البابا فرنسيس يشارك في حفل اختتام منتدى البحرين للحوار
يتابع البابا فرنسيس زيارته الرسولية إلى البحرين حيث توجه صباح الجمعة إلى قصر صخير الملكي للمشاركة في حفل اختتام "منتدى البحرين للحوار: الشرق والغرب من أجل التعايش الإنساني"، بحضور المشاركين في اللقاء بالإضافة إلى العاهل البحريني محمد بن عيسى آل خليفة وإمام الأزهر الشيخ أحمد الطيب.
تخلل الاحتفال كلمة للبابا فرنسيس قال فيها إنه بعد حربَين عالميتَين مروِّعتَيْن، وبعد حرب باردة ظلَّ العالم فيها حابسًا أنفاسه، مدّة عشرات السّنين، وسط صراعات مدمّرة في كلّ جزء من العالم، وبين أصوات الاتهام والتّهديد والإدانة، ما زلنا نجد أنفسنا على حافة الهاوية في توازن هَشّ، ولا نريد أن نغرق. وأضاف: في بحر الصّراعات العاصف، لنضع أمام أعيننا ”وثيقة الأخوّة الإنسانيّة من أجل السّلام العالميّ والعيش المشترك“، ففيها أمل للقاءٍ مثمر بين الغرب والشّرق، مفيد لشفاء الأمراض فيهما. وقال إن ظهور الصّراعات يجب ألّا يجعلنا نغفل عن المآسيّ الكامنة في الإنسانيّة، مثل كارثة عدم المساواة، حيث يَختبر معظم الناس الذين يسكنون الأرض ظلمًا غير مسبوق، ومصيبة الجوع المخجلة، وكارثة تغيّر المناخ، نتيجة إهمال العناية بالبيت المشترك.
تابع البابا قائلا: أودّ أن أحدّد ثلاثة تحديّات نابعة من وثيقة الأخوّة الإنسانيّة وإعلان مملكة البحرين، الذي كان موضوع تفكيرنا في هذه الأيام. إنّها الصّلاة والتّربية والعمل. أوّلًا، الصّلاة التي تلمس قلب الإنسان. إنّ الصّلاة وانفتاح القلب أمام العليّ أمرٌ أساسيّ لتطهير أنفسنا من الأنانيّة، والانغلاق، والمرجعيّة الذاتيّة، والأكاذيب والظلم. لكن لكي يحصل هذا الأمر، هناك مقدّمة لا بدَّ منها، وهي: الحريّة الدينيّة. كلّ نوع من الإكراه يتنافى مع جلال الله وقدرته تعالى، لأنّ الله لم يسلّم العالم إلى عبيد، بل إلى مخلوقات حرّة، يحترمها احترامًا كاملًا.
التحدّي الثّاني، تابع البابا يقول، هو التّربية ويخُصّ أساسًا عقل الإنسان. يقول إعلان مملكة البحرين إنّ "الجهل هو عدوّ السّلام". هذا صحيح، لأنّه حيث تنقص فرص التّعليم، يزداد التطرّف وتتجذّر الأصوليّة. وإن كان الجهل عدوّ السّلام، فإنّ التّربية صديقة للتّنمية، شرط أن تكون تعليمًا يليق حقًّا بالإنسان، الكائن الديناميكيّ وذي العلاقات.
وتطرق البابا في هذا السياق إلى أهمية الاعتراف بالمرأة في المجال العام وقال إن التربية في هذا المجال، كما في المجالات الأخرى، هي الطّريق من أجل التّحرّر من الموروثات التاريخيّة والاجتماعيّة المناقضة لروح التّضامن الأخويّ، الذي يجب أن يتميّز به مَن يعبد الله ويحبّ القريب. ولفت بعدها إلى "حماية حُقوق الأطفال الأساسيَّة"، وأكد أن التّربية التي تبدأ في خليّة العائلة، تستمرّ في سياق الجماعة والقريّة أو المدينة، وتوقف عند التّربية على المواطَنَة، وعلى العيش معًا، في الاحترام وضمن القوانين.
وهكذا – قال البابا – نأتي إلى آخر تحدٍّ من التّحدّيات الثلاثة، وهو العمل، ويمكننا أن نقول قِوَى الإنسان. يقول إعلان مملكة البحرين إنّ "الدعوة إلى الكراهية والعنف والفتنة، هي تدنيس لاسم الله". يرفض المتديّن هذا الكلام، دون أي تبرير. يقول بقوّة ”لا“ للحرب التي هي تجديف على الله، واستخدام العنف. ويترجم هذا الـ ”لا“، بصورة متسقة في العمل. لأنّه لا يكفي أن نقول إنّ هذه الدّيانة مسالمة، بل من الضّروري أن نُدين ونَعزِل العنيفين الذين يسيئون إلى اسم الدين.
في الختام أطلق البابا نداء من أجل وضع حد للحرب الدائرة في أوكرانيا وبدء مفاوضات جادة بين الأطراف وأكد بعدها أن الخالق يدعونا إلى العمل، وخاصّة لصالح الكثير من مخلوقاته الذين ما زالوا لا يجدون مكانًا كافيًا في أجندات الأقوياء. وقال ليُنِرْ الله خطواتنا وليوحّد قلوبنا وعقولنا وقِوانا، حتى تُكمَّل عبادتُنا لله بمحبّتنا الأخويّة والعمليّة للغير: لكي نكون معًا أنبياء العيش سويا، وصُنّاع الوَحدة، وبُناة السّلام.