حامد بدر يكتب: بناتنا خطٌّ أحمر.. الخِزيُ في محافظة الشرقية
لا ضَيْر ولا حرَج لمن أراد نكاح العفيفات، ولا مانع ولا لوم على من أراد الارتباط بفتاة لم يطئها غيره، فتلك طبيعة الحياة، وميل معظم الرجال.
إلى هنا يبدو الأمر فِطريٌّ جدًا لكنَّ أن تصل الفكرة إلى إقامة مِهرجان لدحض شكوك الناس في شرف فتاة صغيرة هذا هو التخلَّفِ بعينه، وسبيلٌ من سبل الخِذي في مصر وفي مًستقبلها.
مبدأ الحكاية
مشهد لم يتجاوز الدقيقتين، لفتاة تبدو عليها البسمة والنصر، يحملها أبوها وسط تجمهرٍ أشبه باحتفالية، بمحافظة الشرقية؛ ليبدو للرائي أن حدثًا جللًا قد حصل.
تقع الصدمة حينما تسمع صوتًا يقول "عادت الشريفة.. عادت العفيفة".
يتبين بعدها أن ذلك كان ردًّا على بعض من شككوا في سمعة الفتاة، بعد اتهامها بأنها ليست بكرًا، وذلك بعد زواجها بأيام قليلة، والطامَّة الكارثية، أنَّ ذلك كان نتيجة كشف طبي أثبت عُذرية الفتاة.
جريمة يتم التغاضي عنها
إلى هُنا ربما انتهى المشهد، وذهب كلٌّ إلى حاله، وكما يقول المثال الشعبي المصري "العروس للعريس والجري للمتاعيس"، إلَّا أنه هنا كارثة من نوع آخر تواجهها هذه المسكينة المبتسمة دون أن تشعر، بحجم المصيبة التي تواجهها في مقتبلِ حياتها الزوجية التي ربما ستكتمل، إبان ورقة من الصحَّة بخاتم حكومي يثبت أمام المجتمع أنها أهلٌ للشرف. ويالا المصيبة إن أول هذا المجتمع هو زروجها الذي من المفترض أن يكون حصنًا وحنانًا وحُبًّا، من المقرر أن يصبِحَ وكأنه "رَبٌّ غَفُور"، يقبلها بعد تعظيم أحكام مجتمعه.
يُشار إلى أنَّ الفتاة لم تُكْمِل عامها السابع عشر، حسب معلومات صحفية تناقلتها المواقع، ما يشر إلى جريمة أُخرى وهو تزويج فتاة "قاصر" دون سن الثامنة عشر، فحسب المادة (31 مكررًا) من القانون: "لا يجوز توثيق عقد زواج لمن لم يبلغ من الجنسين 18 سنة ميلادية كاملة".
وجدير بالذكر ما نصَّت عليه المادة الخامسة من قانون الأحوال الشخصية أنه "يُعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر ولا تزيد على سنة كل من تسبب أو عقد أو وافق أو وثق أو شهد على عقد زواج قاصر دون السن المذكورة في هذه المادة ما لم يكن ذلك بأمر القاضي المختص ولا يجوز التنازل عن العقوبة وفقا لأي قانون آخر".
نداء عاجل
عساني أكون مُبالغًا إن توجَّهت بنداء عاجل إلى كبار المسؤولين في مصر، ومن ينوط به التشريع، إلى مجلس النواب، أظن أنه بات الأمر مُلِحًّا وشديد الخطورة، ان يصدُرَ تشريع فاصل أو مكمِّل للتشريع المصري، يصير من شأنه تقنين ومنع التعامل بأي نوع من أنواع الإهانة للمرأة والفتاة في بلادنا، تحت أي نوع من أنواع الحكم المجتمعي أو مسمَّى من المسمَّيات.
أرجوا أن يكون التشريع عاجلًا ولا يبقى طيَّ الآمال والأحلام..
نداءً أخيرًا للآباء والأمهات، تقوا الله في بناتكم، فمهما كانت ظروف الحياة، أو صعوبة العيش، لا تُلقوا ببناتكم في غياهب حياة لم يتعلموا بعد كيف التعامل مع طبائعها، ومواجهة عثراتها.
ودمتم بخير،،