القمة العربية في الجزائر والتطبيع.. شر البلية ما يضحك
لجذوري الفكرية العربية، وتطلعاتي القومية، وحسي بالوحدة العربية وضرورتها، كان لا بد لي أن أتابع بشكل دقيق ومفصل، أعمال القمة العربية، في الجزائر، واستمع لكلمات الزعماء العرب، وأحللها بيني وبيني ثم أغلق التلفاز محملا بأعباء أمة، لطالما حلمت بالأفضل لها.
أسمعت لو ناديت حيا
لست هنا في معرض الهجوم، وفتح النيران بشكل عشوائي، أو أن أسدد رصاصات الكلمات إلى رؤوس الزعماء والحكام العرب، كعادة معظم المفكرين والسياسيين والكتاب العرب، فتح المناحات العربية، وتوبيخ الحكام والزعماء وإلقاء اللوم عليهم ـ وهم محل لوم ـ إلا من رحم ربي، ولكني استمعت بكل الأسى لكلمات محمود عباس أبو مازن رئيس السلطة الفلسطينية، وكانت كلماته موجعة وأشد إيلاما من ذي قبل.
لقد رفع الرجل رأسه مناديا في الحكام العرب الجالسين، قائلا: “إن الكيان الصهيوني ينكل بنا ليلا ونهارا، ويمينا وشمالا، ولا يقول له أحد كفى” ـ أو كما قال ـ، ولقد وقعت الكلمة في قلبي موقع الخنجر المسموم، ولم أجد ما أعبر به عن ألمي، بعد هذه الكلمات، ثم عاد صارخا “القدس والقيامة ستهودان الحقوهما”.
ثم جلست مليا أتفكر وأتدبر في وجوه المستمعين، لا سيما وجوه المطبعين من الحكام العرب، والأمراء والملوك الذين هرولوا مؤخرا إلى دولة العدو الصهيوني، وأقاموا معهم علاقات دبلوماسية، تبادلوا خلالها السفراء والتجارات، وهي دول وآيم الله ليست في حاجة إلى دويلتهم المزعومة، ولا إلي شيكلهم الهاوي، ولا إلى أسلحتهم، فما الذي دفعهم نحو عدوهم بهذا الشكل؟.
لا حياة لمن تنادي
ثم جلست أتأمل قليلا، هل أخطأ أبو مازن حينما وجه مثل تلك العبارات في مثل هكذا موقف، ثم شعرت بالسخف من سؤالي لنفسي، فإن لم يقل أبو مازن هذا الكلام في هذا المكان وسط هؤلاء فمتى عساه أن يقول ولمن!!، ثم تدبرت كيف قامت مصر منذ عدة أشهر وسط المعاناة الاقتصادية المصرية، بمد يد العون للأشقاء في غزة، والأهم من ذلك زيارة رئيس المخابرات المصرية، والتي أعادت الهيبة للقطاع، وكيف أن الدولة المصرية أولت غزة في ظل أزمتها، بالغالي والنفيس، وهؤلاء الذين يلهون بالذهب والمليارات لهوا، لم يقدمو يد المساعدة ولو بحبة أرز تسد رمق عربي فلسطيني مقاوم عن ثغر شرفهم وعروبتهم التي تعروا منها، وكرامتهم التي باعوها مقابل التطبيع مع الصهاينة.
ثم أخذتني الحيرة والأسئلة، هل اجتمعت جامعة الدول العربية، على وجوب وقبول عضوية مثل هذه الدول المطبعة بهذا الشكل المهين مع العدو الصهيوني، واختلفت على مقعد سوريا بالجامعة، سورية التي تدافع وتنافح عن شرف العرب والعروبة، في الجولان، وتدفع فاتورة التشدد والتزمد والرجعية العربية، من خلال حربها على الإرهاب، والذي لم يترك أخضرا أو يابسا في قلب العروبة النابض ـ سوريا ـ إلا وأتى عليه!!.