الزواج في الكنيسة الإنجيلية"، والمتكون من ثلاثة مقالات كتبها دكتور جورج حبيب بباوي في مجلة الهدى (وهي مجلة الكنيسة الإنجيلية بمصر)، قائلًا: نجد أن العودة إلى البدء، إلى الخليقة، هي نقطة أساسيَّة في العهد الجديد، تؤكد أن كمال الناموس قد تم في المسيح وهكذا كملت الخليقة في المسيح ولم تعد محتاجة إلى المؤدب أو الوصيّ، لأن الإنسان سوف يخلع الطبيعة القديمة ويلبس الجديدة في المسيح، والجديدة، هي على صورة الخالق، وهكذا عاد رأس الخليقة إلى الكلام عن البدء، إلى ما كان قائمًا قبل السقوط واستبعاد الطبيعة الإنسانيّة للفساد فالعهد الجديد هو عهد تحرير الإنسانيّة. وعهد الحرية لا يمكن أن يستمر على نفس الناموس الموسويّ.
فالعودة إلى الخليقة قبل السقوط، هي عودة إلى الطبيعة الجديدة، وهي طبيعة محرر من الأهواء ومن الفساد، وهو ما يجعل تعدد الزيجات وإباحة الطلاق مستحيلًا، ذلك لأن النموذج الجديد هو آدم قبل السقوط، هو ليس لآدم الأول، بل آدم الجديد قاهر الفساد.